أشهرت إسلامي في أوروبا خوفاً على حياتي في مصر
«ميرام رزق» أو «هبة الإسلام»، اسمان لفتاة مصرية قرّرت ذات يوم أن تنتزع قيود الكنيسة، وترتمي في أحضان الإسلام بعد أن تعمّقت في المقارنة بين الإسلام والإنجيل، ورغم أن قسيساً في إحدى الكنائس المصرية حاول يائساً أن يشوّه لها صورة الإسلام بادعائه أن القرآن ليس كلام الله، وإنما ألَّفه محمد عليه الصلاة والسلام، فإنها ظلت متمسكة بقرارها في اعتناق الإسلام الذي ساهمت فيه عدة ظروف، منها مشاركتها في اعتصام رابعة الذي كشف لها عن الوجه المضيء للإسلام الذي ربى أناساً على رباطة الجأش وقوة العزيمة، وألقى في صدورهم راحة وطمأنينة انتزعت منهم الخوف من الموت الذي يتربص بهم في كل لحظة.
هذه التفاصيل، وتفاصيل أخرى تجدونها في هذا الحوار الذي أجرته «المجتمع» مع «هبة الإسلام».
* أشهرت إسلامك بسبب آيات قرآنية، ما تفاصيل ذلك؟
– فعلاً، أسلمت بسبب هذه الآيات: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } (المائدة:72)، وآية {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} (المائدة:73)، وآية {لّ
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ “82″} (المائدة)، وهذه الآية الأخيرة سألت عنها قسيساً في إحدى الكنائس المصرية؛ فقال لي بانفعال شديد: «دعكِ من هذا الكلام السخيف الذي ألَّفه محمد»، في إشارة إلى أنه ليس كلام الله وانصرف من أمامي.
دعوة طبيب
* ما قصة طبيبك الإندونيسي الذي كان يحدّثك عن الإسلام؟ وكيف استطاع أن يقنعك أن الإسلام هو الدين الحق؟
– كنت قد بدأتُ فعلاً أتعرف على الإسلام، وأقارن بين الإنجيل والقرآن قبل أن أصاب بمرض خطير في الكبد، وعندما ذهبت للعلاج في أحد المستشفيات الأوروبية؛ فوجئت أن الطبيب الذي أشرف على علاجي إندونيسي مسلم، وكان كثيراً ما يحدثني عن الإسلام، وأول كتاب أحضره لي هو «قصة محمد»، ولأنه يتحدث اللغة العربية بطلاقة؛ فقد كان يقرأ لي بعض آيات القرآن الكريم، وفسّر لي قصة المسيح عليه السلام ومريم العذراء، فاكتشفتُ الفرق بين قصتهما في الإنجيل والقرآن، فسبحان الله أن يكون هناك أناس مسلمون بهذا العطاء ولا ينصلح حال المسلمين!
* استمعت إلى العديد من مناظرات الشيخ «أحمد ديدات»، هل كان لهذه المناظرات دور في ترغيبك في الإسلام؟
– نعم، استمعت للعديد من مناظرات الشيخ «أحمد ديدات»، ومنها مناظرته الشهيرة مع القس «جيمي سواجارت» «هل الإنجيل كلمة الله»، ومناظرته مع القس «أنيس شروش» «أيهما كلام الله: القرآن أم الكتاب المقدس؟»، ومناظرته مع القس «ستالين شوبارج» «هل الكتاب المقدس كلمة الله؟»، ومناظرة أخرى معه بعنوان «هل المسيح إله؟».. وهذه المناظرات كان لها الدور الكبير في ارتفاع درجة اقتناعي بالإسلام وزادتني قرباً منه، وقد لاحظت من خلال مناظرة ديدات مع «شروش»، و«سواجارت» أن مسيحيي العرب أكثر كرهاً للإسلام من مسيحيي الغرب.
تأثير «رابعة»
* بحكم أنك كنت عضوة في حركة «مسيحيون ضد الانقلاب»، كيف كان تأثير اعتصامي رابعة والنهضة على تغيير مسار حياتك؟
– نزلت لاعتصام رابعة ثلاث مرات، في البداية كان بدافع الفضول، ثم صرت أبحث عن الحقيقة، فأدهشني كثيراً أن هؤلاء المعتصمين يشعرون براحة نفسية وطمأنينة ليس لها مثيل، مع أنهم يعرفون أنهم قد يموتون في أي ساعة، رغم ذلك كانوا يؤدون صلاتهم بخشوع وكأنهم آمنون؛ وهو ما جعلني أتعاطف معهم ومع قضيتهم.
* لماذا أشهرتِ إسلامك في مسجد بإحدى الدول الأوروبية وليس في مصر؟
– أشهرت إسلامي بأوروبا وبالضبط في فرنسا بمسجد «بوردو» لعدة أسباب؛ منها أنني كنت حينها مع أمي المريضة، ولأنه لم يكن بإمكاني أن أشهر إسلامي في مصر لما قد أواجهه من أخطار، خاصة وأن الكثير من القبطيات اللواتي اعتنقن الإسلام لم يأمنَّ على حياتهن، وهناك من سلّمها الأمن المصري للكنيسة، وبعد وفاة والدتي ازدادت مخاوفي من العودة إلى بلدي؛ لأنها كانت تحميني وتشجعني على التمسك بمواقفي رغم أنها فرنسية.
