بدأت في الهند حالياً سلسلة أفلام جديدة تستهدف المسلمين مباشرة وتسعى لتشويه سمعتهم ونشر الكراهية ضدهم بين عامة الهندوس، وكل ذلك تحت رعاية الحكومة الهندية بدعاية مكثفة من جانب المنظمات الهندوسية المتطرفة.
كانت هناك أفلام عديدة عرضت صورة سيئة للمسلمين خلال بعض أحداثها في السابق، ولكنها لم تستهدف المسلمين مباشرة، وتغيرت الحال في السنوات الأخيرة بعد وصول ناريندرا مودي إلى سدة الحكم راكباً على كراهية المسلمين، فتوجه بعض المخرجين والمنتجين -الذين يميلون إلى أيديولوجية «هندوتفا» المعادية للإسلام- إلى إنتاج أفلام تستهدف المسلمين مباشرة وتدور حولهم لتأجيج الكراهية ضدهم بين عامة الهندوس.
وقد ساعدتهم الحكومة عن طريق إعفاء هذه الأفلام من الضرائب، وإطلاق حملة دعائية لها، وقد ساهم الساسة الكبار وحتى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بنفسه في الدعاية لهذه الأفلام من منصات المؤتمرات السياسية والحملات الانتخابية وفي خطبه على شاشة التلفزيون.
ملفات كشمير
كان فيلم «كشمير فايلز» أو «ملفات كشمير» الذي تم إصداره في مارس 2022م أول فيلم من هذا النوع، وأثار جدلاً كبيراً في الإعلام الهندي ومنصات التواصل، وسعى مخرج هذا الفيلم إلى أن يستغل قضية طبقة «كشميري بنديت» ليصوغها صياغة طائفية بطريقة خاطئة تخدم أغراض الحكومة لتأجيج الكراهية ضد المسلمين.
وكانت هناك دعاية مكثفة من جانب مؤيدي «الهندوتفا» لصالح هذا الفيلم وشهرته ونشره، وقد ساهم في هذه الدعاية للفيلم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بنفسه عندما قال: «كانت هناك محاولات لإخفاء الحقيقة عن الأمة لفترة طويلة جداً، ويجب إصدار أفلام مثل «كشمير فايلز» لإبراز الحقيقة أمام الناس»، وكذلك وزير الشؤون الداخلية الهندي أميت شاه، والساسة الآخرون الذين ينتمون إلى حزبه، وتم إعفاؤه من الضرائب في الولايات الهندية التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا.
كان هذا الفيلم من إخراج وويك أغنيهوتري الذي عُرف سابقاً لإنتاج الأفلام القصيرة، وكان من مؤيدي ناريندرا مودي، وكذلك عدد من ممثلي هذا الفيلم مثل أنوبام كهير وغيره معروفون بعدائهم للإسلام والمسلمين.
ونتيجة لكل هذا، حقق هذا الفيلم نجاحاً ملحوظاً في دور السينما الهندية رغم الانتقادات الفنية لهذا العمل.
ذي كيرالا استوري
تبعه فيلم آخر بعنوان «ذي كيرالا استوري» أو قصة كيرالا، وهذا الفيلم يتناول قضية مفروضة افترضتها المنظمات الهندوسية المتطرفة وتسميها «جهاد الحب»، والجهاد عندها شيء مبغوض للغاية، تدعي هذه المنظمات بأن هناك شباناً مسلمين يوقعون الفتيات الهندوسيات في حبال حبهم ثم يدفعونهن إلى التهلكة، وفي الحقيقة بالعكس صحيح، فهذه المنظمات تعمل بشكل منظم لاستهداف الفتيات المسلمات بطرق مختلفة وتدفعهن إلى ترك الإسلام والتحول إلى الهندوسية من خلال الزواج من الشبان الهندوس.
وهذا الفيلم من بطولة أدا شرما، ومن إخراج ويبول أمريتلال شاه، يروي قصة 3 فتيات هندوسيات التي يقعن في حب شبان مسلمين ويعتنقن الإسلام ثم يُجبرن على الانضمام إلى «داعش»، ومغادرة البلاد، ويعانين أنواعاً من الظلم والقهر والتعذيب.
