وصف سياسيون وبرلمانيون استخدام واشنطن حق النقض (فيتو) لعرقلة مشروع قرار بشأن القدس في مجلس الأمن بـ”بالمهزلة” وانحياز كامل للاحتلال والعدوان الصهيوني.
واستخدمت واشنطن حق “الفيتو”، أمس الإثنين، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن تقدمت به مصر بشأن القدس.
واعتبر مشروع القرار المصري أن “أي قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني، ولاغية وباطلة التزامًا بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
ودعا مشروع القرار “كل الدول إلى الامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة، تطبيقًا لقرار مجلس الأمن (478 لسنة 1980) والالتزام بقرارات مجلس الأمن وعدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات تتناقض مع هذه القرارات”.
وفي 6 ديسمبر الجاري، أعلن ترمب، اعتبار القدس عاصمة مزعومة للكيان الصهيوني الغاصب، والبدء بنقل سفارة بلاده من “تل أبيب” إلى المدينة الفلسطينية المحتلة.
وأثارت هذه الخطوة الأمريكية غير المسبوقة موجة من الغضب العربي والإسلامي، وسط قلق وتحذيرات دولية من تداعيات قرار ترمب.
وأكد رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم أن العالم كله مجمع على رفض قرار ترمب بشأن القدس.
وقال الغانم: إن تأييد 14 عضوًا في مجلس الأمن صوتوا مع مشروع القرار المصري، يعطى رسالة واضحة حول الرفض العالمي للقرار الأمريكي الأحادي بشأن القدس.
وأضاف الغانم، في بيان: “هذا الإجماع الرافض لأي خطوة أحادية باعتبار القدس عاصمة مزعومة للكيان الصهيوني، يؤكد أننا لسنا وحدنا وأن هذا العالم الحر هو الساحة التي يجب أن نتوجه إليها بالاهتمام”.
وأعرب الغانم، عن شكره لمصر بعد تقديمها مشروع القرار “الذي كان بمثابة استفتاء دولي على رفض العبث السياسي بوضع القدس الشريف”.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، رداً على “الفيتو” الأمريكي على مشروع قرار حول القدس: إن المرحلة المقبلة ستشهد إحالة المشروع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
جاء ذلك في تغريده له على حسابه بموقع “تويتر”، حول التصويت بمجلس الأمن على مشروع قرار مقدم من مصر، نيابةً عن المجموعة العربية، وبمبادرة مكثّفة من تركيا، يعتبر قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” بأنه “باطل قانونيًا” بسبب انتهاكه لقرارات الأمم المتحدة.
وأضاف قالن: “بموافقة 14 دولة مقابل “الفيتو” الأمريكي تم في مجلس الأمن الدولي رفض القرار الذي سيعتبر قرار الولايات المتحدة حول القدس باطلًا”.
وأردف: كافة الدول تحركت سويًا في التصويت لصالح القرار باستثناء إدارة ترمب، والآن ستبدأ عملية إحالة مشروع القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي حال تصويت ثُلثي أعضاء الجمعية العامة لصالح المشروع فإن ذلك سيحول دون اتخاذ خطوات لتغيير الوضع الحالي للقدس.
من جهتها، أدانت الرئاسة الفلسطينية، عرقلة واشنطن مشروع قرار بشأن القدس يعتبر الاعتراف الأمريكي بالمدينة المحتلة عاصمة لـ”إسرائيل” “باطلاً”.
ونقلت “وكالة الأنباء الفلسطينية” الرسمية (وفا) عن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، قوله: إن الرئاسة اعتبرت “الفيتو” استهتاراً بالمجتمع الدولي، وانحيازاً للاحتلال والعدوان “الإسرائيلي”.
وأضاف أبو ردينة أن “الفيتو” الأمريكي ضد مشروع قرار بشأن إعلان ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، معتبراً أنه “ضد الإجماع الدولي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، ويمثل انحيازاً كاملاً للاحتلال والعدوان”.
وشدد على أن هذا “الفيتو” سيفاقم من عزلة الولايات المتحدة، كما سيشكل استفزازاً للمجتمع الدولي.
وتابع: سنواصل تحركاتنا في الأمم المتحدة وفي كافة المؤسسات الدولية للدفاع عن حقوق شعبنا.
ووصف مراقب فلسطين الدائم لدي الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، دفاع المندوبة الأمريكية، نيكي هيلي، عن استخدام واشنطن حق النقض “فيتو” لعرقلة مشروع قرار بشأن القدس في مجلس الأمن بـ”بالمهزلة”.
