تزوج رجل مسن ثري زوجة ثلاثينية بعد وفاة زوجته، فاعترض إخوانه وأبناؤه على هذا الزواج خوفاً على الورث، وقالوا له: هذه لا تصلح لك، هذه صغيرة وأنت مسن.
فقال: أنا أحتاج زوجة قوية تساعدني في حياتي، أتكئ عليها، وتسندني عند القيام والمشي، وأريد زوجة تعالجني لا أعالجها.
فقالوا: إنها من عائلة بسيطة، وأنت من عائلة كبيرة.
فقال: أريد زوجة تخدمني في خصوصياتي، في الملابس والاستحمام.. وغير ذلك، ولو تزوجت امرأة غنية ومن عائلة كبيرة، فلن يسمح لها وضعها الاجتماعي (برستيجها) بخدمتي، وستطلب لي خادماً شخصياً.. وباءت محاولاتهم بالفشل.
استمر الزواج عدة سنوات بشكل مستقر، حتى توفي الثري، فأعطوا الزوجة الأرملة مبلغاً من المال كبيراً بالنسبة لها، وضئيلاً بالنسبة لهم، واشتروا لها بيتاً صغيراً في منطقتها، ورضيت بالقسمة، لأنها لا تعلم أملاك زوجها.
وصل الخبر لمحام نشط، فقال لها: حقك أكثر من ذلك، فعملت له توكيلاً، وكسب القضية، ونالت حقها عدة ملايين، وحصل على نسبة منها.
أعلم أن كل شخص سيبدأ يتساءل.. من المقصود بهذه الحكاية؟ والرد باختصار: القصة متكررة بفكرتها، متعددة بطريقتها بين عدة أسر، والمقصد هنا هو العبرة من الظلم الذي يمارسه البعض من أجل الاستحواذ على الورث بحجج واهية، وأن الزوجة دخيلة، أو خدعته، أو سحرته.. إلخ من قصص النساء، أو أن الزوج مخرف، و”يدلع روحه”.. وغير ذلك من قصص الرجال.
ولعلنا سمعنا عن قصة مشابهة لمسن تزوج وافدة لنفس الهدف، وقامت على خدمته، وتحملت أذاه ومشاكله، وعندما توفي أعطوها مبلغاً من المال، وقالوا لها إننا نريد الغرفة لأولادنا، أو سنبيع البيت، وقد كبرت فلا هناك من يتزوجها، فتهيم على الأرض لتعيش بقية حياتها ذليلة.
الفكرة ذاتها، ولكن بأسلوب آخر.
والله إنه لأمر معيب أخلاقياً قبل أن يكون محرماً دينياً، فتلك الزوجة أصبحت جزءا من الأسرة، وقد خدمت زوجها المسن بما لا يعلمه إلا الله، والذي لن يستطيع أو يبادر أحد من أبنائه أو إخوانه بالقيام به، ولعلها لم تستمتع معه كزوج بقدر ما خدمته كرجل، وأخذ منها شبابها لأجل خدمته، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
ثم إن من اختارها هو الزوج.. الأب أو الأخ، فهل هذا بر الوالد، أو تقدير الأخ؟! والله ما هذا إلا كبر وظلم.
لقد كان من الأولى عدم الاعتراض على الزواج من حيث المبدأ، ولن يستطيع تقدير الحاجة إلا من عاشها، والأجدر بعد وفاته إعطاؤها حقها كاملاً من الورث، فهذا أمر شرعي لا اختياري أو مزاجي، وأن تكرم بشكل يليق بزوجة خدمت والدهم، فالأبناء أصبحوا محارم لها.
فلنتق الله في الأمانات.
_____________________
ينشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.