“إنها الحرب الدينية التي قد تقضى على الأخضر واليابس”، والتي حذر منها الأزهر الشريف في مصر في تقريرين حديثين حول تصاعد الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى المبارك وإمعان الاحتلال الصهيوني في التستر بالدين لتبرير جرائمه المتصاعدة.
ويقود الأزهر الشريف بمصر عملياً التضامن المستمر مع القضية الفلسطينية بشكل بارز في الفترات الأخيرة.
اقتحامات متجددة!
“احذروا.. هناك وتيرة متصاعدة من الاقتحامات الصهيونية للمسجد الاقصى المبارك تمتد حتى 28 سبتمبر الجاري”.. كانت هذه عبارات تحذير شديد اللهجة من مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف ضمن تقرير حديث رصد مستوى الاقتحامات الصهيونية.
ويقول المرصد في تقريره الذي وصل مراسل “المجتمع”:” انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تبين الخطر الذي يحدق بالأقصي، والوضع السيئ الذي وصل إليه؛ لذا يحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من زيادة وتيرة الاقتحامات الصهيونية خلال فترة الأعياد الصهيونية الجارية، والتي تمتد حتى 28 سبتمبر الجاري”.
ويطالب المرصد المجتمع الدولي ومؤسساته كافة، بضرورة الوقف الفوري للتحريض المستمر على الاقتحامات الصهيونية للأقصى، في محاولة صهيونية خبيثة لاختلاق تاريخ يهودي مزور، ومحاولة لفرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، وبسط السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك.
ويضيف أنه “ربما تحقق قفزة كبيرة في عدد المقتحمين خلال نهاية العام الميلادي الجاري، والتي ربما تتجاوز الثلاثين ألفًا؛ وهو الأمر الذي يعني أن خُطّة التقسيم الصهيوني الزماني للمسجد الأقصى تسير في خطواتٍ ثابتة نحو هدفها؛ مما يُنذِر بإشعال حربٍ دينيةٍ قد تقضي على الأخضر واليابس، وتُهَدِّد السلامَ والاستقرار العالمي”.
وبحسب التقرير الذي رصد الاقتحامات الصهيونية المتطرفة لساحات المسجد الأقصى المبارك خلال شهر أغسطس الماضي، ظهرت قفزة نوعية في عدد المقتحمين تقدر بـ 76%، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، الذي تفشى فيه وباء كورونا، ليصل عدد المقتحمين خلال هذا الشهر إلى نحو 4,239، مقارنةً بـ 2,759 مستوطنًا خلال الشهر نفسه من العام الماضي.
وكان مرصد الأزهر في تقريره خلال شهر يوليو الماضي حول الاقتحامات الصهيونية التي تتعرَّض لها ساحات المسجد الأقصى، رصد قيام 4,079 صهيونيًّا باقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة أمنية مشددة من قِبَل شرطة الاحتلال.
ويشير المرصد إلى أن الشهر المُنصرم شهد عددا من الأنشطة الصهيونية المتزايدة من قبل جماعات ومنظمات الهيكل المزعوم، أبرزها كان اقتحام عدد من الحاخامات الجدد والمستوطنين لساحات الأقصى لأول مرة في حياتهم، وزيادة عدد ساعات الاقتحامات، والسماح لهم بإقامة الصلوات التلمودية علنا، ونشرها عبر وسائل الإعلام، بالإضافة إلى توفير دروس توراتية داخل ساحات الأقصى للمقتحمين، وإقامة معسكر صيفي منتظم للأطفال؛ مما ترتب عليه شعور المستوطنين الصهاينة بتحسن وضعهم داخل الأقصى، وفرض سياسة الأمر الواقع الجديد؛ الأمر الذي أدي إلى تصاعد نسبة المقتحمين.
ويتهم مرصد الأزهر حكومة الكيان الصهيوني بـ ” تسهيل الاقتحامات وتوفير الحماية الكاملة للمستوطنين، وهو الأمر الذي قالت منظمات الهيكل إنه السبب الرئيس في تزايد أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى؛ حيث بات المستوطنون يشعرون بتحسن وضعهم بشكل كبير داخل الأقصى، والسماح لهم بإقامة الصلوات علنًا، ونشرها في وسائل الإعلام”.
وفي الـ 12 من أغسطس الماضي، أجرى الحاخام المتطرف “يهودا جليك”، لقاءً صحفيًا في ساحات الأقصى، تناول فيه روايات مزيفة حول الهيكل المزعوم.
