نأمل أن يكون العرب جميعاً قد استوعبوا خطورة المشروع الذي صاغته السياسة الإيرانية؛ حيث ضمن نصاً في دستور جمهورية إيران الإسلامية مفاده مبدأ تصدير الثورة الإسلامية، وهذا يعني مد النفوذ الإيراني إلى دول الجوار، وإجبارها على أن تدور في فلكها.
ومن أخطر الوسائل التي اتبعت لتحقيق ذلك إنشاء مليشيات، ومن بينها جماعة الوفاق في البحرين، وجماعة القطيف في السعودية، والحوثي في اليمن، والحشد الشعبي العراقي، وحزب الله اللبناني.
وتمكنت السعودية والبحرين من تحجيم دور تلك المليشيات، وبرز تيار عروبي في العراق ضد تصاعد النفوذ الإيراني، وهناك حرب دائرة في اليمن ضد المليشيات.
أما بالنسبة لمليشيا “حزب الله” اللبناني، فقد اعترف رئيسها حسن نصر الله بأنه يفخر بأن يكون جندياً في حرس الثورة الإيرانية، وأنه خاضع لأوامر المرشد الإيراني، فهو حزب مسلح وادعى أنه سيستخدم السلاح ضد العدو “الإسرائيلي”، إلا أن الواقع أكد أنه استخدمه في الداخل اللبناني ضد شركائه السياسيين ليفرض آراءه وإرادته عليهم بقوة السلاح، استخدمه لإسقاط حكومة السنيورة ومنع اللبنانيين من انتخاب رئيس جمهورية لمدة عامين، وحارب بسلاحه الشعب السوري لمناصرة دكتاتور مستبد، قتل الآلاف في الحرب وشرد الملايين، وألحق الدمار بالمدن السورية.
ومن الأعمال التي ارتكبتها مليشيا “حزب الله” تلك الصفقة المريبة لإنقاذ عصابة “داعش” الإرهابية بعد أن ضيق عليها الجيش اللبناني البطل الخناق (فيما عرف بحرب عرسال والجرود، على الحدود اللبنانية السورية)، فأصبحت تلك العصابة بين خيارين كلاهما مر، إما الاستسلام أو الإبادة، هنا تدخل نصر الله لنقل عصابة “داعش” من الحدود اللبنانية إلى الحدود العراقية ليلتقوا بـ”دواعش” العراق، ويقاتلوا معهم القوات العراقية، وتم نقل عصابة “داعش” بسيارات تابعة لـ”حزب الله” وفي حمايته، واحتج قادة العراق ضد تلك الصفقة، في حين عرقل جيش التحالف الذي تقوده أمريكا وصول قافلة “داعش” إلى الحدود العراقية.
واحتج كثير من القادة اللبنانيين السياسيين على تلك الصفقة، وعدوها نوعاً من التعاون بين “حزب الله” و”داعش”، وأنهما يمثلان وجهين لعملة واحدة، وطالبوا بضرورة التخلص من سلاح “حزب الله”، وأن يكون السلاح حكراً على الجيش، فهو المسؤول عن الدفاع عن وحدة الوطن وترابه وشعبه ودستوره وقوانينه، أما حزب الله فهو مليشيا، ومن الخطورة على لبنان وشعبه وجود سلاح في يد حزب قراره في يد أجنبي؛ لذلك نرى “حزب الله” يمارس ضغوطاً لمنع الجيش اللبناني من إقامة احتفال لانتصاره على “داعش”، ليؤكد أنه لا يحق لأحد في الدولة اللبنانية أن يقيم احتفالاً في الانتصار سوى “حزب الله”.
(*) نقلاً عن صحيفة “القبس” الكويتية.