تهديد عائلي
* كيف كان رد فعل عائلتك عندما اعتنقت الإسلام؟
– لم تكن لدي أي مشكلة مع عائلة أمي الفرنسية، خاصة وأنها تنتمي إلى الريف الفرنسي، وترك لي أفرادها الحرية في اعتناق الديانة التي اقتنعت بها طالما أن الأمر يتعلق بالحرية الشخصية، أما عائلة أبي المصرية المتدينة والتي تنحدر من الصعيد، فقد وجدت منها ما ينغّص عليَّ حياتي، فقد حاول أبي إرجاعي إلى المسيحية تارة بالكلام، وتارة أخرى بالتهديد والوعيد، ولكنني لم أتراجع ولم أستكن، فأرسلوا وراءنا (أنا وأختي التي اعتنقت الإسلام معي في نفس الفترة) أناساً على صلة قرابة وصداقة مع العائلة، ولكننا استطعنا أن نفر بإسلامنا ونغيّر مقر سكننا ونستقر في الريف الفرنسي.
* وكيف اعتنقت أختك الإسلام؟
– أختي «شيرويت» أو «فاطمة الزهراء» بعد أن منَّ الله عليها بالإسلام، كانت متواجدة معي أثناء غيبوبة المرض؛ الأمر الذي جعلها تتواصل كثيراً مع طبيبي الإندونيسي المسلم الذي حدّثها عن الإسلام كما حدثني أنا، وقام بدعوتها أكثر من مرة إلى بيته لتناول الغداء مع زوجته، وكانت شبه مقتنعة بالإسلام، ولكنها أرجأت إشهارها له بعد أن أتماثل قليلاً للشفاء وأوافق على هذه الخطوة، وأتذكر جيداً أنني عندما استفقت من الغيبوبة قالت لي: «الحمد لله رب العالمين»، وهي في الأصل لا تستخدم هذه العبارة قبل إسلامها.
حياة جديدة
* هل خططت لحياتك الجديدة في كنف الإسلام؟
– فعلاً خططت لحياتي الجديدة في رحاب الإسلام، حيث إنني أطمح أن أكون داعية وأنشر الإسلام في أوروبا، وفي انتظار هذه اللحظة، أنا الآن أتعلم أصول الدين على يد طبيبي الإندونيسي الذي حضّر رسالة دكتوراه في فقه الشريعة الإسلامية إلى جانب عمله كطبيب بشري، وأتلقى دروساً أنا وأختي «فاطمة الزهراء» على يد زوجته التي تعلّم المسلمات الجديدات أصول الدين، بالإضافة إلى سيدتين؛ واحدة تركية، وأخرى سنغالية، وعالم دين من المغرب العربي، وأنوي إن شاء الله أن أحج العام القادم، هذه هي حياتي الجديدة في كنف الإسلام.
* لقد نفى «مدحت قلادة»، رئيس اتحاد المنظمات القبطية في أوروبا، أنك اعتنقت الإسلام، كيف تردين عليه؟
– هذا الشخص لا يستحق الرد؛ لأن هدفه من نفي اعتناقي الإسلام هو عدم تأثر المسيحيين المترددين في إعلان إسلامهم، وهذا للأسف سلاحه لمحاربة من اختار الإسلام ديناً إذا كان بعيد المنال، أما إذا كان تحت أيديهم فالكنيسة تتكفل به بطريقتين؛ إما العودة للمسيحية تحت التعذيب والترهيب، وإما يكون مصيره الموت.
راحة نفسية
* كيف تعيشين حياتك الآن في ظل الإسلام؟
– بعد وفاة والدتي اسودت الحياة في عيني، وكاد الاكتئاب يتسلل إلى نفسي لولا أن نور الإسلام أضاء هذه العتمة وبدّد أحزاني، أقسم بالله؛ إنني أشعر براحة نفسية كبيرة وروحانية عالية لم أعرفهما من قبل.
* هل تفكرين في الإقامة في إحدى الدول الأوروبية حتى تكوني بمنأى عن ضغوط الكنيسة وربما محيطك الأسري؟
– فعلاً سأعيش في أوروبا، ولكن أتمنى أن أعود لمصر وأعيش فيها، ولكن لن أكون هناك بمأمن بعد إسلامي.
* لديك العديد من المواقف الجريئة ضد الانقلاب العسكري، هل تواجهين مشكلات وضغوطاً بسبب هذه المواقف؟
– صحيح، تعرضت للكثير من الضغوط من الكنيسة والأمن المصري وحتى من أهل والدي، وأكثر هذه الضغوطات نفسية، منها ما أقحم عائلتي في الموضوع بتوجيه السباب والشتائم والإهانة لها، ووصل الأمر إلى التهديد بحبسي في الكنيسة حتى أتراجع عن موقفي، وكنت أواجه هذه الضغوط بعزيمة كبيرة عندما كانت أمي تمدّني بالقوة والشجاعة.
* ماذا تقولين للمسيحيين الذين مازالوا يتمسكون بالمسيحية؟
– أقول لهم: ارجعوا إلى النسخة الأصلية من الإنجيل التي تحرّم الكنيسة قراءتها؛ لأنها النسخة الوحيدة والصحيحة التي تبشّر برسول الله محمد “صلى الله عليه وسلم”، وفكروا بعقولكم؛ لأن المسيح سيتبرأ منكم يوم القيامة؛ لأن عيسى نبي الله وليس ابنه، تعالى الله عما يصفون.