اعتبر نواب أن برنامج عمل الحكومة غير متكامل، ولا يخدم التوجه العام للدولة بتصحيح المسار، منتقدين غياب قوانين الإصلاح السياسي، والإصرار على الدين العام المرفوض نيابيا، وعدم تضمين ما يتعلق بتحسين معيشة المواطنين ضمن أولويات البرنامج.
وأكد النواب خلال مناقشة برنامج عمل الحكومة في مجلس الأمة اليوم الثلاثاء أن البرنامج إنشائي ويستعرض أمنيات من دون تحديد آلية ومدة تنفيذ على أرض الواقع، مشددين على أهمية تعديل بعض النقاط وفقا لما ورد في الملاحظات النيابية ليكون البرنامج واقعيا وقابلا للتطبيق.
الكويت مركز مالي
من ناحيته، قال نائب رئيس مجلس الأمة محمد المطير إن الحكومة يسجل لها أنها أتت ببرنامج عملها خلال هذه الفترة وبعد خوضنا للانتخابات، موضحا أن البرنامج به أشياء جيدة وأشياء صعب تطبيقها ولكن ببعض التغيرات يمكن أن يكون واقعيا، وتساءل المطير منذ أكثر من 20 سنة تكرر الحكومة البند المتعلق بتحويل الكويت إلى مركز مالي فكيف تحولونها في ظل أن كثيرا من دول المنطقة سبقونا في هذا المجال، كيف توفر وتهيئ ما حققته دول المنطقة لكي يأتي إليك المستثمرون هنا، تحتاج أن تتميز وتتخصص، بتحويل الكويت إلى مركز مالي إسلامي، وأوضح أن العمل على التحول إلى مركز مالي إسلامي يستقطب الشركات الكبيرة ليكون لها مراكز للتمويل الإسلامي وتكون الكويت محطة للتجارة الإسلامية، وبالتالي يكون العنوان قابلا للتطبيق، مؤكدا أهمية استقطاب الكفاءات، وأكد المطير أهمية وضع إصلاح القضاء كأولوية، مضيفا “لن يكون هناك مركز مالي إسلامي ناجح من دون إصلاح القضاء مطالبا الحكومة أن تنتبه لهذا الأمر”.
واعتبر النائب شعيب المويزري أن البرنامج يعكس حالة من عدم التوازن ويركز على خصخصة جميع القطاعات ولم يراعِ المتقاعدين ولا الحالة المعيشية، ولا يوجد به أي قوانين للإصلاح السياسي لتعديل المسار سواء للجرائم الإلكترونية أو المحكمة الدستورية، وقال المويزري إن الكويت مقبلة على عجز كهربائي شديد والحل الحكومي هو التوجه إلى الخصخصة وتسليم كل الخدمات إلى مجموعة من التجار، وهذه هي المشكلة الرئيسة، مؤكدا رفضه سيطرة وهيمنة مجموعة (إقطاعيين) على البلد، وأوضح أن حجم المصروفات مليارية ومستوى الخدمات في جميع القطاعات في أسوأ مراحله، مضيفا ” نحن لسنا في عداوة ولكن نعمل للوطن، وهذا برنامج هزيل”.
البرنامج والرؤية
من ناحيته، اعتبر النائب د. حسن جوهر أن البرنامج والرؤية التي يطرحها لا تتناسب مع متطلبات الحالة السياسية خلال الـ10 سنوات الماضية، ولا مع مخرجات الانتخابات، ولا يملك آلية لوضع هذه الأفكار على خارطة التنفيذ، مؤكدا أنها ليست البداية المأمولة، وانتقد جوهر اعتماد البرنامج في عصب تنفيذه المالي على الدَين العام وزيادة الرسوم، بدولة تملك أكبر صندوق سيادي في العالم، وتجاهله الحريات العامة معتبرا أن قضية مدارس الأفق ستزيد من الظلم الذي تعرض له أهل الكويت في تجربتهم مع المدارس الخاصة.
