أفاد رئيس الحكومة التونسية الأسبق حمادي الجبالي في حوار خصّ به موقع “حقائق أون لاين“، ينشره على أجزاء، أنّه يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، مضيفاً أنه من الممكن أن يعود لحركة النهضة في حالة وحيدة.
وقال الجبالي: “حالياً ليس لي استعدادات كبيرة في علاقة بإعداد العدّة للرئاسية، فأنا بصدد التفكير والمتابعة والمراقبة، وإن شاء الله في الوقت المناسب قد أشرع في الحملة الانتخابية.. إعلاني نية الترشح للرئاسية ليس الغرض منه قطع الطريق على أي أحد بما في ذلك الغنوشي.. أنا ودي لو يترشح الجميع من النهضة والباجي وابنه معه والشاهد أيضاً وحمة الهمامي.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وأضاف الأمين العام المستقيل من حركة النهضة: في حال فوزي بالرئاسية يمكن أن أقدم للشعب التونسي تجربتي ونقدي الذاتي وفهمي لأولويات تونس التي لا يمكن أن تسيّر على الشاكلة الحالية سواء في رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية، فمؤسسة رئاسة الجمهورية يجب أن تكون للجميع، وتقدم أفضل ما يمكن لتونس في ظل الانفتاح، ولا يسودها حزب.. سأكون مستقلاً، ولا أبحث عن دعم النهضة ولا أطالبها بذلك، من حقي ويشرفني أن أعول على مساندة قواعد وأنصار حركة النهضة وغيرهم أيضاً، وهذا امتحان الحقيقة.
وعن إمكانية ترشح رئيس حركة النهضة للانتخابات الرئاسية قال محدثنا: من حق الغنوشي الترشح، ومن حق النهضة أن يكون لها مرشح من داخلها، وهذا لن يفقد الود والمحبة والاحترام.. ليس مطروح عليَّ فرضية سحب ترشحي في حال ترشح الغنوشي.. ووقتها يمكن أن نناقش من هو الأجدر ومن يمكن أن يحقق مصلحة البلاد.. الغنوشي له الدراية والعقل الذي يمكن من خلالهما أن يعرف جيداً أين تكمن مصلحة النهضة والبلاد.. أنا لا أتجاسر على أن أقول له: ترشح أو لا تترشح، هذه قضية داخلية للنهضة وأفرادها ومؤسساتها الفصل فيها.
وقال الجبالي رداً عمن يعتبر أنه قد فشل حينما كان رئيساً للحكومة: حكومتي الوحيدة هي التي نجحت منذ الثورة وهي الأكثر نجاحاً بكل المقاييس والأرقام والمؤيدات، في النمو الاقتصادي وفي التشغيل وفي الحريات والديمقراطية وفي تشكيل مؤسسات الدولة والدستور.. إذا أرادوا المقارنة فلنقارن في كل المجالات.. في مجال الصحافة والرأي.. التقارير الصادرة حول حقوق والإنسان والإعلام والفساد، هذه ليست فزاعة مني.. الاقتصاد المنهار حالياً ليس فزاعة مني.. 67 يوماً مخزون احتياطي العملة الصعبة للتوريد.. محافظ البنك المركزي يقول: إن عائدات السياحة لم يصلنا منها شيء، هل هي فزاعة مني؟ الفساد ضارب بأطنابه واللوبيات أيضاً.. القبض على طرف من قبل الشاهد لا يعني وجود حرب على الفساد بل هي تصفية حسابات.. أشكك في جدية الحرب على الفساد.. الحرب على الفساد يجب أن تكون دون تمييز ودون حسابات.. الفساد معروف وله أماكنه ولوبياته وأرقامه.. لو يخوض الشاهد حرباً حقيقة على الفساد سأكون أول المصفقين له.
وبخصوص إمكانية أن يكون الشاهد منافساً له في الرئاسية، أجاب الجبالي قائلاً: من الطبيعي أن نتنافس سياسياً وأخلاقياً.. لا يخفيني الشاهد ولا غيره.. وإذا دخلت الرئاسية سأدخلها بعقلية إقناع التونسيين.. فالجمهور الافتراضي الداعم للشاهد ليس جمهوري الانتخابي.. ربما هناك تزاحم في بعض النقاط وفي بعض الجغرافيا وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، لسنا في نفس الميدان الاجتماعي والشعبي، ولا أخشى دعم النهضة للشاهد في المستقبل انتخابياً، ولكن ما يخيفني هو أن تفعل النهضة ما فعلته في عام 2014 وهو أن تضيّع كل شيء من خلال تكرار تجربة الرئيس التوافقي الذي هو غير توافقي، لا أتصور اليوم أن النهضة تحكم في البلاد.. الآن نفس المنظومة تفرقت وتبحث عن شخص جديد لإنقاذها.. فليكن الشاهد إذا رأوا فيه المواصفات، ولكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب مصلحة البلاد وأولوياتها.. الشاهد إذا ما رغب في الترشح لا أتصور أنه من المفيد أن يواصل على رأس الحكومة، فالحكومة يجب أن تسخر كل جهودها لإنقاذ تونس أو ما تبقى، وهذا يتعارض مع الترشح للانتخابات.
