رسالة لم ترد لها أن تكون طويلة، بل مختصرة، باختصارها تحمل توثيقاً لطالما حاولت الأمم المتحدة أن تستغله في التغطية على جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
ريما خلف، من على رأس لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا)، تمكنت من إثبات عنصرية الاحتلال ونظام “الأبرتهايد” الذي يمارسه بحق الفلسطينيين، ومن هذا المنبر استطاعت أن تثبت أيضاً أن الأمم المتحدة التي ترتدي ثوب “الدفاع عن حقوق الإنسان” هي ذاتها من يوفر الغطاء لـ”إسرائيل” فيما تقوم به من جرائم عنصرية.
ما قالته ريما حول مضامين التقرير الذي قدمته اللجنة يؤكد أن نظام الفصل العنصري الذي يقوم به الاحتلال الصهيوني يعمل على تفتيت الشعب الفلسطيني وقمعه أينما وجد، هي الحقيقة الواضحة كالشمس التي لا يريد أن يسمعها أحد في واشنطن أو “تل أبيب”.
لم ترد ريما أن تكون “شاهد زور” بعد أن طلب الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريس بسحب التقرير الذي أصدرته “الإسكوا”، بل فضلت أن تقدم استقالتها، التي رحبت بها “إسرائيل”.
ريما خلف
في العام 1953م ولدت ريما خلف الهنيدي لأسرة أردنية، لتلتحق بمدارسها وتنهل من علم وثوابت العروبة في العاصمة عمَّان، ومع مطلع السبعينيات من القرن الماضي، شدت الرحال وراء طموحها الكبير إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، لتلتحق بكلية الاقتصاد التي نالت منها درجة البكالوريوس في عام 1976م، وفي الجامعة نفسها، تعرفت بالرجل الذي صار زوجها رجل الأعمال هاني الهنيدي.
سافرت ريما إلى الولايات المتحدة لتستكمل مشروع طموحها بإكمال التعليم، حيث حصلت على الماجستير والدكتوراه في علم الأنظمة من جامعة بورتلند الرسمية في الولايات المتحدة.
اختيرت خلف من صحيفة “فايننشيال تايمز” كإحدى الشخصيات الخمسين الأولى في العالم التي رسمت ملامح العقد الماضي.
وعملت وزيرة للصناعة والتجارة في الأردن بين عامي 1993 و1995م، ثم وزيرة للتخطيط بين عامي 1995 و 1998م، ثم عينت نائبة لرئيس الوزراء بالإضافة إلى حقيبة وزارة التخطيط بين عامي 1999 و2000م.
انتقلت خلف للعمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، رئيسة للمكتب العربي برتبة أمين عام مساعد بين عامي 2000 و2006م.
وفي هذه الفترة أنجزت بمساعدة عدد من الخبراء العرب مجموعة تقارير حول “التنمية الإنسانية العربية”، وقد صدر التقرير الأول عام 2002م، الذي تحدث عن النواقص الأساسية في العالم العربي؛ وهي الحرية وتمكين المرأة والمعرفة، ثم صدر عام 2003م التقرير الثاني تحت عنوان “بناء مجتمع المعرفة”.
وحصل التقرير الثالث عام 2004م بعنوان “نحو الحرية في العالم العربي” على جائزة “الملك حسين للقيادة الإنسانية”.
في العام 2007م، التحقت بموقع جديد، أضاف إلى مسيرتها المهنية المرموقة، سطرًا جديدًا على المستوى الدولي.
انتقلت للعمل في المسرح العالمي أمينًا عامًا مساعدًا، ومديراً إقليمياً لمكتب الدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث برزت وأبدعت، ما دعا كاتبة أردنية إلى عدّها فخراً للنساء العربيات.
ويصفها مقرب عمل معها في وزارة التخطيط وفي المنظمة الدولية بأنها “على درجة كبيرة من الحرفية في جميع الأمور ذات العلاقة بالاقتصاد السياسي، مجتهدة جداً ومتعبة في العمل، لكنها تحرص على أن يشعر من يعمل معها بأقصى درجات الراحة النفسية”.
مواقف راسخة
قبل سنوات طلب السفير الصهيوني لدى منظمة الأمم المتحدة رون بروس، من الأمين العام السابق للمنظمة بان كي مون، إيقاف وطرد ريما خلف لـ”مواقفها المعادية لليهود”، على حد وصفه.
وكانت خلف قالت في حفل إطلاق تقرير “الإسكوا” الذي حمل عنوان “التكامل العربي: سبيلاً لنهضة إنسانية” في تونس، خلال شهر فبراير الماضي: إن أشكال الاستباحة الخارجية للحقوق والكرامة العربية تتعدد، ويبقى أسوأها الاحتلال “الإسرائيلي” لفلسطين والجولان السوري، وأراضٍ لبنانية، احتلال يستمر دون رادع في خرق سافر للقرارات والمواثيق الدولية.
وحصلت خلف على العديد من الجوائز والميداليات من بينها “جائزة الجامعة العربية لأكثر السيدات العربيات تميزًا في ميدان المنظمات الدولية”.