أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات السياسية، الخميس، تقدير موقف سياسي لآفاق العلاقة بين الأردن وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في ضوء المتغيرات السياسية.
وتناول “تقدير الموقف”، الذي أعده الباحث في الشأن السياسي عاطف الجولاني مسار علاقة الأردن بحركة “حماس” على مدى ثلاثين عاماً، والتي تقلبت وفقا لمحددات المصالح الأردنية العليا، ودور حركة “حماس” في المشهد الفلسطيني.
وأشار “تقدير الموقف” إلى حالات “المدّ وجزر” التي اتسمت بها العلاقة ووصولها إلى “القطيعة” عام 1999 لفترة زمنية محدودة، والتغيّرات المهمة على الساحة الفلسطينية والإقليمية، خلال الشهور الأخيرة، وتزايد الدعوات داخل الأردن لإعادة النظر في سقف العلاقة مع “حماس”، ورغبة الحركة بتطوير علاقاتها مع الأردن.
واستعرض الجولاني بدء التواصل الرسمي بين الأردن و”حماس” والأردن عام 1992، في أعقاب أزمة الخليج، وممارسة الحركة نشاطها السياسي والإعلامي من الأردن، وتراجع العلاقة بعد توقيع معاهدة السلام الأردنية “الإسرائيلية” في وادي عربة عام 1994، والطلب من رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك موسى أبو مرزوق مغادرة الأردن.
وشكّلت محاولة جهاز الموساد اغتيال القيادي خالد مشعل عام 1997 على الأراضي الأردنية محطة مهمة في علاقة الأردن بـ”حماس”، عودة مقبولة للعلاقة، بعد نجاح الأردن في تأمين الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين وعدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين من السجون “الإسرائيلية”، مقابل الإفراج عن عضوَي الموساد المعتقلين في عمّان على خلفية تنفيذهما محاولة الاغتيال الفاشلة، وفقا للجولاني.
“سيف القدس”
وعرج “تقدير الموقف”، إلى تغيّر شكل العلاقة عام 1999، بعد إغلاق مقرات الحركة في عمّان، واعتقال قيادييها بتهمة مخالفة الأنظمة والتعليمات، قبل أن يتم إبعادهم إلى قطر، لتختزل علاقة الأردن بـ”حماس” في قناة تواصل أمنية محدودة.
ورأى الباحث الجولاني أن معركة “سيف القدس” فلسطينيا التي أظهرت أوزان اللاعبين الرئيسيين في الساحة الفلسطينية، وإعادة دول الإقليم تموضعها وشكل علاقاتها الثنائية، ورغبة “حماس” في تطوير العلاقة مع الأردن، أوجدت أسبابا لدى الأردن في إعادة التفكير بشكل العلاقة مع “حماس“.
وتوقع الجولاني بقاء العلاقة ضمن حالة الفتور والعلاقات المحدودة بسقفها الأمني وبعدها الإنساني والاجتماعي، دون استبعاد احتمال تطوير سقف العلاقة ونقلها إلى المستوى السياسي، مع محافظة الأردن على علاقته مع السلطة، بعيداً عن الانحياز لأي من أطراف المعادلة الفلسطينية، مستبعدا حدوث أي خلاف أو نزاع بين “حماس” والأردن على المستوى المنظور.
ولفت “تقدير الموقف” الانتباه، إلى أن موقف الأردن الداعم لمسار التسوية والمفاوضات، وربط تطور العلاقة مع “حماس” بتوجه الإدارة الأمريكية وعلاقته مع دول الإقليم والسلطة، والخشية من أثر العلاقة على السياسة المحلية، قد تقف حجر عثرة في طريق تطوير العلاقة.
وتابع الجولاني: “في حين أن مخاوف الأردن من المخططات الإسرائيلية التي تبحث عن حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، والتأييد الشعبي الواسع لحماس في الشارع الأردني، قد تؤثر إيجابًا، على توجهات الجانب الرسمي خلال الفترة القادمة“.
ورأى الجولاني ألا يذهب الجانب الرسمي الأردني بعيداً في تطوير علاقته مع “حماس” في ضوء المعيقات التي ما زال يأخذها بالحسبان على الرغم من المتغيرات المهمة التي طرأت على المشهد الفلسطيني والإقليمي.
تطوير جزئي
وبيّن أن قراءة الأردن لحجم الخسائر التي ترتبت على اختزال علاقته السياسية مع طرف واحد في الساحة الفلسطينية، سواء من جهة التعارض مع الموقف الشعبي المؤيد للانفتاح على “حماس”، أم لجهة الشعور بأن فتور العلاقة مع الحركة فوّت على الأردن فرصة تعزيز دوره الإقليمي وإمكانية لعبه دوراً سياسياً مؤثراً خلال مواجهة “سيف القدس“.
ورجّح الجولاني أن يكون سيناريو حدوث تطوير جزئي لسقف العلاقة بين الأردن و”حماس” هو السيناريو المرجّح خلال الفترة القادمة، واصفًا إياه بـ”نصف خطوة إلى الأمام تُلبّي بعض مطالب الشارع الأردني ونخبه السياسية والعشائرية، وتوفّر فرصة لتعزيز الحضور الإقليمي، وفي الوقت ذاته تُجنِّبه الحرج في العلاقة مع السلطة وإسرائيل وبعض الأطراف العربية والدولية“.
وأوصى “تقدير الموقف” بضرورة انفتاح الأردن على مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد الفلسطيني، والوقوف على مسافة واحدة من فصائل العمل الوطني، وتعزيز التعاون معها، لمواجهة المخططات “الإسرائيلية” التي تستهدف الأرض الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وللدفاع عن الأردن في مواجهة الأطماع الصهيونية وإفشال مؤامرات الترانسفير والتوطين ومشروع الوطن البديل.