ارتقى مقبلاً غير مُدبر مُمْتَشقاً سلاحه مواجهاً جيش الاحتلال في مقدمة الصفوف
«حماس»: الحركة ماضية على عهد القادة المؤسسين والشهداء حتى التحرير الشامل
مقبلاً غير مدبر، حاملاً بندقيته وعلى جثمانه غبار المعارك وبارودها، يرتقي قائد معركة «طوفان الأقصى» يحيى السنوار شهيداً، في 16 أكتوبر 2024م، وهو يتصدى لقوات الاحتلال في حي تل السلطان برفح.
نال السنوار أمنيته عندما قال في لقاء جماهيري قبل 3 أعوام: «أكبر هدية يمكن أن يقدمها العدو والاحتلال لي هي أن يغتالني، وأن أقضي شهيداً على يده، أنا اليوم عمري 59 سنة، أنا الحقيقة أفضِّل أن أستشهد بـ«إف16» على أن أموت بـ«كورونا» أو بجلطة أو بحادث طريق أو بطريقة أخرى مما يموت به الناس».
وفي بيان لها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس): بكل معاني الشموخ والكبرياء والعزة والكرامة، ننعى إلى شعبنا الفلسطيني وإلى أمتنا جميعاً وأحرار العالم رجلاً من أنبل الرجال، وأشجع الرجال، رجلاً كرس حياته من أجل فلسطين، وقدَّم روحه في سبيل الله على طريق تحريرها، صدق الله فصدقه الله، واصطفاه شهيداً مع من سبقه من إخوانه الشهداء.
وأضافت أن السنوار ارتقى بطلاً شهيداً، مُقبلاً غير مُدبر، مُمْتَشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً جيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف، يتنقل بين كل المواقع القتالية، صامداً مرابطاً ثابتاً على أرض غزَّة العزَّة، مدافعاً عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهماً في إذكاء روح الصُّمود والصَّبر والرّباط والمقاومة.
وتابعت: لقد عاش القائد الشهيد يحيى السنوار مجاهداً وشق طريقه في حركة «حماس» منذ كان شاباً يافعاً منخرطاً في أعمالها الجهادية، ثم في سنوات الأسر الـ23 قاهراً للسجّان الصهيوني، وبعد أن خرج من السجن في صفقة «وفاء الأحرار» واصل عطاءه وتخطيطه وجهاده حتى اكتحلت عيناه في السَّابع من أكتوبر 2023م يوم الطوفان العظيم الذي زلزل عمق الكيان وكشف هشاشة أمنه المزعوم وما تلاه من ملاحم الصمود الأسطوري لشعبنا وبسالة مقاومتنا المظفرة، إلى أن نال أشرف مقام وأرفع وسام وارتقى إلى جوار ربه شاهداً شهيداً راضياً بما قدم من جهاد وعطاء.
وأكدت الحركة أن السنوار كان استمراراً لقافلة القادة الشهداء العظام على خُطى الشهيد المؤسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين، ود. عبدالعزيز الرنتيسي، والمقادمة، وأبو شنب، وجمال منصور، وجمال سليم، وإسماعيل هنية، ونائبه الشيخ صالح العاروري.. وقافلة الشهداء من جميع قادة وأبناء شعبنا وأمتنا.
وشددت على أن هذه الدماء ستظل توقد لنا الطريق وتشكل دافعاً لمزيد من الصمود والثبات، وأن حركة «حماس» ماضية على عهد القادة المؤسسين والشهداء حتى تحقيق تطلّعات شعبنا في التحرير الشامل والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، بإذن الله وسوف تتحول لعنة على المحتلين الغزاة الطارئين على هذه الأرض.
وأشارت إلى أن استشهاد السنوار وكلّ قادة ورموز الحركة الذين سبقوه على درب العزَّة والشهادة ومشروع التحرير والعودة، لن يزيد حركة «حماس» ومقاومتنا إلا قوَّة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم والوفاء لدمائهم وتضحياتهم، وإنَّ حركة تقدّم قادتها وأبناءها شهداء على درب الدّفاع عن حقوق شعبها لهي حركة أبية أصيلة، متجذرة في شعبها.
ووجهت رسالة للمتباكين على أسرى الاحتلال لدى المقاومة، قائلة: إن هؤلاء الأسرى لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة والانسحاب منها وخروج أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال.
المولد والنشأة
ولد يحيى إبراهيم السنوار، في 19 أكتوبر 1962م، في مخيم خان يونس للّاجئين لعائلة هجّرها الصهاينة من مدينة مجدل عسقلان عام 1948م.
درس في مدارس خان يونس حتى أنهى دراسته الثانوية في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، والتحق بالجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
برز السنوار في ساحات النقاش الطلابية العامة بين الكتل، وترأس الكتلة الإسلامية وكان من أبرز منظريها.
ويعتبر السنوار من القيادات الفلسطينية الأولى التي قادت أشكالاً مختلفة من المقاومة ضد الاحتلال منذ بدية ثمانينيات القرن الماضي.
وبتكليف من الشيخ أحمد ياسين، أسس جهازاً أمنياً تحت اسم «مجد» في عام 1986م، لكشف عملاء الاحتلال وملاحقتهم، قضى 23 عاماً في سجون الاحتلال، منها 4 سنوات في العزل الانفرادي.
تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى «حماس» في السجون دورات عدة، وقاد سلسلة من الإضرابات عن الطعام، من أبرز محطاتها أعوام 1992، 1996، 2000، 2004م.
أفرج عن السنوار عام 2011م خلال صفقة «وفاء الأحرار»، حيث تم إطلاق سراح الجندي الصهيوني جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن 1027 أسيرة وأسيراً فلسطينياً.
انتخب السنوار عضواً في المكتب السياسي للحركة في غزة، وتولى مسؤولية الملف الأمني في عام 2012م، ثم انتخب عضواً في المكتب السياسي العام، وتولى مسؤولية الملف العسكري في عام 2013م.
في فبراير 2017م انتخب رئيساً للحركة في غزة، وفي 6 أغسطس 2024م اختير رئيساً للمكتب السياسي بعد استشهاد إسماعيل هنية.
أدرجته الولايات المتحدة في سبتمبر 2015م على لائحتها السوداء لـ«الإرهابيين الدوليين»، وتولى مسؤولية ملف الأسرى الصهاينة لدى «كتائب القسام».
وتعرض منزله للقصف والدمار عام 1989م، ومرة ثانية خلال عدوان عام 2014م على القطاع.
بجانب دوره القيادي، برع السنوار خلال عقدين في سجون الاحتلال بدراسة لغة الصهاينة وفهم عقليتهم والتعرف على قادتهم، وله العديد من المؤلفات والترجمات السياسية والأمنية، من أبرزها: ترجمة كتاب «الشاباك بين الأشلاء»، ترجمة كتاب «الأحزاب الإسرائيلية عام 1992م»، كتاب «حماس التجربة والخطأ»، وكتاب «المجد» الذي يرصد عمل جهاز «الشاباك»، رواية أدبية بعنوان «الشوك والقرنفل» تحكي تجربة النضال الفلسطيني منذ «نكسة 1967م» وحتى بدايات «انتفاضة الأقصى».