وليس هذا فحسب، بل ادعى المخرج بأن حوالي 3 آلاف فتاة أُجبرن على اعتناق الإسلام، والانضمام إلى «داعش»، وكل هذا بناء على نظرية المؤامرة للمنظمات الهندوسية المتطرفة، وفي مقدمتها «آر إس إس»، وعندما سُئل المخرج عن الوثائق لإثبات دعواه لم يتمكن من ذلك.
أحرز هذا الفيلم نجاحاً كبيراً على المسارح الهندية بعد دعاية مكثفة من المنظمات المتطرفة، وقد أشاد بهذا الفيلم رئيس الوزراء الهندي مودي؛ إذ قال: «هذا الفيلم يكشف مؤامرة إرهابية وحقيقة إرهابية قبيحة»، وكذلك الساسة الكبار من حزبه فهو يخدم أغراضهم وأهدافهم لنشر الكراهية ضد المسلمين، ولذلك تم إعفاء هذا الفيلم من الضرائب في الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا؛ أي حزب رئيس الوزراء الهندي الحالي، وفي جانب آخر نقد رئيس وزراء ولاية كيرالا هذا الفيلم نقداً لاذعاً، واعتبره حملة دعاية ضد ولايته وضد المسلمين.
أجمير 92
هناك فيلم آخر بعنوان «أجمير 92»، وقد تم إصدار إعلان تشويقي له حالياً في أكثر من 10 لغات، وسيتم إصدار هذا الفيلم في الشهر القادم (يوليو 2023)، وهذا الفيلم مقتبس من فضيحة حدثت في مدينة أجمير في عام 1992م، وحسب التقارير كانت هناك سلسلة من حوادث الاغتصاب الجماعي والابتزاز.
مدينة أجمير شهيرة في أنحاء الهند لمقبرة الخواجة معين الدين الجستي الذي مارس دوراً كبيراً في نشر الإسلام في منطقة راجستهان، ودُفن في مدينة أجمير في نفس المنطقة في عام 1236م.
واختار المخرج هذه الفضيحة؛ إذ وجد رجلاً مسلماً ينتمي إلى أسرة خدام المقبرة المعروفة ملوثاً فيها، ووجد في تلوثه تبريراً لنشر الكراهية ضد المسلمين بوجه عام، ولتشويه سمعة هذه المقبرة على وجه الخصوص، التي يزورها المسلمون والهندوس على السواء من مختلف أنحاء البلاد.
72 حوراً
وهناك فيلم قد أثار الكثير من الثرثرة بعنوان «72 حوراً»، وهو من إخراج بوران سينغ، وهو هندوسي متطرف، وقد تم إطلاق أول إعلان تشويقي رسمي للفيلم خلال يونيو الجاري.
وهذا الفيلم عبارة عن عقيدة المسلمين الشائعة حسب مخرج الفيلم بأن من استشهد في سبيل الله سيحصل على 72 حورية في الجنة، ويعرض هذا الفيلم كيف يتحول الشبان المسلمون إلى إرهابيين كما يظن المخرج ويروج لذلك.
وقد تم إطلاق الإعلان التشويقي لهذا الفيلم في 10 لغات بما فيها لغة الهندي، واللغة الإنجليزية، ولغات ولايات جنوب الهند لتصل رسالة الفيلم إلى كل قطر من أقطار الهند.
وما عدا هذه الأفلام الشهيرة التي شغلت منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية الهندية، وقنوات «يوتيوب»، هناك عدد كبير من الأفلام القصيرة التي تملأ الإنترنت، وتستهدف المسلمين مباشرة، وكل ذلك تمهيداً للإبادة الجماعية للمسلمين في داخل أرض الهند؛ إذ تحلم المنظمات المتطرفة الهندوسية، وفي مقدمتها «آر إس إس» أن تكون الهند خالية من المسلمين تماماً، تتمنى أن تفعل مع المسلمين كما فعل أجدادهم مع أتباع الديانة البوذية في السابق قبل دخول المسلمين، فتعتبر منارات مساجد المسلمين رماحاً غُرست في صدر الأراضي الهندية ولا بد من اقتلاعها.