– اختيار السقا لدور السيسي ورزق لدور مرسي يشي بطبيعة الرسالة المطلوب إيصالها لأذهان الجماهير
– حسام الغمري: الفيلم محاولة لاستعادة صورة البطل الشعبي بالربط بين السقا والسيسي
عقب فوز السيسي بالانتخابات الهزلية التي جرت مؤخراً، استأنف فريق عمل فيلم “سري للغاية” تصويره في عجلة لعرضه مع أفلام عيد الفطر المبارك.
وقبل شهور، أشار رأس النظام المصري عبدالفتاح السيسي للممثل أحمد السقا للحديث في مناسبتين مختلفتين جمعته مؤخراً بالممثلين، ما أوحى بأن السيسي الذي كان وقتها مرشحاً لفترة رئاسية جديدة، ربما كان صاحب اختيار السقا لتجسيد شخصيته في الفيلم الذي يتناول أحداث الفترة منذ ثورة يناير إلى الانقلاب العسكري يوليو 2013.
ويجري تصوير فيلم السقا تحت اسم “سري للغاية”، ويجسد فيه شخصية الرئيس محمد مرسي ممثل كوميدي هو أحمد رزق؛ ما يشي بطبيعة التناول الهزلي للشخصية، والفيلم للكاتب وحيد حامد المعروف بعدائه للإسلاميين.
تشويه وتمجيد
ومنذ عامين أنتج الممثل تامر عبدالمنعم فيلمه “المشخصاتي 2” وجسّد فيه شخصيات سياسية تنتمي لجماعة الإخوان.
وتبنى عبدالمنعم في أحداث الفيلم الدعايات السوداء لنظام السيسي ضد الإخوان، وقدّم فيه بشكل هزلي مسيء شخصيات الرئيس مرسي وآخرين من الإسلاميين السياسيين.
وتوقع الناقد الفني حسام الغمري أن يخصم فيلم “سري للغاية” من رصيد السقا كفنان لدى جمهوره لاسيما الشباب، وهو الذي “ظل متمتعاً بالقبول في منطقة الأداء الحركي، واجتذب فئة البسطاء بدور البطل البلطجي أحياناً”.
ويعتقد الغمري أن اختيار السقا لبطولة الفيلم وتجسيد السيسي ليس عشوائياً بل موجهاً، فالسقا مرتبط في أذهان البسطاء بشخصية البطل الشعبي الذي يحطم ويتحدى، للإيحاء بالربط بينه وبين السيسي، الذي يحتاج لصورة ذهنية جيدة لدى العامة.
ويستدرك بالقول: ولكن الدور كان يحتاج ممثلاً بموهبة الراحل أحمد زكي صاحب الأداء التشخيصي البارع، وهو ما يفتقده السقا المتخصص في الأداء الحركي.
وألمح المتحدث إلى أن وحيد حامد بحرفيته المعروفة سيقدم “حكاية محبوكة تدس السم في العسل، نكاية في الإسلاميين الذين يعاديهم”.
ورأى الغمري في الفيلم “استمراراً لنهج الحكام العسكريين الذين اعتادوا اللجوء للسينما لتمجيد أنفسهم وتشويه تاريخ المعارضين، كما حدث عقب انقلاب 1952م، بأفلام مثل “رد قلبي” الذي شوّه العهد الملكي، أو فيلم “الكرنك” الذي شوه بأوامر من الرئيس الراحل أنور السادات فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
إنتاج بلا عوائد
وترى المخرجة شيرين غيث في إنتاج فيلم بهذه التكلفة التي تبدو ضخمة، استنساخاً لطريقة عبدالناصر في تمجيد الحكم العسكري وتشويه الخصوم، وهو ما يحتاجه السيسي، بمحاولة استدعاء صورة البطل الشعبي المنقذ.
وعدّت غيث السينما مرجعية بصرية لأجيال ربما لن تقرأ التاريخ الحقيقي، لذا فهذا الفيلم الذي سيشوه بلا شك كل خصوم السيسي بمن فيهم ثوار يناير، ضعيف وقصير المدى في تأثيره.
وأكدت غيث أن السينما مؤشر لا يخطئ لمدى نجاح الفيلم، بمبيعات التذاكر وإقبال الجمهور، وهو ما جرى لفيلم “المشخصاتي” الذي فشل بجدارة.
وربما لهذا السبب اعتمد النظام على الفضائيات دون السينما في دعايته لنفسه، أما في هذا الفيلم، فرهانه على الجمهور البسيط لا الواعي المدرك أنه بصدد عملية غسيل مخ، بحسب شيرين غيث.
والمعضلة برأيها تكمن في أن الفيلم السياسي الدعائي لا يحقق عوائد للمنتجين، وهنا سيكون على النظام إما إنتاجه من ميزانية الدولة المنهكة، وإما بأموال المنتجين التابعين للنظام، الذين سيعتبرون خسائرهم قرباناً للنظام المعادي لحرية التعبير الفني عموماً.
ويكشف المؤلف عمرو سمير عاطف عما يجري تداوله في الوسط الفني من تكاليف ضخمة لإنتاج الفيلم تصل إلى 240 مليون جنيه، ودلالة هذا الاتجاه برأيه تؤكد أهمية السينما لإيصال الرسائل التي يريدها المنتج، وهو هنا جهات رسمية، رغم انتشار الفضائيات، غير أن الحديث عن مضمون الفيلم ورسالته المحددة سابق لأوانه.
ويستدرك عاطف بالقول: إن الفن هو تأمل في الأحداث وليس لهثاً لتسجيلها أولاً بأول، فنجيب محفوظ كتب الحرافيش بعد توقف طويل وتأمل لما جرى عقب 1952.
ويفسر المتحدث اللجوء لأحمد السقا لمحدودية النجوم الذين يمكنهم النهوض بفيلم سينمائي، وربما كان هو الأقرب من حيث المواصفات الشكلية للسيسي.
ونفس التفسير يسحبه المتحدث على اختيار الممثل أحمد رزق، فلم يتم اختيار رزق برأيه لأنه ممثل كوميدي للسخرية من مرسي، ولكن لأنه الأقرب شكلاً للرئيس مرسي.