وصل الحال إلى آخر ما يمكن أن يكون عليه, حيث إن جماعة مسلّحة تبسط مخيماتها وينتشر مسلّحوها على شوارع العاصمة ومداخلها وبالقرب من أهم وأقوى معسكرات الجيش، فيما تخوض حروبها المبرمجة في محافظتي الجوف ومأرب وتعيث فساداً وانتهاكاً للحقوق في محافظات «عمران
وصل الحال إلى آخر ما يمكن أن يكون عليه, حيث إن جماعة مسلّحة تبسط مخيماتها وينتشر مسلّحوها على شوارع العاصمة ومداخلها وبالقرب من أهم وأقوى معسكرات الجيش، فيما تخوض حروبها المبرمجة في محافظتي الجوف ومأرب وتعيث فساداً وانتهاكاً للحقوق في محافظات «عمران وصعدة وصنعاء» ومن يتحدّث عن ذلك سريعاً ما يقال له: «داعشي»..
كان آخر ما أتوقّع أن يصل الحال بأحدهم الذي يزعم أنه «ناشط حقوقي» وقد حوّلوا هذا التوصيف إلى مسخ، وهو يتحدّث على الهواء مباشرة عن شخصي وليس عن القضية التي أتحدّث عنها أنا، ويقول إن موقفي هذا ضد ثورتهم المزعومة سببه انتمائي إلى الحزب «الداعشي»، ونسي هذا الدّعي على الصحافة مثلما الحقوق كم وقفنا واعتصمنا من أجله حينما كان سجيناً ويُحاكم بتُهم لها علاقة بموقفه الذي خدعنا به حينها.
لم يقف الحال عند شخصي، صار الجميع تحت مرمى هذه الجماعة التكفيرية الإرهابية التي تمارس ما تتهم به الآخرين، وحتى العمالة للخارج التي توجّه أصابع الاتهام بها إلى الآخرين تمارسها حقيقةً وبصورة مكشوفة، بل تتقدّم بها كمطالب مشروعة أمام ممثلي الرئاسة الذين يتحاورون معها أو إلى الميسّر لتلك المفاوضات المبعوث الأممي جمال بن عمر.
ليس أسوأ من تلك الجماعة الخارجة عن إجماع الشعب والمتمرّدة على الدولة والرافضة لقرارات الدولة، إلا من لايزال يتحدّث نيابةً عنها وأنها تمثّل مطالب الشعب اليمني، وتخوض معركتها القذرة هذه من أجل إسقاط حكومة الوفاق الوطني والتراجع عن أسعار المشتقات النفطية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني, والأخيرة هي النكتة الحقيقية.
هي مجرّد جماعة تمتلك ميليشيات مسلّحة وفتاوى جاهزة وأحلاماً وأوهاماً وخُرافات تسعى إلى تقويض الدولة والانقضاض عليها وإحلال نفسها بديلاً عن الدولة وبناء دولة قمعية استبدادية متخلّفة ولن تكون حتى على غرار جمهورية إيران الإسلامية، بل أسوأ من ذلك بأضعاف مضاعفة، فكل من يختلف معها هو «داعشي وتكفيري» وتحرّم الغناء والفن والجمال والإبداع، ولا صوت فيها يعلو على صوت «السي دي» والرصاص.
صرت أستغرب للناشط الحقوقي إيّاه وهو يتحدّث كناشط حقوقي يدافع عن الثورة الحوثية التي كفرت بها أنا «الداعشي» حسب قوله، وهو يحرّض على العنف والكراهية ويتحدث عن الفساد والاستبداد والسعي إلى إصلاح الدولة؛ وهو يتحدّث من «حضن» السيّد في مدينة صعدة، ولا يخجل حتى ولو قليلاً وهو ينشر صوره مع إحدى الناشطات الزائفات وهم على أنقاض وأطلال مؤسّسات ومنازل نسفتها ميليشيات السيّد.
للأسف الشديد هذان الناشطان حصدا الجوائز وذاع صيتهما؛ وكنّا نحن سبباً لذلك بالترويج لهما وصناعتهما كأصنام تُعبد بدلاً عن الحقوق، فيما هما أكذوبة امتزجت بالحقد والكراهية والأوهام والخُرافات والتمييز العنصري، ولم تؤثّر فيهما حتى مدنية تعز التي تربّيا فيها.
إنها مرحلة انكشاف الزيف والكذب حتى وإن خسر فيها الشعب اليمني الكثير من أبنائه، لكني أعتبرها أفضل المراحل التي يظهر فيها الحق من الباطل، والذين يعملون من أجل المبادئ ومن يعملون من أجل المصالح ومن يمارسون «التُقية» وباطنيين ومن هم على العكس من ذلك.
كثير من الكتاب الصحافيين والناشطين الحقوقيين اكتشفنا حقيقتهم اليوم، فرغم اختلافنا معهم واختلافهم معنا؛ إلا أنهم ينطلقون من مبدأ وقضية في كل ذلك؛ نراهم في مقدّمة الصفوف اليوم دفاعاً عن تلك المبادئ والقضايا وفي مقدّمتهم الدولة وحقوق الإنسان والديمقراطية وضد العنف والتعبئة على الكراهية والاقتتال الطائفي.
الجمهورية نت