لم تكن تصريحات وزير الثقافة أو الفساد الأعظم عبر التلفزة والصحافة مجرد آراء شخصية عابرة يقولها بصفته مثقفاً يؤمن بعقائد وأفكار معينة
لم تكن تصريحات وزير الثقافة أو الفساد الأعظم عبر التلفزة والصحافة مجرد آراء شخصية عابرة يقولها بصفته مثقفاً يؤمن بعقائد وأفكار معينة، وعبر عنها بصورة ذاتية بعيدة عن التوجه العام للدولة العسكرية الانقلابية الدموية الفاشية.
لقد أعلن الوزير أنه يحبذ تشخيص الأنبياء في الأعمال التمثيلية، ولا يرى غضاضة في إذاعة برامج الهلس وهزّ الوسط التي تقدمها العوالم والغوازي بوصف ذلك حرية تعبير ومظاهر إبداع، بالإضافة إلى إشادته بالعري، مع ترحيبه باستئصال الفكر الإسلامي – الذي يسميه بالفكر الإظلامي – في انقلاب العسكر!
هذه الآراء تمثل توجهاً عاماً للسلطة العسكرية الدموية الفاشية التي تسعى لتجريد مصر من دين الإسلام، وفي الوقت نفسه تتاجر بالدين لتأليه شخصية قائد الانقلاب ووضعه مع رفاقه في مرتبة الأنبياء والرسل، وتأويل الأحاديث الشريفة وإسقاطها على الانقلابيين القتلة لتصويرهم بأن الله يحبهم وجبريل يحبهم والناس تحبهم.
عملية تجريد مصر من الإسلام ليست عملية مزاجية مؤقتة، ولكنها بدأت منذ عهد الطاغية المهزوم دائماً “جمال عبدالناصر”، واستمرت حتى ثورة يناير المجهضة، ثم أعاد تنفيذها الانقلابيون الدمويون في 3 يوليو 2013م، حيث أشاعوا الرعب والخوف ومطاردة الإسلام وتكميم الأفواه.
وزارة الفساد الأعظم وسيلة الانقلابيين الدمويين، مع وزارات التعليم والأوقاف والشباب والإعلام، لمسح ذاكرة الشعب الإسلامية، وإحلال ثقافة التغريب والعبودية في أحط صورها وأقبحها بديلاً عن ثقافة الإسلام؛ لذا فإن الوزير بـ”تاع” التنوير لا يتحدث من فراغ، ولكنه يتحرك مدفوعاً برؤية انقلابية تدميرية تهيئ للتبعية والعبودية وقبول الهيمنة الغربية بتجلياتها المتوحشة، وصلاحيات الوزير الواسعة تمنحه الاستعانة بكل العناصر المعادية للإسلام كي يؤدي دوره الإفسادي على أكمل وجه، ولم تكن تصريحاته المعادية للثقافة الإسلامية إلا خارطة طريق لمرؤوسيه كي يواصلوا مهمتهم الإفسادية..
لقد أصدر الوزير قراراً عيَّن فيه كاتباً صحفياً شيوعياً رئيساً لدار الكتب والوثائق القومية، وهو يعلم أن هذا الشخص أعلن في تصريحات مصورة ومسجلة أن الطريق إلى العلمانية في مصر يجب أن يمر بالدماء ومزيد من الدماء؛ أي قتل المصريين المسلمين الذين يرفضون العلمانية وتجلياتها المتوحشة! وفي إطار تحقيق الهدف الأكبر بتجريد مصر من الإسلام تأتي السبوبة لمكافأة هذا الكاتب الشيوعي، ومنحه الألوف من أموال الشعب المصري المسلم ليواصل مسيرته في الحرب على الإسلام والمسلمين، علماً أن المذكور كافأته دولة “مبارك” من قبل بعدد من المناصب المهمة ذات العائد الكبير، مع أنه عاد على الدولة بمزيد من الخسائر المادية والمعنوية!
عندما أراد الوزير أن يغير رئيس تحرير جريدته الناطقة باسمه، فقد عين شاباً شيوعياً يعمل بإحدى الصحف الحكومية، كانت أولى تصريحاته أنه سيحارب ما سماه الفاشية الدينية، أي بالعربي الفصيح سيحارب الإسلام، ومن أجل ذلك ظهر العدد الأول خالياً من العمود اليتيم الذي كان يكتبه محمد عمارة بتصور إسلامي، وامتلأت صفحات جريدة الوزير بالموضوعات السطحية التافهة التي تؤسس لمحاربة ماسماه الفتى الشيوعي الفاشية الدينية!
