تصاعدت المطالبات الدولية بالتحقيق في ملابسات وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي (68 عامًا) غداة إعلان وفاته خلال جلسة محاكمته، وسط استمرار الصمت الرسمي العربي والغربي.
كما واصل رؤساء دول وقيادات وأحزاب وحركات دينية وسياسية وأدباء نعي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في مصر، يتصدرهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وبينما سادت حالة من الهدوء الحذر في القاهرة، الثلاثاء، وسط تشديدات أمنية مكثفة وصمت رئاسي، ضج الفضاء الإلكتروني بتغريدات وتدوينات غضب وحزن ونعي لمرسي، وذلك عبر موقعي” فيسبوك”، و”تويتر”.
يأتي ذلك وسط تراجع ملحوظ في التدفق الخبري بأغلب المواقع الإلكترونية المؤيدة للنظام أو الخاصة في مصر، بتغطية الحادث، لا سيما وهو أول حالة وفاة لرئيس داخل محبسه.
ونعاه شخصيات عامة وفنانون وأدباء وسياسيون وأحزاب وقيادات بالعديد من الدول كما خرجت مظاهرات إحداها في مسقط رأسه بدلتا مصر.
تحقيق سريع ومستقل
وطالب الناطق باسم مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، روبرت كولفل، بتحقيق سريع ونزيه شامل وشفاف تقوم به هيئة مستقلة لتوضيح أسباب وفاة مرسي.
كما دعا البرلماني البريطاني من حزب المحافظين، كريسبن بلانت، إلى فتح “تحقيق دولي مستقل” في ملابسات وفاة مرسي.
وقال بلانت، الذي ترأس سابقًا لجنة لمراجعة ظروف احتجاز محمد مرسي في عام 2018 ، في بيان له: إنه “لم يكن سجيناً عادياً”، ووفاته تعكس عدم قدرة السلطات المصرية على المحافظة على حقوق السجناء.
وانتقدت كل من منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ومنظمة “العفو الدولية” السلطات المصرية، داعيتين لإجراء تحقيق فوري في وفاة مرسي.
كما طالبت جماعة الإخوان المسلمين في العالم، الإثنين الماضي، بتحقيق دولي فيما وصفته بـ”جريمة اغتيال” أول رئيس مدني منتخب، محمد مرسي، خلال جلسة محاكمته.
وتظاهر العشرات ليل الإثنين/الثلاثاء أمام السفارة المصرية في العاصمة الموريتانية نواكشوط للمطالبة بتحقيق دولي في وفاة مرسي.
في ذات السياق، تقدم المحامي الفرنسي جيليز ديفيرز، بطلب إلى الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في وفاة محمد مرسي.
وأضاف ديفيرز: إن الطلب الذي تقدم به اليوم للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، جاءت بدعم من 9 منظمات دولية.
ولفت ديفيرز إلى أن الطلب تضمن إرسال خبراء إلى مصر لفحص التقارير الطبية وتحديد سبب الوفاة، مشيرًا إلى أن الرئيس مرسي لم يكن يتلقى الرعاية الصحية في السجن خلال السنوات الـ6 الماضية.
وتابع: من الواضح أن موت مرسي لا يبدو طبيعيًا، وليس لأحد أن يقول غير ذلك، مشيرًا إلى أن المشكلات الصحية التي كان يعاني منها مرسي لم تحدث فجأة.
وفاة غير طبيعية
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: إنه لا يصدق أن وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي كانت طبيعية.
جاء ذلك عقب أدائه صلاة الغائب على مرسي في مسجد الفاتح بمدينة إسطنبول، بمشاركة آلاف الأتراك وأبناء الجاليات العربية.
كما ترحم رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، كمال قليجدار أوغلو، على روح مرسي.
وانتقد قليجدار أوغلو، في كلمة أمام كتلته النيابية بالبرلمان التركي، دفن جثمان مرسي خفيةً، واقتصار مراسم الدفن على أسرته.
مواقف راسخة
وقدم رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، الثلاثاء، التعازي في اتصال هاتفي مع نجلاء علي محمود، زوجة الرئيس الراحل.
واستعرض رئيس الحركة مواقف الرئيس الراحل الراسخة تجاه القضية الفلسطينية والقدس وغزة في مختلف محطات جهوده في العمل العام سواءً نائبًا في البرلمان أو رئيسًا لمصر.
كما قدّمت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى تركيا تعازيها في وفاة مرسي.
ونعى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مرسي، معبراً عن “خالص تعازيه في الرئيس الراحل الذي ظل وفيا خلال فترة رئاسته وداعماً لتطلعات الشعب السوري ولثورته في سبيل الحرية والكرامة والديمقراطية”.
