قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إن حركة “حماس” بقطاع غزة نجحت في “ابتزاز” إسرائيل عبر الحصول على تسهيلات بتخفيف الحصار بعد خمسة أسابيع من الاستنزاف، أُطلق خلالها عشرات الصواريخ والبالونات المتفجرة تجاه المستوطنات المتاخمة للقطاع.
وأوضحت الصحيفة أن القصة بدأت منذ أكثر من شهر بقليل، عندما أعلنت مصر بدون سابق إنذار زيادة الضريبة بشكل كبير على غاز الطهي الذي يتم تزويد قطاع غزة به عبر معبر رفح، الذي يستخدم أيضا لمرور البضائع من مصر إلى غزة.
وأضافت بحسب مصر العربية :”في الوقت نفسه، تم زيادة الضريبة أيضا على إطارات السيارات المستوردة من مصر، وفُرضت ضريبة إضافية على جميع الفلسطينيين الذين يغادرون قطاع غزة عبر معبر رفح”.
كانت الضربة لـ “حماس” صعبة ومؤلمة – لكنها لم تكن مفاجئة، بحسب “يديعوت” التي قالت إن قبل تلك الأحداث بأيام أخل زعيم “حماس” إسماعيل هنية بوعده لمسؤولي المخابرات المصرية وتوجه إلى طهران لحضور جنازة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قسام سليماني الذي تم اغتياله على يد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.
وقالت إن المصريين طلبوا من هنية قبل خروجه في جولة من قطاع غزة وقبل اغتيال سليماني أمرا واحدا “ألا تطأ قدماه إيران”، لذلك غضبت القاهرة وسارعت إلى إيذاء “حماس” اقتصاديا عندما أخلف زعيمها وعده، على حد قول الصحيفة.
قفزت أسعار الغاز في غزة إلى السماء، وتوقف استيراده من مصر بشكل كامل تقريبا، وتوقفت واردات الإطارات لعدم جدواها اقتصاديا، وأصبح باستطاعة الطبقة الغنية فقط الخروج من القطاع عبر معبر رفح بعد دفع ضرائب فادحة للمصريين.
“شعرت حماس أنه تم دفعها إلى الزاوية وبدأت في فعل الأمر الذي تفعله كلما شعرت أن الكماشة أطبقت عليها: توجه النيران لإسرائيل”.
ولفتت “يديعوت” إلى أن “حماس” كانت أمامها خيارات متعددة، لكنها اختارت ورقتين، أولها استئناف إطلاق البالونات المتفجرة بمعدل كبير تجاه إسرائيل، والتغاضي عن إطلاق الصواريخ بكثافة منخفضة.
وتابعت :” كان المنطق واضحا- وهو خلق جو من المواجهة مع إسرائيل على “نار هادئة”، لوقت طويل، حتى يدركون في مصر وإسرائيل أنهم لا يستطيعون اتباع هذه السياسة. ليس من المستبعد أيضا أن تكون حماس قد قدرت أن إسرائيل لن تتسرع في خوض مغامرات عسكرية كبيرة قبل الانتخابات (الإسرائيلية المقررة في 2 مارس المقبل)، وأن الرد الإسرائيلي سيكون مدروساً”.
“حققت سياسة الاستنزاف التي اتبعتها حماس أهدافها: بعد بضعة أيام عادت مصر إلى إدخال العاز إلى غزة بأسعار مخفضة بينما سارعت إسرائيل لجلب كميات هائلة من الغاز لمنع الأزمة وثني حماس عن خيار التصعيد”، أضافت “يديعوت”.
وفقا لمعطيات وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، المسؤولة عن نقل البضائع من إسرائيل إلى قطاع غزة، بين 16 يناير- عندما بدأت أزمة الغاز واستأنفت حماس إطلاق البالونات المتفجرة- إلى 16 فبراير، أدخلت إسرائيل إلى غزة 4700 طن من الغاز باستخدام 105 حاوية. واستمر هذا الرقم في الزيادة خلال الأيام الأخيرة.
استمرار إطلاق البالونات المتفجرة والصواريخ وقذائف الهاون تجاه المستوطنات الإسرائيلية قوبل برد إسرائيلي مزدوج: ردت تل أبيب على إطلاق الصواريخ بهجمات ليلية على أهداف عسكرية تابعة لحماس، كبد استهداف بعضها خسائر فادحة للحركة.
من جهة أخرى، سمحت إسرائيل باستئناف المدفوعات النقدية في إطار المنحة القطرية. في نهاية شهر يناير، قام المبعوث القطري بتحويل 7 ملايين دولار نقدا عبر إسرائيل إلى قطاع غزة، والتي استفادت منها كمنحة 70 ألف عائلة – معظمها محسوبة على “حماس”.
وأضافت الصحيفة :”غدا (الخميس) من المتوقع أن يدخل المبعوث القطري إلى قطاع غزة بحقائب تحتوي على ملايين الدولارات الإضافية التي سيتم دفعها كمنحة لشهر فبراير. إجمالاً، سمحت إسرائيل بتحويل أكثر من 10 ملايين دولار نقدا إلى قطاع غزة – بما في ذلك المبلغ الذي سيتم تحويله غدا- في الوقت الذي كانت باللونات المتفجرة تتفجر فوق بلدات (مستوطنات) غلاف غزة”.
كما وافقت إسرائيل على إدخال إطارات إلى قطاع غزة بعد توقف دام لعامين بسبب إشعال بعضها في مسيرة العودة على الحدود، وفي نهاية يناير أدخلت إسرائيل إلى غزة 6 آلاف إطارا.
ووافقت تل أبيب أيضاً تحت وطأة الصواريخ والبالونات المتفجرة على إدخال الأسمنت إلى السوق الخاص في قطاع غزة – لأول مرة منذ عملية “الجرف الصامد” (العدوان على غزة عام 2014).
وأمس الثلاثاء، أعلنت إسرائيل إعادة توسيع مساحة صيد الأسماك في قطاع غزة إلى 15 ميلاً بعدما قلصتها قبل أيام إلى 10 أميال على خلفية إطلاق الصواريخ والبالونات من القطاع، كما أعلنت إصدار 2000 تصريح دخول لتجار فلسطينيين من القطاع إلى إسرائيل ليصل العدد الكلي لهؤلاء التجار المسموح دخولهم لإسرائيل إلى 7000 تاجر، وهو أكبر عدد منذ وصول حماس للسلطة بقطاع غزة.
وختمت الصحيفة بالقول :”وهكذا، خلال خمسة أسابيع من الاستنزاف وإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، ومئات البالونات المتفجرة التي نتجت في الأساس من التوترات بين غزة والقاهرة- نجحت حماس في ابتزاز تسهيلات غير مسبوقة من إسرائيل لقطاع غزة”.