يعد الحوار فناً من فنون المعاملات اليومية بين الناس، لا يجيده الجميع، وله قواعده وآدابه وأساليبه، حتى يكون مثمراً وإيجابياً، وقادراً على حل المشكلات وعلاج الأزمات.
ويضرب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل في كيفية إدارة الحوار عبر الإقناع، حينما حاور الشاب الذي جاءه يستأذنه في الزنى، فلم يعنفه أو يوبخه أو يهدده بالعذاب في الدنيا والآخرة.
وحينما نهره الصحابة وقالوا: مه! يعني ماذا تقول؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوه، قربوه»، وقرَّبَه حتى جلس بين يديه، وبدأ معه حواراً لاستمالة العقل وإراحة القلب، فقال له: «أترضاه لأمك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: «وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لابنتك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: «وكذلك الناس لا يرضونه لبناتهم، أترضاه لأختك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: «وكذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم»، وذكر العمة والخالة.. كل ذلك يقول: لا والله، جعلني الله فداك، والنبي صلوات الله عليه وسلامه يقول له: «وكذلك الناس لا يرضونه لعماتهم وخالاتهم..»، ثم وضع النبي يده على صدر الشاب ودعا له: «اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحصن فرجه»؛ فكان لا يجد في قلبه هذه الشهوة بعد ذلك.
من هنا، تبدو قواعد وضوابط الحوار، وأساليب الإقناع، عند محاورة طفلك، أو غيره من الناس، وهي تتضمن ما يلي:
1- احترام المشاعر، وعدم الاستهزاء بالرأي الآخر، أو وجهة النظر المخالفة لك، وهو ما بدا في احترام رسولنا الكريم لهذا الشباب، دون النيل من شخصه أو إهانته.
2- حسن الإصغاء، وعدم مقاطعته، وإظهار الاهتمام لما يقول حتى لو كان ينطوي على مخالفة شرعية.
3- المحاورة بهدوء وحكمة، وعدم الانجرار إلى الغضب، أو العنف اللفظي، أو إبداء نظرات الاحتقار والازدراء نحوه.
4- مراعاة المستوى بشأن من تحاوره، ومحاولة النزول إليه بما يتناسب مع عمره وخبرته في الحياة، دون تعال أو تكبر.
5- حسن تقدير الأمور دون تهويل أو تهوين، ومراعاة احتمال الخطأ والزلل، والنظر إلى صغر سنه، أو فوران شهوته، كما فعل رسولنا الكريم.
6- تجنب أسلوب التحقيق وكثرة السؤال عن الخبايا، أو محاولة انتزاع اعترافات منه، هل فعلت كذا وكذا؟
7- الإقناع بالحكمة والموعظة الحسنة، وتقويم الخطأ بأسلوب راق وطريقة لينة.
8- مخاطبة العقل والقلب معاً، وهو ما اعتمد عليه الرسول الكريم في مخاطبة الشباب، فلم يذكره بالآيات القرآنية الواردة في تحريم الزنى مثلاً، بل خاطب عقله وقلبه.
9- بناء جسور الثقة والود بينك وبينه، حتى تكون قبلة له لطلب النصيحة، والمشورة عند تعرضه لأي مأزق.
10- الدعاء له بالتوفيق والتيسير، وأن يرزقه الله الخير والفلاح والصلاح في الدنيا والآخرة، وهو أمر محبب للنفس، وتطيب له القلوب.