أسقطت معركة «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر الماضي، مبررات ومسوغات الدول العربية التي طبَّعت علاقاتها مع دولة الاحتلال بأنها لخدمة القضية الفلسطينية ووقف تغول الاحتلال على الشعب الفلسطيني ومقدراته.
وقال المنسق العام لـ«الحملة العالمية لمقاطعة الاحتلال وداعميه» أنس إبراهيم: أسقطت «7 أكتوبر» التطبيع سقوطاً مدوياً، كما أفرغت كل المسوغات والتبريرات والدوافع والادعاءات الداعية للتطبيع.
مبررات المطبعين
واستعرض إبراهيم، في حديثه لـ«المجتمع»، 4 مسارات ونقاط رئيسة لهذا السقوط.
وقال: جميع الدول المطبعة كانت تبرر تطبيعها في أنه لخدمة القضية الفلسطينية وتسهيل الأمور المعيشية للشعب الفلسطيني، فما كان من هذه الدول المطبعة إلا أنها كانت أول الخاذلين لفلسطين وقضيتها ولم تستطع تقديم أي عون يذكر أو موقف سياسي يستطيع أن ينهي الحرب المجنونة أو إيقاف قتل المدنيين أو إدخال المساعدات.
وأضاف إبراهيم: جميع الدول المطبعة كانت تسوغ تطبيعها مع الكيان الصهيوني بأنه دولة قوية متقدمة تكنولوجياً وثقافياً وعسكرياً وأمنياً، ويجب التعامل معها كأمر واقع، فأظهر جنود المقاومة الذين لا يتجاوزون ألفي مقاتل في 7 أكتوبر أن الكيان الصهيوني نمر من ورق، وهو كيان هش استطاع ثلة من الشباب قتل وأسر المئات من جنود نخبتهم.
واعتبر إبراهيم أن المبرر الأساسي للتطبيع الذي يدعيه اللاهثون وراء سراب التطبيع أن الكيان الصهيوني يعيش في المنطقة منذ أكثر من 70 عاماً، ويدعون أنه دولة طبيعية وتصلح أن تكون جارة؛ فأظهر الكيان الصهيوني عنجهية واضحة في التعامل مع المطبعين، وكذلك قتل وتدمير وتشريد وإجرام لا إنساني لا يمكن لأي دولة طبيعية أن تكون بهذا العنف والإجرام.
وزاد: أظهر الكيان الصهيوني حالة من التنصل من القوانين الدولية وحقوق الإنسان بشكل لا يمكن تصديقه، لذا سقطت كل المسوغات والمبررات التي ساقها المطبعون، ولا نجد لهم توصيفاً إلا أنهم شركاء للاحتلال في إجرامه.
من جهته، شدد الباحث والكاتب الأردني المختص بالشؤون العربية وغرب آسيا حازم عياد، على أن معركة «طوفان الأقصى» كشفت زيف مبررات الدول العربية الموقعة على الاتفاقات «الإبراهيمية» التطبيعية بأنها الوسيلة الممكنة لدعم الشعب الفلسطيني عبر اشتراط تأجيل الإعلان عن ضم أجزاء من الضفة الغربية مناطق «سي» وغور الأردن للكيان المحتل.
وقال عياد لـ«المجتمع»: الادعاء بأن التطبيع وسيلة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني ادعاء استخدم من قبل بُعيد اتفاقتي «كامب ديفيد» و«وادي عربة» باعتبارهما حققتا إعادة الأراضي المحتلة ووضعتا حداً للأطماع الصهيونية في الأردن وفلسطين.
وأضاف: كشفت عملية «طوفان الأقصى» زيف هذا الادعاء، حيث لم تتمكن هذه الدول المطبعة بفتح المعابر البرية لإغاثة قطاع غزة أو في منع وردع الاحتلال عن استهداف المدنيين والبنى التحتية والمنشآت الحيوية كالمدارس والمستشفيات.
وأكد عياد أن الاحتلال استخدم التطبيع كغطاء لجرائمه من خلال المناورات السياسية، والادعاء بأن هذه الدول متعاطفة ومتعاونة معه، وأنه يتعاون معها لتقديم الدعم الإنساني.
وقال: لم تفلح جهود هذه الدول في الإغاثة أو التهديدات بقطع العلاقات وتقييدها في رفع المعاناة عن الفلسطينيين أو وقف العدوان عليهم.
وأضاف: بعد مرور أكثر من 5 أشهر من الحرب على غزة، تحولت الدول المطبعة لأداة يراهن عليها الاحتلال لتمرير مشاريعه السياسية في قطاع غزة والضغط على المقاومة الفلسطينية.
وشدد عياد على أن الحرب على غزة كشفت عن خطط الاحتلال في ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر وصحراء سيناء، والتهديد بترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية؛ ما يعني ضحالة الادعاء بأن الاتفاقات والتطبيق مع الاحتلال حد من خطورته وقيّد حركته.
وأشار إلى أن الاحتلال ضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات والالتزامات الإنسانية، وحوّل الاتفاقات لوسيلة لعزل الفلسطينيين ومحاصرتهم وإبادتهم على مرأى ومسمع من الدول العربية المطبعة.
وأوضح عياد أن الدول المطبعة قيدت نفسها باتفاقات كان المستفيد منها الاحتلال «الإسرائيلي» الذي استفرد بالفلسطينيين واخترق الأمن القومي العربي وشتت الجهد الجماعي والموحد للدول العربية عبر التزامات واتفاقات ثنائية مع الدول العربية.
ضربة لدول التطبيع
وشدد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي على أن حرب غزة أفشلت بشكل صادم مشروع قطار التطبيع في المنطقة، وهذا شكل ضربة لدول التطبيع ولـ«إسرائيل» أيضاً خاصة أن التطبيع هو المشروع الإستراتيجي لنتنياهو منذ دخوله الوزارة في عام 1996م.
وقال الكومي لـ«المجتمع»: حرب غزة سحبت كل الذرائع من دول التطبيع لإقامة علاقات مع كيان ارتكبت حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني وفضحت نواياه لتصفية القضية وحسم الصراع.
وأضاف: كذلك كشفت الحرب على غزة أن اتفاقات التطبيع لن تجلب الأمن للدول المطبعة، ولن تدافع عن مصالحها، في ظل أن مصالح الكيان فوق كل مصالحهم في المنطقة.
وشدد على أن ما تعرضت له غزة من عدوان أظهر أن اتفاقات التطبيع هي لحماية الكيان وتأمين مستقبله، بمعنى أنها اتفاقات أمنية خدماتية وليس لها أي معان أخرى، وهذا بالتأكيد على حساب أمن واستقرار الدول العربية المطبعة.
وتابع الكومي أن حرب غزة كشفت ضعف الأنظمة الرسمية في تقدير التحولات الجارية والتوازنات الجديدة في أعقاب 7 أكتوبر وما بعده، مشيراً إلى أنه بدلاً أن تتجه العواصم العربية لإجراء مراجعات تذهب الى الغوص في وحل التطبيع.