على الرغم من اختلاف البيئة والظروف والميدان والوسائل، فإن مقاتلي مخيم جنين أعلنوا مؤخرا عن تشكيل “غرفة عمليات مشتركة”، على غرار تلك التي تم تشكيلها في غزة، قبل عامين تقريبا.
وكانت “كتائب القسام” و”كتائب شهداء الأقصى” و”سرايا القدس”، أعلنوا الأسبوع الماضي، تشكيل غرفة العمليات المشتركة، لتكون حاضرة في الدفاع عن مخيم جنين، بعد عملية “نفق الحرية”، مستلهمين بذلك تجربة قطاع غزة، خلال المواجهات العسكرية مع الاحتلال.
ووصف عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، خليل الحية، في تصريحات صحفية، تشكيل غرفة العمليات المشتركة بأنها “حركة ذكية“.
وقال: إن “تشكيل غرفة عمليات مشتركة للمقاومة من شهداء الأقصى، وسرايا القدس، وكتائب القسام، يؤكد أنهم في حالة استعداد واستنفار دائم، ودليل على أصالة شعبنا، وأن روح المقاومة حاضر وأن السلاح مشرع“.
تجاوز الخلافات السياسية
وقال المختص في الشؤون الأمنية، إبراهيم حبيب، لـ”قدس برس”: إن “تشكيل غرفة العمليات المشتركة يعطي مؤشرا أن وحدة البندقية هي الأساس لدى أبناء الشعب الفلسطيني، وهي التي تجمع ولا تفرق، بخلاف السياسية“.
وأضاف: “كتائب المقاومة في جنين، ألقت كل خلافاتها جانبا، لأنها تعتبر الخلافات السياسية مفرقة للحالة الفلسطينية، وأن حالة الوحدة الميدانية العسكرية هي الأساس، كون العدو المشترك للجميع واحد، يستهدف الجميع دون تفريق“.
وتابع: “هذه الصورة التي أدركها العسكريون، دفعتهم إلى تشكيل غرفة العمليات المشتركة، في ظل قرار السلطة حل الأجهزة العسكرية، وهذا تحد جديد لها لمواجهة الاحتلال وقرار السلطة، التي لا تريد أي مواجهة عسكرية“.
واعتبر “حبيب” أن “تشكيل الغرفة المشتركة سيجد تأييدا شعبيا كبيرا، لأنه يدعو إلى مواجهة الاحتلال، الذي يستبيح الأرض والإنسان في الضفة الغربية“.
وأوضح: “هذه التجربة مستلهمة من الغرفة المشتركة للمقاومة في غزة، وقد أثبتت نجاعتها، بعد خوض عدة عمليات مشتركة“.
واستدرك حبيب: “لكن البيئة السياسة في غزة حاضنة للمقاومة وداعمة لها بشكل كبير، بخلاف ما هو موجود في الضفة، ولكن وحدة الإرادة والموقف وتهديد الاحتلال باجتياح جنين، عوامل مساعد في تثبيت نجاح هذه التجربة“.
ورأى “حبيب” لأن نجاح “الغرفة المشتركة في جنين”، بالتصدي لأي عدوان، سيعطي “نموذجا يحتذى به في كل الضفة، ومؤشرا لفكرة جديدة للمقاومة في الضفة“.
حالة غضب وغليان
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أن “تشكيل الغرفة المشتركة في جنين، يأتي في إطار انسداد الأفق السياسي الذي تعيشه القضية الفلسطينية“.
وقال الدجني لـ”قس برس”: “هناك حالة غضب وغليان بسبب الانسداد السياسي وقمع الحريات في الضفة، لذلك استلهمت الفصائل تجربة غزة، وما تحقق من انتصارات في معركة سيف القدس، وشكلت الغرفة المشتركة“.
وأضاف: “إسرائيل تخشى أن ينتشر هذا النموذج ويتطور، ويصبح كابوسا يلاحقها في الضفة الغربية؛ لذلك تحاول وأده في المهد“.
وحذر “الدجني” من أن “الاحتلال يحاول إعادة الردع للضفة، بتهيئة الرأي العام الداخلي والخارجي لعملية عسكرية ضد جنين“.
وكانت صحيفة “معاريف” العبرية، نقلت عن قائد لواء “جولاني” في جيش الاحتلال “يائير فلاي” قوله: إن “المقاومة المسلحة في جنين أقوى من أي مكان آخر بالضفة، والتطورات الأخيرة مقلقة جداً لنا“.
وأضاف: “لا نعرف عدد الأسلحة بدقة لكن هناك مئات المسلحين موزعين على شكل فرق، منها ينقل تحركاتنا بدقة وبعضها يطلق الرصاص على الجيش الإسرائيلي من مركبات“.
وأكد المختص في الشأن الإسرائيلي، أيمن الرفاتي، أن “جيش الاحتلال يتخوف من تشكيل غرفة عمليات مشتركة بجنين، وإطلاق نار بشكل يومي تجاه حاجز الجلمة العسكري، بالتحول الى حالة ثورية جديدة“.
وقال الرفاتي لـ “قدس برس”: “خصائص هذه الحالة في جنين تشير لتغيير في الطبيعة الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد سلسلة من المحفزات للحالة الوطنية أبرزها وآخرها معركة سيف القدس وما قبلها من المشاهد البطولية، وليس أخيرا حادث نفق الحرية“.
وأضاف: “الخطر الذي تراه دولة الاحتلال محدقاً، يتمثل في صعود جيل جديد في الضفة الغربية، لديهم نموذج فلسطيني يحتذون به في غزة، وإرث يكتسبونه من آبائهم الذين خاضوا معركة جنين عام 2002“.
وكانت قوات الاحتلال نفذت في 11 إبريل 2002 عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، استهدفت تحديدا مخيم جنين، وما عرف آنذاك باسم عملية “السور الواقي” حيث قتل الاحتلال فيها 500 فلسطيني، في حين لقي 23 جنديا صهيونيا مصرعهم، خلال عمليات التصدي للعدوان، وتم تدمير المخيم بالكامل ومسحه هندسيا بالجرافات.