ولكن طرأت مشكلة ملخصها أن رئيس التحرير السابق المزمن للجريدة رفض الامتثال لقرار السيد الوزير، وعدّ خروجه من رئاسة التحرير عملاً لا يليق به، بعد أن أمضى من عمره المديد خمسة عشر عاماً في خدمة الوزارة أو بالأحرى وزيرها المتربع على الكرسي – أياً كان اسمه – ودافع عنه باستثناء الوزير علاء عبدالعزيز الذي أراد مكافحة فساد الوزارة فتصدت له الأجهزة إياها عن طريق صبيانها في الوزارة والحظيرة، وأسقطته مع الرئيس الشرعي المنتخب.
وبأريحية وزارية نادرة تم الاتفاق على ترفيع رئيس التحرير المزمن السابق إلى رئيس مجلس إدارة للجريدة ذاتها بامتيازاته السابقة مع البدلات والمكافآت والذي منه؛ أي يأخذ مرتباً قدره 25 ألفاً إلى جانب الإضافات الأخرى، وبمجرد إصدار القرار الذي يؤكد توزيع السبوبة خرج رئيس التحرير السابق المزمن ليلقي بعض التصريحات التي تصب في سياق توجه الوزارة لتجريد مصر من الإسلام، وقال لا فض فوه:
إن الاتجاه الثقافى العام الآن يتجه نحو تحديث النشاط وتجديده، وتجميع الأفكار لرسم الإستراتيجية الثقافية(!) في الفترة المقبلة، على المدى القصير، والبعيد، وعلى وزارة الثقافة مواجهة الأفكار المتطرفة، ومواجهة الفكر المضاد للدولة المدنية (أي الإسلام) التي طالبت بها ثورتا 25 يناير و30 يونيو، مشيراً إلى دور مؤسسات الوزارة في نشر هذه الأفكار، وخاصة هيئة قصور الثقافة؛ لأن بها حوالي 500 قصر ثقافي منتشر في ربوع البلاد، وأشاد بالفكرة التي تبناها الوزير بتشكيل مجموعة من التعاون بين عدد من الوزارات، مثل التربية والتعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، والشباب، والمجلس الأعلى للإعلام؛ لأن كل هذه الوزارات تؤثر على التنشئة الاجتماعية للمواطنين، وأفكارهم واتجاهاتهم.
جريدة الوزير لا توزع في السوق بين القراء إلا نسخاً قليلة، أي تحقق خسائر فادحة، ولكن القوم يحاولون التقليل منها بفرض اشتراكات إجبارية على إدارات الوزارة أو قطاعاتها المختلفة، لتغطي الميزانية الحكومية الخسائر الحكومية، وعجبي!
وفي سياق عربون المحبة لدولة العسكر، تمت ترضية أحدهم من أنصار البيادة بإصدار سلسلة تتناول تاريخ العسكر وأعلامهم، وكله على حساب صاحب المحل!
وفي إطار ترضيات السبوبة التي تقوم بها وزارة الفساد الأعظم تم تعيين شخصين يساريين لرئاسة وتحرير مجلة أدبية فاشلة كان المرتجع منها – كما تقول النكتة – أكثر من المطروح للتوزيع، وإذا كان رئيس التحرير له بعض الأعمال الأدبية، فإن الفتى الذي عينوه مديراً للتحرير ويعمل صحفياً في صحف الحكومة مؤهلاته الأولى أنه شيوعي ابن شيوعي ويحبه الوزير!
وفي مجال توظيف الوزارة بوصفها مصدر سبوبة لأعداء الإسلام، فإن الوزارة أصدرت قبل أيام بياناً تعرب فيه عن استعدادها لوضع كافة إمكاناتها تجاه كاتب أغانٍ صعلوك ينتمي إلى الشيوعيين، ومن خدام الدولة العسكرية الدموية الانقلابية لعلاجه على نفقة الفقراء والمساكين، مع أنه أتخم من أموالهم في صور شتى، ويسكن في فيلا فاخرة على الماء، ولم يقدم للأمة سوى هجائيات رخيصة وعقوقاً سافلاً لوالده الراحل، ولكن وزارة الفساد الأعظم تقدمه بأنه “نموذج فريد لشاعر كانت قصائده ولا تزال المعول الذي يمهد الأرض لاستزراع المستقبل”.. أي مستقبل في ظل حكم العسكر يا خدام العسكر؟