وأنشد المغنى الصهيوني “يائير ليفي”، المزمور رقم (121) عند درجات البائكة الغربية الشمالية؛ وهو نشيد يزعم المستوطنون أنّه كان يقام عند درجات المعبد المزعوم في بداية شهر “إيلول” العـبري علاوة على رفع صور للهيكل المزعوم داخل باحات الأقصى، والتقاط الصور التذكارية.
وعلى صعيد الإجراءات الحكومية، قامت سلطات الاحتلال، في الـ 29 من أغسطس الماضي، بالبدء في ترميم جسر المغاربة الخشبي المؤدي إلى باب المغاربة، استجابة لمطالب منظمات الهيكل؛ ليُتيح لقوات الاحتلال والمستوطنين استباحة الأقصى المبارك من هذا الباب، الذي يحتفظ الاحتلال بمفتاحه منذ احتلال مدينة القدس عام 1967م.
واعتبر مرصد الأزهر مثل هذه الاجراءات في باب المغاربة، تعدي سافر على سلطات “دائرة الأوقاف الإسلامية”، واستمرار لمخططات التهويد التي تساعد على مزيد من التواجد الصهيوني داخل باحات الأقصى المبارك.
استغلالات دينية!
وفي تقرير حديث لوحدة الرصد باللغة العبرية بالمرصد، وثقت الوحدة مضامين الحرب الدينية التي يشنها الكيان الصهيوني باستخدام مفاهيم دينية خاطئة.
وقال التقرير الذي وصل مراسل “المجتمع”: إن الاسماء التي يطلقها الكيان الصهيوني على اعتداءاته وعملياته الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني ليست مسألة اعتباطية عابرة، وإنما يكون لمعظمها معان ودلالات توراتية صريحة تنعكس ذهنيًّا في الصورة التي يكونها المتلقي عن الأحداث. ولا يخفى على أحد حرص الكيان الصهيوني منذ احتلال الأراضي الفلسطينية على التسربل برداء الدين”.
وضرب التقرير مثالا بأحد العمليات الإرهابية التي شنتها القوات الصهيونية على الفلسطينيين وهي عملية “حارس الأسوار” ذات الاسم التوراتي، والتي جاءت بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الصهيونية التي تدعى “توحيد القدس” تحت وطأة الاحتلال الصهيوني.
وأوضح التقرير أن تلك العملية “حملت اسمًا دينيًّا صريحًا؛ وهو مأخوذ من توراتهم، حيث يظهر أصل هذا الاسم في نبوءة إشعيا الشهيرة، تحديدًا في الإصحاح الثاني والستين، الفقرة 6-7”.
وأشار مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن ثمة دائرة في قوات الاحتلال الصهيونية هي المنوطة باختيار أسماء العمليات الصهيونية، تُسمى بـ “الدائرة المعنويَّة”، أو دائرة “الحرب النفسيَّة”، من مهامها اختيار الاسم الذي سيتم إطلاقه على أية عملية عسكرية ضد الفلسطينيين، أيًّا كان سقفها الزمني، وتستلهم الدائرة “ج” عادةً من نصوص في التوراة.
ولفت تقرير المرصد الانتباه إلى أسماء مثل عملية “عمود السحاب”، التي ترمز لسير “يهوه” رب اليهود وسط شعبه وحمايته لهم، وقيادته في جميع رحلاتهم فكان “يهوه” يسير أمامهم نهارًا وليلًا في صورة عمود سحاب بعد خروجهم من مصر ليهديهم إلى الطريق الموصلة إلى أرض فلسطين كما جاء في زعم [سفر الخروج، الإصحاح 33، الفقرة 9].
وفي المقابل أشاد التقرير بحرص المقاومة الفلسطينية في معاركها الدفاعية عن أرض فلسطين مع الاحتلال الصهيوني على إطلاق أسماء مستوحاة معظمها من الآيات القرآنية، مثل “الفرقان”، و”حجارة السجيل”، و”العصف المأكول”، وهذا أمر طبيعي ومُتوقع، نظرًا إلى العقيدة الإسلامية للمقاومة الفلسطينية.
غضب “الطيب”
وكان فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حذر قبل يومين من استمرار التصعيد الصهيوني ضد الفلسطينيين.
وقال في تصريحات غاضبة: “إن القضية الفلسطينية هي قضية الأزهر والمسلمين الأولى، وسيظل نضال شعبها العربي المرابط على أرضنا العربية الطاهرة ومقدسات الأمة مصدر فخر وعز وإلهام في كيفية النضال ضد المحتل الغاشم، وسيظل الإرهاب الصهيوني دليلًا دامغًا على اختلال قيم ومعايير المجتمع الدولي في التعامل مع قضايا الشعوب”.