يقدم الأكاديمي الفلسطيني الراحل، أستاذ علم الاجتماع، د. جواد فطاير، في كتابه عن «الإدمان»، رؤية علمية حول مرض الإدمان، وأنواعه، ومراحله، وطرق علاجه.
ويتألف الكتاب من خمسة فصول، الأول: ما الإدمان؟ والثاني: مراحل الإدمان- أداة تشخيص، والثالث: البنية الاجتماعية للإدمان، والرابع: العلاج، والخامس: الشفاء من الإدمان.
ويرى فطاير أن الإدمان من أشد اهتمامات العامة، كون السلوك الإدماني يتخطى الحدود مما هو طبيعي ومقبول ثقافياً، كما أنه يكسر حدود ما هو صحي ومقبول اجتماعياً ومجرم قانونياً.
ووفق المؤلف، فإن الإدمان يشمل جميع الفئات من طلاب المدارس والجامعات والشباب وكبار السن وربات المنازل، مهما كان نوع المادة أو العادة التي يدمن عليها الإنسان، سواء كانت مخدرات، وكحول، أو مُقامرة وغيرها من المواد والعادات القابلة للإدمان.
ويحذر المؤلف من أن الإدمان يخترق جميع العلاقات الاجتماعية، ويجعل المدمن فاقدًا الرغبة في التعامل مع أي شيء ومائلاً للانعزال والاكتئاب، والإصابة بالأمراض النفسية.
ويحاول الكتاب تقديم نظرة عن قرب للمدمن، والعالم الداخلي الخاص به من منظور اجتماعي ثقافي، مع استعراض القواعد النظرية للسلوك الإدماني سواء تعريفه أو مفاهيمه، أو تطوره وأسبابه، أو اتجاهات العلاج وأسس الشفاء منه.
ويكتسب الكتاب، الصادر عام 2001، أهمية كبيرة، كونه احتوى على نتائج دراسات ميدانية شملت أكثر من ألف عينة، منهم من كان تحت المراقبة القانونية لأحكام مرتبطة بشرب الخمر أو تعاطي المخدرات.
الحالات المدروسة التي سلط الكتاب الضوء عليها، شملت إدمان مخدرات، وإدمان جنس، وحالات قمار، وإدمان إنترنت، وتناولها الكاتب عبر زيارات في السجون، ومكاتب المراقبة، ومراكز العلاج، والمنازل.
ويبحث المؤلف في سمات المدمن، وطبيعته الشخصية، والنتائج المدمرة للإدمان التي تظهر في شتى مناحي الحياة، وكذلك أنواع الإدمان، وتأثيراتها النفسية والجسمانية، وكذلك آثارها الاجتماعية والاقتصادية.
ويقول فطاير: إن الطبيعة النفسية للمدمن، وظروفه الاجتماعية، والضغوط المحيطة به، والعلاقات الشخصية، كل هذه العوامل تؤثر على انتقال المدمن من حالة إلى أخرى أكثر تطوراً.
وتكمن قوة الكتاب الذي يحتوي على 279 صفحة، في الجمع بين الخبرة النظرية والعملية، من خلال تجارب المؤلف، واحتكاكه بعالم المدمنين فعلياً، والظواهر التي طرأت عليهم من انزلاقهم إلى السرقة، وعالم الجريمة، والعنف.
ويقدم المؤلف خلاصة تجربته وخبراته في الإطار الذي طوره للعلاج وهو «كاسكو» العلاج الإدراكي العاطفي السلوكي، مستخدماً الكثير من الأدوات العلاجية، والنماذج النظرية، كالنظرية الإدراكية، والتعلم الاجتماعي، وعلم نفس الحوافز، والدراما الاجتماعية، والعلاج المتعدد، والعلاج الأسري والعلاج الروحي.
ويعد الكتاب إضافة ثرية للمكتبة العربية في الإدمان والسلوك الإدماني، وهو يزود المدمن وأسرته والمتخصصين بدليل واع في فهم المدمن ورصد طبيعة إدمانه، وطريقة علاجه.