منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، تسارع الحديث عن إمكانية تنفيذ وعده الانتخابي بنقل السفارة الأمريكية في الكيان الصهيوني من “تل أبيب” إلى مدينة القدس المحتلة.
واختلفت التقديرات حول قدرة ترامب أو التزامه بتنفيذ وعده، نظراً لأهمية وخطورة هذا القرار، الذي يحمل أبعاداً سياسية وقانونية مهمة جداً.
وكان الكونجرس الأمريكي أقر قانوناً عام 1996م بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، لكن جميع الإدارات الأمريكية كانت تعارض هذا القانون، وتصدر مذكرة بعدم تنفيذه كل 6 أشهر، وفقاً لصلاحيات الرئيس الأمريكي.
اليوم، ومع وصول دونالد ترامب الذي يملك أفكاراً غريبة أو متناقضة، صاحب الشخصية الهجومية، تزداد احتمالات نقل السفارة.
لكن ما احتمالات ذلك؟!
السيناريو الأول: نقل السفارة:
يقوم ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة متمسكاً بأفكاره، ونظراً لعلاقاته القوية بـ”الإسرائيليين”، ووجود أنصار كثر للكيان الصهيوني داخل إدارته، وتنفيذاً لوعده بدعم “إسرائيل” وبقائها قوية.
ولن يقف ترامب كثيراً أمام قرارات الأمم المتحدة، وهو مدعوم بنفوذ قوي في الكونجرس، ولن يتأثر بالموقف العربي، ولن يكترث بموقف السلطة الفلسطينية ومستقبل المفاوضات.
السيناريو الثاني: عدم نقل السفارة:
كلام الانتخابات غير كلام السلطة، حين يدخل ترامب إلى البيت الأبيض سيجد أنه مضطر للالتزام بالتعهدات الأمريكية، وبدور أمريكا في المنطقة، وعلاقات واشنطن مع العرب، وهو بحاجة إلى مواقف داعمة، وهو يدرك أن نقل السفارة قد يؤدي إلى توتر سياسي وإلى إشعال انتفاضة فلسطينية، وإلى إحراج زعماء عرب.
كما أن نقل السفارة يعني ضرب عملية التسوية والإطاحة بمشروع حل الدولتين وهو الذي تدعمه مختلف الإدارات الأمريكية.
وسيجد ترامب نفسه في مخالفة للقوانين الأمريكية التي تتمسك باعتبار الوجود “الإسرائيلي” في أراضي عام 1967م احتلالاً، وسيؤدي نقل السفارة إلى الإطاحة بكل الخطوط الحمر التي تقرها قوانين وقرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية، وانزعاج حلفاء وشركاء واشنطن في عملية التسوية.
السيناريو الثالث: حل وسط:
بسبب التعقيدات السياسية والقانونية الكثيرة، قد يلجأ ترامب إلى حل وسط، ينفذ جزءاً من تعهداته، ويرضي أصدقاءه، ولا يغضب الحلفاء أي أن يقوم بنقل مقر السفير الأمريكي الجديد في “إسرائيل” إلى مبنى القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة، ولكن تبقى السفارة في “تل أبيب”.
كل هذه السيناريوهات واردة، ومطروحة، لكن يلزم وجود موقف فلسطيني موحد وقوي يرفض نقل السفارة، ويواجه الموقف الأمريكي، وأفضل خطوة لذلك هي إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ودعم المقاومة والانتفاضة العليا، والتفاهم مع العرب، وتعزيز العلاقات الخارجية لمنع القرار الأمريكي.