أكد كتَّاب ومحللون سياسيون فلسطينيون أن الاحتلال “الإسرائيلي” أمام خيارات صعبة في مواجهة تصاعد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها إمكانية شن عملية عسكرية واسعة.
وأشار المحللون، في أحاديث منفصلة، إلى أن هناك عدة عوامل محلية وإقليمية ودولية تتحكم في إمكانية شن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية لمواجهة اتساع رقعة المقاومة، وذلك لعدم ضمان نتائج هذه المغامرة.
فمن جهته، استبعد الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض إقدام دولة الاحتلال على شن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، لعدم ضمان نتائجها، وبسبب إجراء الانتخابات “الإسرائيلية” بعد أقل من شهر من الآن.
وقال عوض: إن “إسرائيل” لن تغامر في هذا الخيار، لأنه خيار مكلف جدًا على كل المستويات؛ الدولية، والإقليمية، والفلسطينية.
وأضاف أن “إسرائيل” لا تعرف نتائج العدوان الواسع على الضفة الغربية، ولا حجم الخسائر والانتقادات المتوقعة محليًا ودوليًا، والجبهات التي ستفتح عليها.
وبيّن أن انهيار السلطة الفلسطينية واحد من هذه الجبهات، وهذا ما يمنع “إسرائيل” من الذهاب لخيار العدوان الشامل على شعبنا في الضفة الغربية.
ورأى عوض أن الاحتلال سيبقي على الحصار والاعتداءات المتكررة، ومحاولة إنهاك المواطنين والمقاومة، لافتًا إلى أن الاحتلال يعتقد أن ذلك أنجع من فكرة العملية العسكرية الواسعة.
وشدد على أن “إسرائيل” تعيش فشلاً أمنيًا، مستدركًا أن هذا الفشل تجسد في عدم نجاح عدة عمليات عسكرية “إسرائيلية” في الضفة التي حملت أسماء: “كاسر الأمواج”، و”جز العشب”، و”طنجرة الضغط”.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي أن تصاعد المقاومة في الضفة سيكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات “الإسرائيلية”.
وأوضح أن الجمهور “الإسرائيلي” يعتقد أن حكومة يائير لابيد الحالية فشلت في حمايته، وأن المستوطنين يحاولون الضغط على الحكومة لحمايتهم، وتسخير الجيش لخدمتهم من أجل الانتخابات القادمة.
على النقيض، رأى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصبّاح أن الاحتلال بات مجبرًا على السير في اتجاه شن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، رغبة منه في مواصلة الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
وأردف الصبّاح أن الاحتلال أمام مفرق طرق خطير، وهو الانتخابات، والصراعات “الإسرائيلية” الدائرة بين معسكري اليمين واليمين المتطرف.
وبيّن أن كلاً من المعسكرين يحاول استخدام الأوراق الرابحة التي بيده.
وأضاف: بِيَد معسكر (زعيم المعارضة ورئيس وزراء الاحتلال الأسبق) بنيامين نتنياهو ورقة الهزيمة التي مُنيت بها حكومة لبيد في تقسيم الحدود مع لبنان، حيث يحاول فضح هذه الاتفاقية، وتقديمها على أنها هزيمة لمعسكر لبيد أمام المقاومة في لبنان.
واستدرك قائلاً: إن ما يمتلكه لبيد لتعويض هذا الفشل هو شن حرب شاملة على الشعب الفلسطيني، بإعادة دوره كقاتل للفلسطينيين، واستبدال جالونات الغاز بجالونات الدم الفلسطيني.
وتابع: في الحالتين، فإن جميعهم يريدون إدارة المعركة الانتخابية على حساب الدم الفلسطيني، مضيفًا: جمعهم معنيون بذلك؛ لأنهم يتصارعون على أصوات اليمين فقط، فلا يوجد في دولة الاحتلال غير اليمين واليمين المتطرف.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي أن الكلمة العليا في نتائج الانتخابات “الإسرائيلية” ستكون للمقاومة الفلسطينية، وهي من سيقرر شكل الهزيمة القادمة لأي من المعسكرَين.
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص في الشأن “الإسرائيلي”، عمر جعارة، أن دولة الاحتلال لا يمكنها اجتياح الضفة الغربية بشكل كامل دون أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار جعارة إلى أن الاحتلال سيواصل سياسة التوغل في مناطق بعينها، دون الدخول إلى المناطق المصنفة “أ” حسب اتفاقية أوسلو.
يذكر أن اتفاقية “أوسلو” الثانية (1995) صنفت أراضي الضفة إلى ثلاث مناطق؛ هي: “أ” وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” وتخضع لسيطرة أمنية “إسرائيلية”، ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” وتخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية “إسرائيلية”، وتشكل الأخيرة نحو 60% من مساحة الضفة.
ورأى جعارة أن الاجتياح الكامل للضفة الغربية غير وارد لدى الاحتلال، مستدركًا: لكن من المتوقع اجتياح مدينة نابلس وبلدتها القديمة (شمال الضفة) التي تعتبر معقل مجموعات “عرين الأسود” العسكرية.
وأضاف: لا يمكن أن يتم الاجتياح إلا عسكريًا، فكل أبواب المدينة مغلقة، وإن كان الدخول إليها سهلاً فالخروج منها صعب.
ولفت إلى أن الاحتلال يسعى لعدم تكرار ما حدث خلال معركة “سيف القدس” (عدوان الاحتلال على غزة في مايو 2021)، حيث توحد كل الفلسطينيين في الداخل والخارج خلف المقاومة الفلسطينية.
وختامًا؛ رجّح المختص في الشأن “الإسرائيلي” أن يقوم لبيد بتنفيذ عملية عسكرية محدودة في الضفة الغربية، ليظهره الإعلام “الإسرائيلي” بالمنتصر، حتى تزداد شعبيته في الانتخابات القادمة.
يشار إلى أن مدينة نابلس وبلداتها وقراها تتعرض لحصار مشدد يفرضه عليها جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، منذ الأربعاء الماضي، بفعل تصاعد عمليات المقاومة في المدينة ومحيطها، التي يتهم مجموعات “عرين الأسود” بتنفيذها.
و”عرين الأسود” مجموعات مقاومة فلسطينية، نشطت في مدينة نابلس ومحيطها، ردًا على الجرائم المتصاعدة للاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين، وأراضيهم، وممتلكاتهم، التي تتعرض لاعتداءات شبه يومية.
كما تشهد الضفة الغربية والقدس المحتلتان تصاعدًا في عمليات المقاومة؛ ردًا على الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة بحق الفلسطينيين.