ما أجمل أن تُجمع قدسية أعظم عقد في الإسلام ألا وهو عقد الزواج الذي وصفه الله تعالى في كتابه العزيز بأنه ميثاق غليظ بقدسية المكان في المسجد الأقصى المبارك، لتعطي دلالة واضحة لا شك فيها بأن كل شيء في القدس مرابط مقاوم للمحتل بكافة الأشكال والوسائل.
فالمسجد الأقصى المبارك جاء ليكون شاهداً على بناء أسرة جديدة تُنجب جيلاً بعد جيل يحافظ على عقيدته، ويحمي قدسه بأنفاسه الزكية ودمائه الطاهرة، بدون خوف يرده من الحفاظ على حقه رغم عنجهية الاحتلال “الإسرائيلي” وآلياته المتطورة واعتقالاته الظالمة؛ الأمر الذي جعل المقدسيين يجعلون من “الأقصى” نقطة الانطلاقة لبناء حياتهم الزوجية المرابطة والمقاومة في وجه الاحتلال.
وهذه الفكرة وجدت ترحيباً وتشجيعاً كبيراً من قبل الأزواج، التي جاءت عبر سنوات عديدة تناقلها جيل بعد جيل في الرباط المقدسي، وتواصل صمودها رغم محاولات الاحتلال منعها.
ومن الأفراح المقدسية التي اعتلت بها التهاني، قبل يومين من المسجد الأقصى رغم الأحداث المتتالية من الاقتحامات والاعتقالات، كانت للعريس جمال أبو خضير وعروسه براءة اللذين اتفقا مع عائلتهما على أن تكون بداية حياتهما الأسرية موثقة ببركة المسجد الأقصى المبارك.
وتبين العروسة براءة دويك (24 عاماً) التي تزينت بثوب التطريز الفلاحي ذي اللون الأبيض الذي مزجته بالخيوط الحمراء، وتوجت رأسها بإكليل الورد الأحمر أنها ارتبطت بالمسجد الأقصى منذ طفولتها؛ حيث كانت من رواده باستمرار للصلاة والدعاء فيه، خاصة أنها تجد فيه الأمن والأمان لقلبها واطمئنان نفسها؛ الأمر الذي جعل أمنيتها أن يوثق عقد زواجها مع شريك حياتها في أحضان هذا المكان المقدس.
وتقول، في حديثها لـ”المجتمع”: أردتُ أن أبدأ حياتي الأسرية بعهدٍ وميثاقٍ طويل، من مكانٍ ارتبطت به ارتباطاً روحانياً، لتشتدّ أواصر الوعود به؛ لأبني عائلةً وجيلاً منه؛ ليعودَ إليه.
وتتابع بحديثها: رباطُنا متعدد الأشكال بفرحِه وحُزنه؛ فنحنُ نقاومُ بالحجر، ونقاومُ أيضاً ببناءِ الأجيالِ التي تحمي الوطن وأماكننا المقدسة من أيدي الطغاة والجبابرة؛ فهو رباطٌ، يُبرهن لهم أنّنا باقون هنا، جيلاً بعد جيل، وأنّ هذا المسجد الأقصى من حقّنا.