وقال النائب عبدالله المضف إن البرنامج يتضمن مشاريع مطاطة ومبهمة ويخلو من المعايير الواضحة والمدد الواقعية والمبالغ المرصودة، وعدد الوظائف الموجودة، معتبرا أن أهم عوامل البرنامج وركائزه المحور المالي والمحور التعليمي إلا أن وزيري المحورين استقالا، وهناك أكثر من 140 منصبا قياديا شاغرا في وزارات الدولة، وأضاف إن موضوع الدَين العام لا يصلح كوسيلة لمعالجة ميزانية مرهقة، لأنه سيزيد من أعبائها، متسائلا عن نسبة الأرباح التي تاخذها البنوك وكيفية السداد، وما الضمانة عندما تستقيل الحكومة وتأتي حكومة أخرى تتصرف بالدَين العام بطريقة مغايرة؟
الدين العام
وقال النائب حمد المدلج إن البرنامج عبارة عن دخول في استثمارات، ومشروعه الاقتصادي به تضارب بعدم ربط الصندوق السيادي بالدَين العام، وعدم تحديد أوجه الصرف فيه وعائده على الميزانية وكيفية السداد، وطرح المدلج تساؤلات بشأن تطبيق الحكومة الضريبة على الشركات في ظل غياب أي رقابة حقيقية على الأسعار، وتحرك الحكومة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأضاف “لن تستطيع الحكومة تنفيذ هذا البرنامج إلا من خلال قيادات شابة عن طريق مراسيم بتعيين الكفاءات، ويجب أن تكون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة نصيب في هذا البرنامج”.
وأعرب النائب حمد العليان عن شكره للحكومة على هذا العمل المقدر والجهد المبذول، مضيفا ” نحن أتينا للتعاون والتعاون لا يمنع من قول بعض الملاحظات”، وتساءل العليان عن مصير البرنامج ولدينا وزيران مستقيلان والوزير المسؤول والدولة تدار كلها بالتكليف وما مصير تماسك الحكومة عند تنفيذ هذا البرنامج، وقال “هذا البرنامج منح ملفات خلافية أولوية وهي تسعير الخدمات والدَين العام في السنة الأولى، وغابت عنه قضايا الإصلاح السياسي والقضاء وملفات الحريات والعفو وإعادة الجناسي ، والتطوير الإداري، مطالبا بسحب البرنامج ويعاد تقديمه من جديد”.
جسر الثقة المفقود لعقود
وأكد النائب حمد المطر أن الحكومة في تطبيقها للمادة (98) أن تقدم برنامجا فهذا شيء مقدر، والشعب يريد الإنجاز، وأساس التعاون مبني على الإنجاز، وأساس الإنجاز هو من السلطة التنفيذية، معتبرا أن “هذا البرنامج هو جسر الثقة المفقود لعقود بين الشعب وبرنامج عمل الحكومة الذي لا يطبق لسبب أو لآخر”، وقال المطر إن ” البرنامج يحتاج إلى منفذين والكويت كلها بالوكالة، والتوظيف هو المحور الحقيقي الكويت لا يستوعب العدد الحقيقي للمتعلمين”، مضيفا إن “البرنامج لا يتحدث عن معاقين ولا متقاعدين ولا تعليم”.
بدوره، قال النائب خالد محمد المونس إن البرنامج انحرف بالمسار بدلا من تعديله فتجاهل الإصلاحات السياسية التي هي حجر الأساس لأي إصلاح شامل، مشددا على “عدم القبول بتاتا تحت أي ذريعة المساس بجيب المواطن أو رفع الرسوم على المواطنين”، وأضاف إن ” إصلاح النظام الانتخابي لا يمكن حصره في مفوضية الانتخابات فقط بل ينبغي إصلاح النظام الانتخابي، كما تأخرت إعادة تسعير أملاك الدولة، الدَين العام لا توجد له دراسة جدوى، والضرائب على الشركات لا توجد ضمانات بعدم مساسها بالمواطن في الأخير”.
قانون الصكوك الحكومية الإسلامية
وأبدى النائب أسامة الشاهين تحفظات شرعية على قانون الدين العام، مشيرا إلى رفضه تكبيل الدولة بمديونيات مع وجود بديل شرعي وهو قانون الصكوك الحكومية الإسلامية وهو أشبه بالاكتتاب في الأسهم وبه ربحية وبعد الربح تستعيد الدولة مرفقها العام وهذا بديل شرعي، وقال إن البرنامج تضمن خطة طموحة تشمل 5 محاور و 107 مشاريع لأربع سنوات ولكن من يتابع الإنجاز فالوزراء غارقون في اليوميات، وبين أن مشاريع مثل المدينة الترفيهية ورغم أنه مشروع صغير لكنه مهم في ظل أن الكويت أصبحت دولة طاردة ننتظر العطل حتى نخرج للترفيه، وهو مشروع طال انتظاره، مشيدا بوجود مشروع حكومي لضبط رسوم الخدمات حفظا لميزانية المواطن.
