يتعرض موقع دير سمعان التاريخي في محافظة سلفيت إلى خطر التهويد والتفاف مستوطنة ليشم الجديدة عليه من كافة الجهات، فالمسافة الفاصلة بينه وبين المستوطنة عدة أمتار وهي عرض الطريق المجاور للموقع.
الأهمية التاريخية
مدير دائرة السياحة والآثار في سلفيت منتصر موسى قال لـ”المجتمع”: الموقع التاريخي يعود إلى 2000 عام قبل الميلاد، وهو روماني بيزنطي مع وجود آثار إسلامية فيه تعود للحقبة الأموية والعباسية، وهو من المواقع الأثرية المهمة في فلسطين، ومساحته داخل السور المحاط به قرابة خمس دونمات، وهو يقع إلى الغرب من سلفيت ضمن أراضي قرية دير بلوط وكفر الديك، وهو مسجل على لائحة التراث الفلسطيني لأهميته التاريخية على مستوى فلسطين والمنطقة بأسرها.
الأهمية الاقتصادية
وأضاف: نحن نتحدث عن موقع مكتمل المرافق، والموجودات التاريخية فيه متنوعة من معاصر للعنب وزيت الزيتون والبرك لتجميع المياه والآبار والقبور المنحوتة بالصخر والتوابيت المرافقة التي توضع فيها مقتنيات الميت حسب الأعراف الرومانية والبيزنطية والمعروفة بالمرفقات الجنائزية، إضافة إلى توابيت متنقلة، وغرف للسكن وإسطبلات للخيول وكنيسة، ولهذا الموقع أهمية اقتصادية في الزمن الذي وجد فيه نتيجة وجود عدة معاصر للعنب والزيتون، وكان عبارة عن عزبة زراعية، وهناك مبنى إسلامي على شكل قوس كبير يعود للفترة الأموية والعباسية، إضافة إلى سور يحيط به، وجميعها منحوتة من الصخر بشكل جمالي مميز، ومصدر صخور الموقع من مقالع للحجارة في الموقع تم اقتلاعها ونشرها بشكل فني داخل الموقع التاريخي دير سمعان.
موقع لا يخلو من منحوتات الجمال
وأشار موسى إلى وجود فسيفساء في أرضية الموقع تشير إلى الجمال الفني في الموقع، وتميزه بهذه الخاصية.
قرية منكوبة بالاستيطان
وتابع موسى قائلاً: هناك خطر على هذا الموقع التاريخي المميز من قبل الاستيطان كناحية مادية، فأعمال التجريف وإزالة الصخور من المكان بفعل الجرافات الكبيرة واستخدام التفجير للصخور من قبل سلطات الاحتلال نجم عنه تصدعات واضحة في مكونات الموقع، والخطر الأكبر يكمن في إحاطته بثلاث مستوطنات؛ وهي ليشم وبدوائيل وعاليه زهاف، وهذا الالتفاف هو بمثابة الخنق لهذا الموقع وضمه للمستوطنة الأقرب عليه وهي مستوطنة ليشم، لكي يضفي صفة التاريخية على المستوطنات، وأنها قديمة من قدم هذا الدير التاريخي الذي يصل عمره قرابة الـ2000 عام، من خلال توسط الدير لمركز المستوطنة في المستقبل.
فالمدن الحديثة لها مركز قديم يطلق عليه البلدة القديمة وهو أصل وجود المدينة، والمستوطنات تريد استنساخ هذه الطريقة من خلال اعتبار الأماكن التاريخية التي يتم ضمها مركزاً لها، وأنها انطلقت منه، مع أن تاريخ إقامة هذه المستوطنات المحيطة بموقع دير سمعان كان عام 1982، كما يتدخل الاحتلال في هذا الموقع من خلال وضع أسيجة حديدية داخله وتنظيم رحلات سياحية يهودية إليه باستمرار.
الاحتلال يحكم سيطرته على القرية الأثرية
ولفت موسى قائلاً: قبل فترة ليست بالبعيدة كنا ممنوعين كوزارة سياحة من دخول المكان، وتم السماح لنا بعد إجراء اتصالات مكثفة، ونُمنع من ترميمه من قبل سلطات الاحتلال باعتباره ضمن المنطقة المصنفة “ج”، كما يمنع الاحتلال إعطاء أي صلاحية لنا لتحويله إلى مزار سياحي تؤمه مجموعات سياحية فلسطينية، ووجودنا في الموقع فيه مخاطرة بسبب إحاطته بالمستوطنات القريبة، وملاحقة الاحتلال لكل من يزور المكان، ولا يمكن أن تكون هناك سياحة بالموقع من الجانب الفلسطيني، والجانب “الإسرائيلي” يحاول السيطرة عليه.