وعقب إعلان نتيجة التصويت على مشروع القرار، قال السفير الفلسطيني: إن الولايات المتحدة الأمريكية قررت أن تنحاز بشكل كامل للاحتلال “الإسرائيلي”، وما سمعناه من ممثل دولة عظمي اليوم (مندوبة واشنطن) هو مهزلة.. أن يصبح الأمن والقانون الدولي هو المشكلة وليس الاستيطان “الإسرائيلي”.
وأكد أن القدس ستبقي أرضاً محتلة وجزءاً أصيلًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وستظل القدس عاصمة لدولة فلسطين التي اعترفت بها غالبية دول العالم.. هذه هي الحقيقة.
وتابع: “استخدام حق النقض لا يلغي قرارات.. “الفيتو” لم يقدر على ذلك ولن يقدر على ذلك مستقبلًا”.
واعتبر مشروع القرار أن “أي قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني، ولاغية وباطلة التزامًا بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
ودعا “كل الدول إلى الامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة؛ تطبيقًا لقرار مجلس الأمن (478 لسنة 1980) والالتزام بقرارات مجلس الأمن وعدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات تتناقض مع هذه القرارات”.
واعتبر منصور أن عملية التصويت التي جرت بقاعة مجلس الأمن، اليوم، كانت بمثابة “إجماع دولي على المبادئ الأساسية، واعتراف من جميع دول العالم بمكانة القدس الخاصة”.
وأشار إلى أن الفلسطينيين لن يقبلوا من الآن فصاعدًا بدور أمريكي منفرد في عملية السلام وإنما بجد جماعي يمثل المجتمع الدولي.
من جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس): إن عرقلة واشنطن مشروع قرار بشأن القدس بمجلس الأمن يؤكد أن الرهان عليها كوسيط نزيه إيجاد حل للقضية الفلسطينية “رهان خاسر ومضيعة للوقت”.
وتعليقًا على ذلك أصدرت الحركة بيانًا، قالت فيه: “بهذا الموقف تقدم الإدارة الأمريكية نموذجًا لممارسة سياسة التسلط والعربدة على المؤسسات الدولية وقراراتها”.
واعتبرت أن انعقاد مجلس الأمن “فرصة لتأكيد حقنا الثابت كفلسطينيين في القدس وكذلك إعادة الاعتبار للقرارات الدولية بالخصوص، والتي اعتادت “إسرائيل” أن تتجاوزها”.
وأضافت: “القدس هي العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، ولن يغير أي قرار أمريكي أو “إسرائيلي” هذه الحقيقة الراسخة”.
وتابعت “حماس”: سنعمل بكل الوسائل المتاحة لمقاومة هذه القرارات والإجراءات ولن نسمح بتمريرها.
ولفتت إلى أن الإدارة الأمريكية “تتحمل كل ما سيترتب على تلك القرارات المتهورة من اضطراب وعدم استقرار في المنطقة، فهم بذلك يصبون الزيت على النار المشتعلة”.
وطالبت الحركة المجتمع الدولي “للتحرك الفوري وبكل السبل لمنع أي إجراءات تمس المدينة المقدسة، ووضعها العمراني والسكاني والديني.
كما حذرت “إسرائيل” من أي خطوات يمكن أن تمس الأوضاع بالقدس، سواء على المستوى الديموجرافي أم العمراني أم أوضاع المقدسات فيها (..) وسيدفع ثمن جرائمه بحق شعبنا ومقدساته.
ودعت الأمة العربية والإسلامية للتحرك الفوري والمستمر لحماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية من هذه الهجمة الأمريكية “الإسرائيلية”.
واعتبر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، د. علي القرة داغي، أن استخدام أمريكا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن القدس يعدّ “إرهابًا وتحديًا لدول العالم أجمع”.
وفي حسابه على “تويتر”، قال القرة داغي: اجتمع 15 من أعضاء مجلس الأمن ووافق 14 على قرار القدس ورفضه عضو واحد (أمريكا) فسقط القرار!
وتساءل: أليس هذا إرهابًا واستخفافًا وتحديًا لرغبات كل دول العالم مجتمعة؟!
في المقابل، أعرب مندوب “إسرائيل” الدائم لدى الأمم المتحدة السفير داني دانون، عن عميق امتنانه للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ونائبه مايك بنس، ومندوبته الدائمة لدي الأمم المتحدة السفيرة نيكي هيلي.
وقال المندوب “الإسرائيلي”: إن “الدول التي صوتت اليوم لصالح مشروع القرار، هي دول مذنبة ومنافقة.. فالقدس عاصمة للدولة اليهودية منذ آلاف السنين”.
وأضاف: “اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لدولتنا هو مجرد تعبير عن الحقيقة”.