وتابع الجبالي حديثه بالقول: في الوقت المناسب سأكشف عن برنامجي الانتخابي وسأهيئ نفسي بوسائلي البسيطة إن شاء الله.. أنا حالياً في صلب التاريخ، ربما تعوزني الوسائل التي يعتبرها الناس أساسية من مال وإعلام، ولكن هناك جانباً آخر أهم من هذا وهو سيكون محدداً.. هو المصداقية ونظافة اليد.. سأعول على رصيدي الشخصي والشعبي ومن يريد مشاركتي في هذا المشروع من أجل تونس.. فليست الأموال وحدها عاملاً للنجاح.. لا أعول فقط على جمهور النهضة بل كل من يمكن أن يساهم في هذا المشروع..
قناعتي أن الرئيس يجب ألا يكون ملك حزب بل يجب أن يكون ملك تونس.. المؤسسة الرئاسية هي الأمل لبداية الإصلاح وإعادة روح الثورة في البلاد وهي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلم المجتمعي.. رئاسة الجمهورية يجب أن تكون مفتوحة على كل طاقات البلاد دون لون أو استثناء.. رئيس الجمهورية يجب أن يعمل من أجل الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في الداخل والخارج.. رئاسة الجمهورية لها وزن كبير من دبلوماسية اقتصادية وعلاقات دولية والقدوة التي يمكن أن تبثها في البلاد.. رئاسة الجمهورية يجب أن تكون صوت من لا صوت له.. أن تكون منحازة للشعب، وأن تسعى لإصلاح أوضاع البلاد على كل المستويات مع الحكومة ومجلس نواب الشعب.. رئاسة الجمهورية يجب أن تكون مرجعية لحل الأزمات، وأن تساهم في صياغة توافق صحيح لا مغشوش.. والتوافق الحالي نتائجه أمامنا ظاهرة للعيان.. النهضة كان بإمكانها ممارسة دور أفضل وأكثر شراسة… يجب أن تقول: لا حينما يتعلق الأمر بمصلحة الشعب ومصلحة تونس دون الدخول في الحسابات الشخصية والعائلية.
وعن رسالته لقواعد وأنصار حركة النهضة التي من الممكن أن يعود لها: أقول لقواعد وأنصار النهضة: إنه لا قدر الله بقيت في الحركة لانقسمت وتصدعت.. أنا لم أتعود على العمل دون وضوح واحترام لقوانين الديمقراطية داخل النهضة، وبقائي كان يمكن أن يكون قبولاً بواقع أو لا قدر الله أتسبب في شقّ صفّ النهضة.. خروجي أنقذ النهضة والبلاد من انقسام.. والتاريخ يقول ذلك.. من يعاتبني من قواعد النهضة وأنصارها أعتبر ذلك عتاب المحبة، وأقول لهم: يجب قراءة التاريخ قراءة صحيحة والنظر للمسألة برمتها.. غادرت بسبب ملفين هما إدارة النهضة وسياسات النهضة.. ليس لي خلاف شخصي مع الشيخ راشد وهو أقرب إنسان لي محبة واحتراماً.. والمؤسسات والمؤتمر هما من يقرران عودتي للنهضة من عدمها.. أنا دخلت للنهضة من أجل مشروع، وربما أعود من أجل نفس ذلك المشروع.. ولكن لا أجد نفسي في المناخات الحالية داخل حركة النهضة، ولا أقول: إنها حادت عن مشروعها.. لا يمكن أن أوافق على سياساتها الحالية ولكن أيضاً لا يمكن أن أسبب لها تصدعاً وانقساماً.. خيرت “أني نأكلها في عظامي” ولا أتسبب في انقسام الحركة… عودتي لمؤسسات الحركة هي قضية تعود لأبناء النهضة وقواعدها.. عندما أرى نفسي أستطيع أن أقدم شيئاً للنهضة وللبلاد لن أتردد في العودة.. نحن قصرنا في حق آلاف مناضلي النهضة الذين بقوا مغمورين، هم قدموا كل شيء ولم يأخذوا شيئاً.. ولا دينار صرف لأبناء النهضة، ومن يقول هذا هو مجرم ويغالط التونسيين.. لم يخرج أي دينار من خزينة الدولة لصالح مناضلي النهضة.