مرت على الإنسانية حقب عديدة، وسميت كل فترة من هذه الفترات أحياناً بما اشتهرت به من إنتاج صناعي أو فني أو علمي؛ مثل عصر الثورة الصناعية، وعصور الموجات، والتلكس، والسلكي واللاسلكي، والطباعة، إلى أن وصلنا إلى عصر الذرة.
أما زماننا هذا فنستطيع أن نطلق عليه زمن الشمولية المعرفية، أو الانتشار الشمولي، ونعني بالشمولية عصر الاكتشافات والمعرفة شبه الشاملة، المعرفة التي لا يخفى على الصغير ولا الكبير من علومها شيء؛ بل حتى الأمي يعلم أحياناً كثيرة مثل المتعلم، وفي بعض الأحيان حتى غير المتخصص يعلم عن هذا العلم أو ذاك الشيء الكثير، فهذا عصر الإعلام والاتصالات والتواصل.
واليوم، ومع بروز الثورة العلمية والإعلامية ووسائل التواصل الحديثة، فهي لا تترك ما هو مجهول للناس، بل نجاحها يعتمد على أن يعلم الجميع كل شيء، وكلما زادت المعرفة والتفاصيل زادت النجاحات في نشر المعلومة.
إن علم هذا الزمن الذي نحن فيه علم إظهار المكنون والخبايا لكل راغب فيه من علم ومعرفة، فما يرغب بمعرفته متوفر بين يديه وبسهولة.
قدمت هذه المقدمة محاولاً من خلالها أبين أهمية القصة التي أريد أن أذكرها، وربطها مع ما تقوم به دولة قطر الشقيقة في بطولة كأس العالم، وأيضاً واقعنا الذي نعايشه.
القصة حصلت في أوائل الثمانينيات، لا أذكر بدقة إلا أنها حدثت بين عامي 1982 – 1984.
حيث كان هناك تجمع رياضي عالمي أولمبي في أمريكا، وكانت الأحداث تُنقل لأول مرة عن طريق الأقمار الصناعية، المهم أن هناك حدثاً إعلامياً لأول مرة يحصل بهذا الشكل.
دخلت على أستاذي في الإذاعة بمكتبه وهو الأستاذ محمد العفيفي، رحمه الله تعالى، فوجدته شارداً، سلمت عليه، فرد السلام ونظر إليَّ وقال: هل رأيت يا ابني ماذا يحدث؟
قلت له: ماذا؟
قال: هذا الحدث الذي يتم نقله.
قلت: ما به هذا الحدث؟
قال: هذا العلم سيتطور سريعاً بشكل أكثر مما تتصوره يا ابني، حيث اختزال 10 سنوات في سنة واحدة، وهذه تطور علمي هائل؛ “عارف ليه يا ابني؟”.
قلت: لماذا؟
قال: لأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء!
طبعاً أنا لم أفهم مقصده، واستغربت من طبيعة ربطه ولم أفهمه، فقلت له: لم أفهم!
فقال: هذا العلم سيتطور يا ابني؛ لأن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، والله تعالى عادل، ومن خلال هذا العلم لن يستطيع بعدها أحد أن ينكر أمام الله تعالى يوم الوقوف بين يديه ويدعي أنه لم يسمع بمحمد صلى الله عليه وسلم أو دين الإسلام الدين الخاتم، وستكون المعلومة مبذولة للجميع وأسهل مما نتصور “زي شربة المية”؛ لأن الله عادل لا يحاسب إلا بالعدل، والعدل يقول: إن هذا العلم سيتطور أكبر وأكثر وأسرع مما نتصور، وسيتطور تطوراً خيالياً، وحينها الكل يعلم الإسلام والدين الخاتم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، حينها سيكون الحصول على المعلومة أسهل وأسرع مما نتصور، وسيكون هذا العلم هو الحجة والبرهان على العالمين، وعلى كل من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به.
هذا بُعد النظر عند العلماء وأهل الإعلام، رحم الله تعالى أستاذنا الفاضل محمد العفيفي وأسكنه فسيح جناته.