لا تمتلك المقدسية هنادي الحلواني سوى إرادة حديدية في مواجهة مخابرات الاحتلال التي تلاحقها منذ عام 2011 عندما كانت تدرس القرآن في المسجد الأقصى المبارك.
“المجتمع” تلتقي هنادي الحلواني وتسألها عن سر “طنجرة المقلوبة” في الصراع مع مخابرات الاحتلال التي تقتحم منزلها عند نهاية قرار الإبعاد بصورة وحشية من أجل تسليمها قراراً جديداً.
تقول الحلواني: سر طنجرة المقلوبة يعود إلى رمضان عام 2015 عندما منعت من دخول الأقصى، وكان هذا القرار صادماً لي، فأنا لم أتخيل أن يتم منعي من الصلاة في المسجد الأقصى في شهر رمضان.
وتضيف: وبعد مرور وقت قصير على تلقي الصدمة قررت أن أكون بجانب “الأقصى” عند أقرب نقطة، وكان باب السلسلة القريب على المسجد الأقصى مكان الرباط والإفطار، وكان معي أولادي ومجموعة من النساء.
وتتابع قائلة: عند المكان الذي منعت فيه من المسجد الأقصى تم إفراغ طنجرة المقلوبة، والضابط الذي منعني كان واقفاً مصدوماً مدهوشاً من قوة رباطنا مع أولادي وزميلاتي، وتم إحضار قوة من الشرطة وأحاطت بنا ونحن نتناول المقلوبة بسعادة لا توصف، ومن حولنا الضباط والجنود لا يملكون شيئاً سوى الإحاطة بنا والحراسة، فنحن ملوك المكان وهم يحرسون طنجرة المقلوبة.
وتقول الحلواني التي لا تفارقها الابتسامة بالرغم من ملاحقة أمنية شديدة لها ولزوجها ولأولادها ولعائلتها: اعتقلت 25 مرة، ومكثت في السجن خمس مرات، منها لمدة أسبوعين، وصنعت المقلوبة داخل السجن، فجن جنون ضابط المخابرات الذي صرخ قائلاً: تصنعين المقلوبة في السجن وعلى أبواب المسجد الأقصى وداخله.
وتتابع بقولها: وتعرضت للتحقيق عشرات المرات، وقرارات الإبعاد بدأت من عام 2012 حتى عام 2019، ومعي قرار بالإبعاد لمدة عام، وفي جولات التحقيق تم تهديدي بإبعادي إلى غزة أو تركيا، وهددوني بألا أشارك في زواج ابنتي والفرحة بها، وقطعوا مخصصات التأمين الوطني ومنعوني من العلاج، وفي كل قرار للإبعاد تكون لديَّ خريطة توضح مسار حركتي، وهم يرغبون ويتمنون أن أخالف الخريطة المرفقة بقرار الإبعاد حتى يتم اعتقالي وفرض الغرامات المالية الباهظة.
وعن بداية يومها في شهر رمضان تقول الحلواني: لديَّ عائلة وزوج وفتاة بعمر العشرين وطفل بعمر الحادية عشرة، وبعد الانتهاء من وجبة السحور والأعمال المنزلية أتوجه إلى مسجد عابدين القريب من مكان سكني وأقوم بتعليم القرآن، وعند المساء في يومي الخميس والجمعة أقوم بتحضير عدة طناجر من المقلوبة وورق الدوالي وأحملها أنا وزوجي وأولادي ونضعها عند أقرب نقطة من المسجد الأقصى ونفترش الأرض، ويكون هناك جزء مخصص للوافدين من الضفة الغربية حيث يشاركوننا مأدبة الإفطار وجنود الاحتلال يحرسوننا.
وتشير إلى أن طنجرة المقلوبة أينما وجدت تكون شرطة الاحتلال حولها، ويشاهد أفراد الشرطة تجمعنا عند الإفطار وهم في حيرة من أمرهم.
وعن عذاب الاعتقال والملاحقة تقول الحلواني: نساء القدس مستهدفات بشكل مباشر، وعند اعتقالنا يمعن ضباط السجون في تشديد الإجراءات، والبوسطة تستمر من 10 إلى 20 ساعة بشكل متعمد، وجميع رحلات البوسطة كنت أصوم فيها؛ لأنه لا يسمح لي بالذهاب إلى الحمام والوضوء، وفي إحدى المرات طلبت كوب ماء في معبار الرملة كي أفطر عليه، وكان جوابهم الرفض وعدم الاستجابة لطلب إنساني.
تواصل الحلواني حديثها قائلة: أنا أحمل شهادة الخدمة الاجتماعية وأقوم بتعليم علوم القرآن، وهذا يجعل عملي مزدوجاً في خدمة المسجد الأقصى وكتاب الله، ومن لحظة خروجي من المنزل تكون المراقبة من شرطة الاحتلال، فأنا بالنسبة لهم مع طنجرة المقلوبة وورق الدوالي هدف أمني، فهذه هي دولة الاحتلال تتعامل معنا بعنصرية مقيتة.
وتختم الحلواني: الاحتلال أراد من قرار إبعادي تغييبي عن المسجد الأقصى، إلا أن الرسالة وصلت إلى كل أنحاء العالم، وهذا مما أغاظ الاحتلال، فخلال سفري صنعت المقلوبة في البحرين وتركيا وكانت الفرحة عارمة، فرسالة المسجد الأقصى وطريقة تعامل الاحتلال مع المصلين أصبحت حاضرة في كل بلدان العالم، وأن الاحتلال يمارس العربدة وقمع الحريات ومنها حرية العبادة التي كفلتها كل القوانين الدولية.