تعتبر جوافة قلقيلية من أهم دعائم الاقتصاد في المحافظة المحاصرة، وهي تمثل صموداً أسطورياً للمزارعين في أرضهم المعزولة خلف الجدار، وتشكل شهرة عالمية لمدينة قلقيلية.
وقلقيلية تعتبر المحافظة الوحيدة التي تُزرع فيها شجرة الجوافة بالضفة الغربية، فمناخها ومياهها المستخرجة من الآبار الارتوازية من مقومات زراعتها والاشتهار بها، وتصديرها للخارج في الأسواق العربية عن طريق معبر الكرامة.
البوابات الزراعية التي أقامها الاحتلال بعد إقامة الجدار العنصري عزل أكثر من 20 ألف دونم زراعي خلفه، تتحكم بعملية نقل ثمار الجوافة من خلف الجدار إلى السوق المحلية، وتبقى هذه الثمار التي يجنيها المزارع مبكراً حبيسة قوانين البوابات الزراعية والعاملين عليها؛ مما يؤثر على سعرها بسبب تأخر وصولها إلى السوق المحلية.
المزارع حسام عبدالله، من قلقيلية (62 عاماً)، يتحدث عن عذابات المزارعين أثناء نقل ثمار الجوافة عبر البوابة الزراعية والمعروفة ببوابة حبلة قائلاً: نذهب إلى قطف الثمار مبكراً حتى تصل إلى السوق في بداية فتح باب البيع من قبل التجار، وعندما تتأخر يذهب التجار ولا نجد من يشتريها، وتذهب بأسعار زهيدة، فسعر كرتونة الجوافة داخل الحسبة يعتمد على الوقت الذي تصل فيه الحسبة، فمن ساعة إلى أخرى يختلف السعر بشكل كبير جداً، وحراس البوابة الزراعية في بعض الأحيان يتأخرون عن فتح البوابة لمدة تزيد على الساعة، وما أن تتحرك الشاحنة التي تنقل البضاعة وتصل إلى السوق يكون الوقت متأخراً، ويتم ضرب السعر مباشرة بفعل هذه السياسة المزاجية للجنود.
وأضاف: نذهب كمزارعين عند ساعات الفجر الأولى ونبقى ننتظر قرارات حراس البوابة لفتحها، ومن يعترض منا يتم إغلاق البوابة على الفور بشكل انتقامي واستفزازي، فهذا قدرنا أن نبقى خلف الجدار نواجه كل الصعوبات، فخلف الجدار كل شيء فيه صعوبة سواء عند الدخول والخروج أو وجود الخنازير البرية المتوحشة.
وأضاف المزارع عبدالله: في هذا العام تأخر موسم الجوافة بسبب الأحوال الجوية، وكنا نقطف الثمار في الأول من أغسطس، بينما اليوم ونحن في منتصف سبتمبر ما زلنا ننتظر نزول الموسم، فقبل أيام قطفنا 25 كرتونة، بينما في الأعوام السابقة كنا نقطف في هذا التاريخ المئات من كراتين الجوافة، ولصعوبة نقل ثمار الجوافة من داخل الجدار إلى خارجه بسبب التكلفة العالية من قبل المركبات اتجهنا كمزارعين لبيع الثمار إلى تجار من الداخل الفلسطيني يأتون إلى الحقول لشراء الثمار، وهذا يوفر علينا مصاريف النقل ومعاناة البوابات الزراعية.
مدير دائرة الزراعة في محافظة قلقيلية م. أحمد عيد قال: البوابات الزراعية تخنق كل المحاصيل، ومن ضمنها ثمار الجوافة التي لا تتحمل التأخير، فبعض أصناف الثمار تتحمل التأخير، أما ثمار الجوافة فهي مرتبطة بزمن وصولها إلى الحسبة، والشمس والحرارة العالية تؤثر عليها، فهي فاكهة حساسة جداً، والمزارع يحرص على قطف ثمارها مبكراً كي تباع مبكراً، ومواعيد البوابات الزراعية وإجراءاتها الأمنية تنال من هذا المنتج الوطني في محافظة قلقيلية، والمتوقع هذا العام أن يكون الإنتاج 12 ألف طن، ومعظمها مزروع خلف الجدار العنصري، ويحتاج المزارع إلى تصاريح أمنية للدخول إليها والالتزام بمواعيد البوابات الأمنية ذهاباً وإياباً، وكل تأخير متعمد من قبل جنود البوابات يدفع ثمنه المزارع الذي ينتظر طوال العام هذا الموسم من أجل تعويض النفقات الباهظة التي تم صرفها على شجرة الجوافة.
وأضاف م. عيد: صمود المزارعين خلف الجدار أسطوري بامتياز، فهم يغامرون بأموالهم وأوقاتهم من أجل تثبيت أرضهم من خلال زراعتها وتحمل الإجراءات الأمنية، وشجرة الجوافة من الأشجار التي تساهم في صمود وثبات المزارعين، وعملية التأخير لثمارها على البوابات سياسة متعمدة هدفها ضرب هذا الصمود والثبات الأسطوري.
أما المزارع أحمد زيد يقول: المزارعون ينفقون على شجرة الجوافة ويتحملون تكاليف عالية جداً، وعند بدء الموسم يصطدمون بعدة عوائق منها البوابات الزراعية وأخرى متعلقة بالتصدير إلى الخارج، فمعوقات البوابات الزراعية سببها الاحتلال ومزاجيته، بينما عملية التصدير لها علاقة بقوانين، لذا فنحن كتجار وكمزارعين أيضاً نطالب بحماية ثمرة الجوافة من الاحتلال وإجراءاته من خلال تسهيل عملية تصديرها.