وقدّم رئيس المجلس الرئاسي في جمهورية البوسنة والهرسك، باكر عزت بيجوفيتش، تعازيه، مؤكداً أنه تلقى نبأ وفاة مرسي بحزن كبير.
كما قدم الأمين العام لمجلس العلماء الإندونيسي، أنور عباس، تعازيه بوفاة مرسي الذي “ناضل من أجل الديمقراطية في مصر”.
ونعاه سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، قائد الائتلاف الحكومي في المغرب: “رحمه الله ورحم جميع موتانا”.
من جانبه، أعرب نائب الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، سليمان العمراني، عن حزنه الشديد على هذه الوفاة المفاجئة.
وقرأ نواب البرلمان التونسي، في جلسة عامة، الثلاثاء، سورة الفاتحة على روح الرئيس محمد مرسي.
مناهض للاستبداد
ووصف أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية بموريتانيا، محمد مرسي بأنه من خيرة أبناء الأمة المناهضين للاستبداد.
وقال المرشح الرئاسي محمد ولد مولود، في تعزية نشرتها الصحافة الموريتانية: “الأمة الإسلامية فقدت واحداً من خيرة أبنائها البررة وهو يدافع عن العدل والشّرعية ويناهض الظلم والاستبداد”.
وقال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمصر، يوسف ندا: إن روح محمد مرسي ذهبت إلى بارئها تاركة مرآة التاريخ تسجل إحدى صفحات الجهاد ومقاومة الدكتاتورية.
مظاهرات
وتظاهر عدد من مؤيدي محمد مرسي في مسقط رأسه بقرية العدوة بمحافظة الشرقية (دلتا النيل/ شمال)، عقب صلاة الغائب على روحه.
وأفاد تلفزيون “وطن”، الذي يبث من الخارج، أن “مظاهرة حاشدة خرجت بعد صلاة الغائب على مرسي، من مسقط رأسه بقرية العدوة”.
ونقل المصدر ذاته، صوراً لخروج العشرات من أبناء القرية، وسط حديث عن وصول قوات أمن للتعامل مع الاحتجاج النادر.
كما وقف مئات من الطلبة الجزائريين، الثلاثاء، دقيقة صمت ترحماً على مرسي خلال مسيرة بساحة الشهداء بقلب العاصمة، وهتفوا ورددوا شعارات داعمة للراحل ومنتقدة للسلطات المصرية.
فنانون وأدباء
ونعى فنانون مصريون بارزون وفاة مرسي، بينهم معارضون بارزون للرئيس الراحل ولجماعة الإخوان أبرزهم الفنانة المصرية شريهان، ونبيل الحلفاوي، وخالد أبو النجا، وعمرو واكد، والمطرب حمزة نمرة.
وقال الأديب المصري المعارض، علاء الأسواني: “رحم الله د. مرسي وغفر له”.
وقدّم سياسيون باكستانيون وماليزيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعازيهم للشعب المصري، بوفاة محمد مرسي.
ونعى المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان، عوض الله حسن، مرسي، قائلاً: “سيكون رحيله بداية الحرية للأمة”.
وقدم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، التعازي، قائلاً: “إيران ومع احترامها لآراء الشعب المصري العظيم، تقدم التعازي بوفاة مرسي إلى الشعب المصري وأسرته وأحبائه”.
وقدمت الحركة الدستورية الإسلامية الكويتية “حدس”، الإثنين، خالص العزاء بوفاة مرسي، ووصفته بأنه كان عنواناً للصمود والثبات.
وأمس، نعاه كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس حزب “عدالة الشعب” الماليزي، أنور إبراهيم، وعبدالرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي بالجزائر، وحركة النهضة التونسية، والملكة نور الحسين، عقيلة ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، وجماعة العدل والإحسان (كبرى الحركات الإسلامية في المغرب)، إلى جانب برلمانيين كويتيين.
كما نعاه رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، نهاد عوض، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، ورابطة “علماء فلسطين” في قطاع غزة، وحركة “حماس”، وحزب المؤتمر الشعبي بالسودان.
وأعلن التلفزيون المصري، الإثنين الماضي، عن وفاة مرسي، إثر تعرضه لنوبة إغماء أثناء محاكمته، في قضية “التخابر مع حماس”.
وفي وقت سابق، كشف محامي أول رئيس مدني منتخب في مصر، عبدالمنعم عبدالمقصود لـ”الأناضول”، عن دفن جثمان مرسي في الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي، بأحد مقابر شرقي العاصمة القاهرة، بعد أقل من 24 ساعة على وفاته.