وسط ما يتعرض له سكان غزة من هجوم همجي تستخدم فيه أحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً، تقتل وتصيب وتدمر بلا رحمة، لا يحاول الكيان الصهيوني القضاء على أهل غزة فقط، بل هدفه الأكبر القضاء على القضية الفلسطينية في نفوس العرب والمسلمين وتحديداً الأطفال منهم بتشويه صورة المقاومة ووصمها بالإرهاب.
بحسب خبراء في التربية وعلم الاجتماع والسياسة تحدثت إليهم «المجتمع»، أكدوا أن المدرسة حائط الصد الأول والأهم لحماية ذاكرة أطفالنا، إلى جانب بعض الخطوات التي يجب القيام بها فوراً للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي والمحتوى الذي يتعرض له الأطفال والشباب.
قادة المستقبل
ترى أستاذة مناهج علم الاجتماع في جامعة عين شمس، د. عزة فتحي، أهمية الالتفات إلى الحرب التي يمارسها الاحتلال ويعاونه الغرب في القضاء على القضية الفلسطينية، و«الأقصى» المبارك، لافتة إلى أن الغرب يستخدم كل أسلحته في ذلك، مستهدفاً ميدانياً الأطفال؛ لأنهم قادة المستقبل، وإعلامياً كذلك، فإذا نجح في التأثير عليهم كسب المعركة بالفعل.
من الضروري تعليق خريطة فلسطين في الفصول الدراسية
أما الخبير التربوي التونسي حسن بن حميد، فيرى ضرورة التركيز على دراسة القضية الفلسطينية للطلاب في المدارس العربية باعتبارها قضية العرب والمسلمين، وأن «الأقصى» يجب حمايته من الاحتلال الصهيوني الذي يدنسه، قائلاً: هؤلاء الأطفال سيخرج من بينهم يوماً من يحرر أقصانا الأسير.
وأشار إلى ضرورة تعليق خريطة فلسطين في المدارس ليتعرف الأطفال عليها ويحفظونها كما يحفظون خرائط بلدانهم، والحديث مع الأطفال بشكل يومي عن القضية الفلسطينية والأقصى.
ويؤكد الباحث السياسي الفلسطيني ماهر صافي أن أطفالنا في الدول العربية يحتاجون إلى رعاية خاصة في موضوع القضية الفلسطينية، وأن تكون هناك إرشادات تخرج من المؤسسة الرئاسية في كل الدول العربية لشعوبهم للتوعية الذهنية بشأن هذه القضية.
ويضيف أن على وزارات التعليم في الدول العربية تعديل مناهجها لتكون القضية الفلسطينية لها الدور الأول، التي أهمها أن «الأقصى» لنا مهما طال الزمن.
مضيفاً: صحيح القضية الفلسطينية متضمنة داخل المناهج في الدول العربية، ولكن يجب تزويدها بنشر خريطة فلسطين التاريخية، وتعريف أطفالنا بأن هذه أراض محتلة وتفاصيل الغزوات والحروب ضد اليهود.
تدريس الغزوات والحروب وتاريخ العرب والمسلمين مع اليهود
ذاكرة التاريخ
وتشدد د. عزة فتحي على ضرورة تنشيط ذاكرة أطفالنا بشكل مستمر، وأن يكون ذلك من خلال المناهج التعليمية بشكل أساسي، وأضافت: يجب إنعاش ذاكرة أطفالنا وشبابنا من خلال دراسة التاريخ وموضوعات القراءة والتعبير التي يحب أن يكون بها موضوع القضية الفلسطينية، وأيضاً من خلال الجغرافيا ورسم خريطة فلسطين وتداولها على نطاق واسع.
وترى أيضاً ضرورة التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية كلها عن طريق تداول فيديوهات عن القضية الفلسطينية وأطفال الحجارة لإنعاش ذاكرة أطفالنا، وهو ما يتفق معه الباحث السياسي وائل مجدي الذي يؤكد أنه بات من الضروري الآن على الدول العربية، إعادة ربط الأطفال مجددًا بقضية فلسطين، عبر وسائل عدة؛ من بينها تضمين موضوعات رئيسة عن «الأقصى» والقدس وفلسطين في مواد التربية الوطنية، وإعادة إنتاج مواد درامية وبرامج تلفزيونية وإذاعية، وحتى أفلام الرسوم المتحركة، من أجل خلق جيل واعٍ يحافظ على قضيته ويرتبط بها، دون أن يتأثر بالمحاولات الغربية لطمس هذه الهوية.
إنتاج مواد درامية وسينمائية وبرامج تلفزيونية عن «الأقصى»
ويضيف مجدي أن هناك ما يعرف في الإعلام بنظرية ترتيب الأولويات (الأجندة)، حيث تسعى المجتمعات الغربية عبر آلة الإعلام الضخمة التي تحركها بإشغال العرب عن قضاياهم الرئيسة بأخرى ثانوية لم تكن يومًا في اهتمامهم، بيد أن الأطفال (لا سيما المراهقين وهم من ضمن فئات الطفولة)، هم الأكثر عرضة لهذه المحاولات.
ويستعد مجدي لمناقشة أطروحة الدكتوراة الخاصة به التي جاءت بعنوان «الاستقطاب السياسي في المواقع الإلكترونية الإسرائيلية الناطقة بالعربية وعلاقته باتجاهات المراهقين العرب نحو الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية»، وأشار إلى أن من بين الأجندات التي يحاول الإعلام العبري والدولي فرضها على العالم العربي وخاصة الأطفال والمراهقين تتعلق في مجملها بترويج لفكرة السلام مع «إسرائيل»، ورفض المقاومة وشيطنتها، وهو ما يراه مجدي خطراً كبيراً حول ارتباطهم بالهوية العربية وبالقضية الفلسطينية و«الأقصى» باعتبارها القضية الرئيسة.