يأتي عيد الفطر هذا العام والمسلمون يعيشون تحت وطأة جائحة فيروس كورونا؛ مما ترتب عليه الحجر المنزلي الذي منع الناس أن يعيشوا حياتهم الطبيعية.
إن الاحتفال بالعيد سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتساءل البعض: كيف نحيي هذه السُّنة في ظل هذا الحجر المنزلي؟!
ونقول: يستطيع المسلم أن يحيي هذه السُّنة بما يلي:
1- الاغتسال والتطيب، والتصبح على تمرات:
عن أنس بن مالك قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات.. ويأكلهن وتراً” (رواه البخاري)، وقد صح في الموطأ وغيره أن عبدالله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر، وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد.
2– إدخال السرور على أهل البيت وخصوصاً الأطفال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم” (رواه البخاري)، وعن عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى (أي أيام عيد الأضحى) تضربان بدفين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى عليه بثوبه، فانتهرهما، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، فقال: “دعهن يا أبا بكر، فإنها أيام عيد”، وقالت عائشة: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد (أي في يوم عيد)، حتى أكون أنا أسأم، فأقعد، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو” (مسند أحمد 41/ 88، رقم 24541).
3- صلاة العيد:
وصلاة العيد لا تسقط عن المسلمين بسبب الحجر الصحي الناتج عن فيروس كورونا؛ لأن الأصل هو الحفاظ على العبادات والشعائر، وقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد، فذهب الحنفية إلى أنها واجبة، مثل وجوب صلاة الوتر عندهم، وذهب الحنابلة إلى أنها واجبة على الكفاية، وذهب المالكية والشافعية إلى أنها سُنة مؤكدة، وإقامة السنن من فروض الكفايات للأمة، فلو رجح القول بأنها سُنة مؤكدة، فهذا في حق الأفراد، أما في حق الأمة، فهي فرض على الكفاية، ودليل ذلك قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2)، ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تركها لعذر، وتصح صلاة العيد في أي مكان طاهر، ولا يشترط لها المسجد ولا غيره، فلا يكون حظر الناس من الخروج مانعاً من الصلاة ذاتها، فقد سئل الإمام أحمد عمن فاتته صلاة العيد: أين يصلي؟ قال: إن شاء مضى إلى المصلى، وإن شاء حيث شاء (المغني لابن قدامة (2/ 289).
وقد اتفق الفقهاء على أن السنن لا تسقط بالكلية، كما أن الخطبة ليست من شروط صحتها، فيجوز الاكتفاء بالصلاة وحدها، ويجوز تعدد صلاة العيد –في الأصل- عند بعض الفقهاء، ومن لم يُجِز التعدد كالحنابلة؛ أجاز التعدد لضيق المكان أو بعده، ولا شك أن العذر القائم من التخوف من انتقال العدوى بفيروس كورونا أشد من عذر ضيق المكان أو بعده.
كيفية صلاة العيد في البيوت:
والناس في مثل هذه الحالة مخيرون بين 4 صور لصلاة العيد:
الأولى: صلاة العيد أربع ركعات كالظهر، ويتخرج هذا القول لما روي عن ابن مسعود أنه قال: “من فاتته صلاة العيد صلى أربعاً”، وهذا بناء على قول الأحناف أنها واجبة، وأن من فاتته صلاها أربع ركعات، ولما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: “إن أمرت رجلاً أن يصلي بضعفة الناس، أمرته أن يصلي أربعاً”، وقال الإمام أحمد رحمه الله: يقوي ذلك حديث علي، أنه أمر رجلًا يصلي بضعفة الناس أربعاً، ولا يخطب.
الثانية: أن تُصلى ركعتين على هيئتها من التكبير فيها والجهر به، والخطبة بعدها، وهو رواية عند المالكية والحنابلة.
الثالثة: أن تُصلى ركعتين بهيئتها من التكبير فيها دون الخطبة، وهو رواية عند المالكية والحنابلة أيضاً، وذلك لما روي عن أنس، أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبدالله بن أبي عتبة مولاه فيصلى بهم ركعتين، يكبّر فيهما.
الرابعة: أن تُصلى ركعتين سراً بدون تكبير ولا جهر، كصلاة الضحى.
4- صلة الرحم:
وتكون في ظل هذا الحظر، من خلال الاتصال بالتلفون، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1)، وقال تعالى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (الأنفال: 75)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه” (رواه البخاري).