وقال النائب عبدالكريم الكندري “أنصح رئيس الحكومة بترتيب حكومته، وتعديل برنامج العمل، وإنهاء حالة الشلل في الجهاز التنفيذي بالدولة فاستقالة الوزراء مسؤوليته وهي مسألة لها تأثير على أداء الحكومة”، واعتبر أن برنامج العمل إنشائي يعني مجموعة من الجمل الجميلة وتنظير جميل وهو أقرب إلى برنامج أكاديمي وأمنيات لكن ليس علميا، منتقدا تركيز البرنامج على الجزء المتعلق بالدَين العام والضرائب، وتساءل ” أين القضاء على البطالة؟ أين تحسين الأجور؟ أين زيادة الموظفين؟ أين زيادة رواتب المتقاعدين؟ أين إصلاح الجهاز الحكومي المترهل والجهاز القضائي؟ أين محاربة الفساد؟، مؤكدا أن “أي شيء يضر المواطن لن يمر”.
القيادات بالتكليف
وأكد النائب سعود العصفور صعوبة تنفيذ القوانين في ظل الوضع المتردي للمؤسسات الحكومية، مضيفا “من المؤسف أن نقبل البرنامج ولكن لا نستطيع أن نمنح الثقة أو نحجبها عنها عند فشلها في التنفيذ”، واعتبر أن ” البرنامج الحالي هو برنامج وزارة المالية، بينما تضمن البرنامج الماضي محاور في الإصلاح السياسي والاجتماعي والمحور الأمني”، لافتا إلى أن محور الرعاية الصحية يحتاج إلى مشروع وطني واضح لتطويره.
وشكر النائب عبدالله فهاد التزام الحكومة بالمادة (98) معتبرا أنها بادرة لجدية الحكومة للتعاون أمام المجلس، طارحا تساؤلات عدة بشأن تحسين الحياة المعيشية للمواطنين واستيعاب مخرجات التعليم والذي يعد أحد أهم أساسيات قبول البرنامج، وأضاف فهاد “بالنسبة الخصخصة ما الطريقة التي سوف تطرحها الحكومة، ولا يجعلنا أمام خصخصة مستترة وشبهة رفع رسوم الخدمات ما يؤدي إلى رفع مستوى التضخم”، مشيرا إلى أن البرنامج لم يتطرق إلى تعديل التركيبة السكانية ضمن رؤية 2035 ، وما يتعلق بتعظيم الإيرادات غير النفطية، وأكد أن الحديث عن إقرار الدَين العام لا يمكن قبل وقف الهدر والفساد في مؤسسات الدولة، مطالبا بأهمية معالجة أزمة فراغ المناصب القيادية وتعمد إقصاء كثير من القياديين بسبب جناسيهم.
معالجة التركيبة السكانية
وقال النائب مرزوق الغانم إن البرنامج عبارة عن أمنيات وأحلام وتمنيات يتمناها كل شخص ويفتقر إلى الآليات، وأغلب المشاريع ليس بها جدول زمني، وتساءل ” كيف تستقر المالية العامة إذا هيئة الاستثمار ذهبت إلى وزير آخر، يخضع لرقابة وزارة المالية يراقب وزير النفط فمن يحكم فيهما الآخر؟”، مضيفا ” يفترض الفيصل هو رئيس الوزراء”، وقال الغانم إن البرنامج تكلم عن التعليم ووزير التعليم استقال، ولم تتقدم الحكومة بقوانين بشكل مباشر فيما يتعلق بقضية البدون، وتساءل “ما وضع الاحتياطي العام للدولة، وهل هناك سيولة؟ وإذا لم يمر الدَين العام ما الآلية التي سوف تسدد بها؟ وأين الربط مع قانون خطة التنمية 1986 والذي قدمه منفردا العم حمد الجوعان، هذا الأمر ليس موجودا في البرنامج مجرد ذكر عابر”.
الإصلاح السياسي والحفاظ على منظومة القيم
وأكد النائب د. عادل الدمخي أن رؤية برنامج العمل لن تتحقق إلا بتنسيق نيابي حكومي وهو موجود، والإجماع الموجود سوف يمرر ما هو في صالح الشعب، مشيرا إلى ضرورة الإصلاح السياسي والحفاظ على منظومة القيم والأخلاق، وشدد على ضرورة أن تكون هناك محاسبة حقيقية للمتسببين في تبديد أموال الشعب الكويتي واسترجاعها، مشيرا إلى أنه ” تم حرق أكثر من 200 مليار دولار فائض في الميزانية خلال آخر 10 سنوات، فهل تمت المحاسبة؟”، وتساءل الدمخي “في إحصائية الإدارة المركزية للإحصائية من 2017 إلى 2023 ارتفاع قياسي للمستهلك (التضخم) أين الدور الحكومي في رقابة تضخم الأسعار؟ أين برنامجها العملي في هذا الأمر؟”.
