من الوارد أن يخوض الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، تجربة الزواج الثاني بعد الطلاق، محملاً بمخاوف من الفشل للمرة الثانية، وطموحات في تجاوز التجربة الأولى، ونيل السعادة الزوجية.
وتشهد الدول العربية ارتفاعاً في معدلات الطلاق، وتتصدر الكويت القائمة بنسبة تصل إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات، وفق بيانات وزارة العدل الكويتية.
وتحل مصر ثانياً، مسجلة 240 حالة طلاق يومياً، بحسب بيانات مركز معلومات مجلس الوزراء، بينما يأتي الأردن في المركز الثالث بنسب طلاق تصل إلى 37.2%.
وتفيد دراسة أمريكية حديثة بأن 70% ممن تعرضوا لتجربة الطلاق يعاودن الزواج مرة أخرى، من بينهم 30% يقررون الزواج خلال عام واحد فقط من الانفصال.
السطور القادمة تلخص 8 خطوات للتعافي من تجربة الطلاق، وتجاوز سلبيات التجربة الأولى، وإنجاح الزواج الثاني.
أولاً: من المهم تجنب الظلم بعد الطلاق بين الزوجين، وعدم السعي إلى الإضرار بالآخر، وإلحاق الأذى به، وملاحقته زوراً وبهتاناً في ساحات القضاء، أو أن يفتري أحد الزوجين على الآخر الكذب ويختلق عليه ما لا يصح من قول أو فعل أو وصف، يقول الله عز وجل: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) (الأحزاب: 58)، ويقول سبحانه: (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ) (البقرة: 233).
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا» (رواه مسلم)، وفي الحديث النبوي: «لا ضررَ ولا ضرار»، وفي لفظ: «من ضارَّ ضار الله به، ومن شاقَّ شق الله عليه».
وهذه الخطوة ضرورية وملحة، حتى لا يتحمل الطرف الثاني في الزيجة الثانية تبعات سلبية، جراء استمرار المشكلات والملاحقات القضائية لشريكه، وبالتالي يصبح مكروباً مهموماً، متأثراً بتلك الأجواء السلبية التي تعكر صفو الحياة بين الزوجين.
ثانياً: من الأفضل صحياً ونفسياً أخذ الوقت الكافي للتعافي من الطلاق قبل خوض تجربة زواج جديدة، مع التريث وعدم التسرع، ودراسة أخطاء الزواج الأول، وتحديد ما تريده في شريكك الجديد خلال الزيجة الثانية، خاصة أن هناك إحصاءات تفيد بأن معدل الطلاق في الزيجات اللاحقة أعلى بكثير من معدل الزواج الأول، بحسب موقع مؤسسة «فايند سيكولوجيسن».
ثالثاً: يجب حل المشكلات المزمنة التي تسببت في إفشال الزواج الأول، وخوض التجربة الثانية دون أسباب فشل سبق مواجهتها، مثل البطالة مثلاً، أو العجز عن الإنفاق، فمن فشل زواجه الأول لهذا السبب، فمن الحكمة ألا يقدم على زيجة ثانية دون عمل، وتوفير مصدر كريم للدخل، حتى لا تتكرر مأساة الطلاق ثانياً.
رابعاً: ينصح خبراء النفس والاجتماع بالتحرر تماماً من العلاقة السابقة، وعدم مقارنة المواقف مع الشريك الجديد، وعدم وضع الزوج أو الزوجة الثانية في مقارنة دائماً مع الشريك السابق، حتى لا يتأثر نفسياً بتلك المقارنة، ويشعر أن التربص يلاحقه، وأن الزوج أو الزوجة لا يستطيع التخلص من آثار الزيجة الأولى.
خامساً: المصارحة بأخطاء التجربة الأولى، وأسباب الانفصال والطلاق، وإعادة تقييم الذات، واستخلاص العبر والدروس المستفادة، حتى ينجح الزواج الثاني، مع الحيطة من أن أحد الطرفين أو كليهما قد يكذب وقد يدعي غير الحقيقة فيما يتعلق بأسباب طلاقه، ولذلك من المهم المصارحة أولاً، ومراجعة أهل الثقة للتبين من الأمر.
سادساً: حسن الاختيار، والبحث عن ذات الدين، وتحديد ما يريده الشخص من الزواج الثاني دون اندفاع عاطفي، وعدم التأثر بالشكل والمظهر الجمالي، مع مراعاة التكافؤ الاجتماعي والعلمي والمالي، حتى لا يتكرر الفشل ثانياً، ويعاود المرء التعرض لتجربة طلاق ثانية.
سابعاً: الاتفاق على التفاصيل التي تضمن سير الحياة بروح من التفاهم والاحترام، مثل العمل، والنفقات، وتربية الأبناء، خاصة إذا كان لدى أحد الطرفين أطفال من الزيجة الأولى، كذلك ما يحبه كل طرف، وما يبغضه؛ لأن المساحات والقواسم المشتركة سترفع من معدلات نجاح هذا الزواج، مقارنة بوجود اختلاف كبير، أو هوة شاسعة بين الطرفين.
ثامناً: الكمال لله عز وجل، لذلك على كل طرف أن يقدم صورة أفضل من الزواج السابق، من خلال التسامح، والاحترام، والتغافل عن الزلات، وتجنب ما كان يعكر زيجته الأولى، والعمل على إنجاح التجربة الجديدة، وعدم تكرار أخطاء الماضي.