قال موقع “ميديا بارت” (Mediapart) الفرنسي: إن برنامج مارين لوبان المرشحة اليمينية المتطرفة للرئاسة الفرنسية يكشف عن جهاز مذهل لقمع المسلمين تحت غطاء محاربة ما تسمى “الإسلاموية”، مما يمكن أن يصل تأثيره بالتعدي إلى جميع الأقليات الدينية، بما فيها اليهودية.
وتساءلت الكاتبة لو سيراه في تقريرها للموقع: كيف ستبدو حياة ملايين المسلمين إذا وصلت مارين لوبان إلى الإليزيه؟ هل ستكون كابوسا؟ لترد بأن الإجابة واضحة بالنسبة لحزب ظل طوال نصف قرن من الزمن يخوف الناس ببعبع يسمى طغيان الأجانب و”المحمديين” على فرنسا.
ومع ذلك -يقول الموقع- لم يُطرح هذا الأمر بشكل ملموس كما هو مطروح اليوم، في وقت أصبحت فيه المرشحة اليمينية المتطرفة على أبواب السلطة.
ويقول مراد غزلي الناشط السابق في حزب الرئيس الراحل جاك شيراك في فيديو نشر بعد الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية “أنا لا تخيفني الشقراء لأنها لا يمكن أن تفعل أي شيء أسوأ من الرئيس إيمانويل ماكرون“.
وهذا الشعور -كما تقول الكاتبة- الذي يتقاسمه البعض تجاه الطبيعة غير المسيئة لمرشحة حزب التجمع الوطني سببه الإستراتيجية التي تبنتها ابنة جان ماري لوبان في حملتها عندما هذبت لغة برنامجها، بحيث لا تجد في الكتيبات التي نشرتها كلمات مثل “حلال” ولا “شريعة” ولا “بوركيني” ولا “برقع” ولا “مسجد”، ما عدا ذكر “الحجاب الإسلامي” في حديثها عن المدرسة.
والحقيقة -كما ترى الكاتبة- أنه لم يتغير شيء لدى مارين لوبان فيما يتعلق بقمع الإسلام، خاصة أن امتناعها عن التصويت على قانون الانفصالية في عام 2021 سببه أنها وجدت النص يفتقر إلى “الشجاعة”، إذ كانت تقترح وقتها مشروع قانون مضاد أكثر صرامة “يهدف إلى محاربة الأيديولوجيات الإسلامية“.
حظر الحجاب
وفي بداية الحملة صدرت عن حزب التجمع الوطني تصريحات غامضة حول حظر القبعة اليهودية الذي قالت مارين لوبان إنه تضحية صغيرة مطلوبة من اليهود، إلا أن عضو الحزب المتطرف جوردان بارديلا قال إن اليهود “يمكنهم ارتداؤها”، لأن حظر الحجاب ليس على أساس العلمانية، بل على أساس الأيديولوجية الإسلامية”، وهو ما عبرت عنه لوبان قبل أيام قليلة على قناة “آر تي إل” (RTL).
ويقول تقرير الموقع الفرنسي إن مناهضة الحجاب ونحوه من قبل مارين لوبان ليست نابعة من العلمانية ولا الحركة النسوية، بل هي موقف “حضاري“.
وعلى خطا والدها الذي أسس ما عرفت بفكرة “مشكلة المسلمين على أرض مسيحية” فإنها لا تعتبر الإسلام دينا بل أيديولوجيا غازية، وبالتالي فهي ترى “الحجاب زي أيديولوجية لا زي دين“.
ويضيف التقرير أنه بنفس المنطق يتم حظر الحلال؛ بحيث يجعل البرنامج “طقوس الذبح بدون الصعق المسبق ممنوعة”، وبذلك ستحظر لوبان الذبح على الطريقتين الإسلامية واليهودية في حال نجاحها.
عوامل الانقسام
ويقول تقرير ميديا بارت إن المرشحة اليمينية تعتبر “كل ما يحمل في داخله عوامل انقسام رئيسية أو تهديدات خطيرة لوحدة الأمة وما يثير الشكوك حول الولاء لفرنسا والانصياع لقوانينها” أيديولوجية إسلامية.
وتخطط مارين لوبان أيضا -حسب الكاتبة- لتعديل قانون العقوبات لإدراج “عقوبة الإهانة الوطنية” بالحرمان من الحق في التصويت والأهلية وحظر التعبير العلني ونحوه على مرتكبي الجرائم المتعلقة “بالأيديولوجية الإسلامية”، حتى إن هناك مادة تنص على إسقاط الجنسية للأسباب نفسها.
وبحسب الكاتبة، فإنه مع توافر هذه الأدوات الإضافية ستعمل ابنة جان ماري لوبان من أجل إغلاق أماكن العبادة، وحل المؤسسات التي تم إطلاقها خلال ولاية ماكرون؛ ما يوسع مجال الجمعيات المستهدفة، فهل سيطال الأمر مثلا مسجد باريس الممول من قبل الحكومة الجزائرية؟
وختمت الكاتبة بأن حرية الصحافة ستتعرض للهجوم هي الأخرى، لأن مارين لوبان تدرس من بين إجراءات قمعية أخرى إغلاق أي وسيلة إعلام “تظهر أي تساهل مع “الأيديولوجيات الإسلامية” وذلك بجرة قلم من وزير الداخلية، فهل ستغلق السلطات أي صحيفة تنشر مقالات عن مصير المحجبات أو تتحدث عن حل جمعية؟