توافق حكومي – نيابي
وقال النائب فلاح الهاجري إن البرنامج هو تأزيم حكومي حيث تقدم قوانين ليس عليها توافق حكومي – نيابي، وتركز على الدَين العام والضرائب، وخلوه من معالجة التضخم وضبط الأسعار، والإصلاحات السياسية بكل صورها من ملف العفو والجناسي ورد الاعتبار وقانون المسيء، وانتقد الهاجري تجاهل تنويع مصادر الدخل، وتحسين مستوى معيشة المواطن الذي يئن في حياته اليومية، ومشروع الغارمين الذي تتبناه وزارة الشؤون، و قضية الحقوق المدنية والاجتماعية للبدون، وهي قضية أمن اجتماعي وأخلاقي.
وأشار النائب د. عبدالعزيز الصقعبي إلى وجود ملاحظات كثيرة على البرنامج وفيه الكثير من المشاكل، متسائلا “مَن سيقوم بتنفيذ هذا البرنامج على أرض الواقع، مَن سينفذ المحور الأول إذا كان وزير المالية ما زال بالتكليف؟ مَن سينفذ المحور الثاني والثالث والرابع وهناك أماكن في كل جهات الدولة شاغرة؟”، وأكد أهمية قانون تعيين القياديين لمعالجة هذه المشكلات، حيث يُلزم الحكومة بتقييم قيادييها كل سنة، مضيفا إنه ” لا يجوز أن يكون عندنا برنامج عمل وليس لدينا أدوات لقياس نجاح هذا البرنامج وتنفيذ مشاريعه”، وتساءل “مَن سينفذ قانون المدن الإسكانية؟ هل هناك قيادات وكفاءات فاهمة على موضوع المستثمر الأجنبي والشأن الهندسي الوارد في قانون المدن؟”.
طموحات الشعب الكويتي
واستغرب النائب بدر نشمي عدم رد الوزراء على ملاحظات النواب ، مؤكدا أنه “لا يلبي طموحات الشعب الكويتي وقوانين تحسين معيشة المواطن غير موجودة في البرنامج”، وقال “يد التعاون ممدودة وإذا قصرت الحكومة في المشاريع فسيقوم النواب بالمحاسبة، ومن أهمها التعليم والتوظيف”، مشددا على أن ” المشاريع التي سوف تضر المواطنين لن تمر في قاعة عبدالله السالم، ولا حصانة لأحد وهذه رسالة يجب أن تصل إلى الجميع”.
وأعرب النائب عبدالله الأنبعي عن تمنيه أن يكون الطموح وآليات العلاج لمشاكل البلاد أعلى من ذلك وأن تكون الحلول أكثر منطقية وواقعية، مؤكدا عدم واقعية بعض الملفات مثل السكك الحديدية، وأوضح أن ملف الرواتب بقيمة 14 ملياردينار بحاجة حقيقية إلى معالجة هذا الملف، معتبرا أن تكويت القطاع الخاص ضرورة ملحة لتخفيض الميزانية العامة من حيث الرواتب، وأكد أهمية خلق بيئة خصبة في القطاع الخاص وفرض عقوبات على عدم توظيف الكويتيين في القطاع الخاص حتى يقل العبء في الميزانية وهنا نستطيع زيادة الرواتب.
ملاحظات النواب
وتعقيبا على ملاحظات النواب قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عيسى الكندري إن الحكومة استمعت بكل عناية وحرص لمداخلات النواب حول برنامج العمل، مؤكدا أن “هذه الملاحظات ستكون محل اعتبار تأكيدا لما قاله سمو رئيس مجلس الوزراء “، وطالب النواب بموافاة الحكومة بملاحظاتهم مكتوبة وبشكل رسمي من المجلس “لتتعامل معها بإيجابية وفق أحكام الدستور”.
من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزير المالية بالوكالة د. سعد البراك أن جميع ملاحظات النواب هي ” تصويب وثراء للبرنامج الحكومي”، مطالبا بمد فترة الرد على الملاحظات إلى أكثر من أسبوع.
المصدر: الدستور