تواجه مكانة هونغ كونغ كمعقل لحرية الصحافة وضعا حرجا مع تشديد السلطات نهجها حيال وسائل الإعلام الدولية وسط مخاوف بشأن الرقابة الذاتية محليا بموجب القانون الأمني الجديد في المدينة.
وعلى مدى عقود، اعتُبرت المستعمرة البريطانية السابقة واحة للحرية بالنسبة للصحافيين في آسيا، إذ تقع على أطراف الصين الشمولية حيث يهيمن الحزب الشيوعي الحاكم بشدّة على الرأي العام بحسب الفرنسية.
وكان من المفترض أن تتمتّع هونغ كونغ بالحريات المدنية التي شكّلت أساس نجاح المدينة لخمسين عاما إضافيا بموجب اتفاق أعاد المدينة التي تعد مركزا تجاريا إلى الحكم الصيني سنة 1997.
لكن قانون الأمن القومي الجديد الذي فرضته بكين ردا على احتجاجات العام الماضي الضخمة المؤيدة للديموقراطية والتي تخللها العنف أحيانا أثارت المخاوف في مشهد المدينة الإعلامي.
وقالت الصحافية السابقة التي باتت حاليا محاضرة في جامعة “لندن سيتي” يوين تشان “إنها ضربة موجعة تشكّل نهاية حرية الصحافة كما عرفناها في هونغ كونغ”.
وتشمل وسائل الإعلام الدولية المتمركزة في المستعمرة البريطانية السابقة والتي اتّخذت العديد منها المدينة مقرا إقليميا، “نيويورك تايمز” و”سي إن إن” و”بلومبرغ” و”وول ستريت جورنال” و”سي إن بي سي” و”فاينانشال تايمز” ووكالة فرانس برس.
ولطالما شكّلت هونغ كونغ التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي ملاذا آمنا للصحافيين المحليين والأجانب بعيدا عن المضايقات والرقابة والقيود السائدة في البر الصيني الرئيسي.
لكن بدأت تظهر مؤشرات إلى أن الأمور تتحوّل منذ أدخلت الصين القانون الجديد الصارم في وقت سابق هذا الشهر.
وأعلنت “نيويورك تايمز” الثلاثاء أنها ستنقل ثلث موظفيها إلى سيول، مشيرة إلى أنها باتت تواجه صعوبات غير مسبوقة في الحصول على تأشيرات لأفراد طاقمها.
وأعادت سلطات هونغ كونغ مؤخرا النظر في هيئة “آر تي إتش كي” المستقلة رغم تمويلها من الدولة بعدما اتهمت بالتعاطف بشكل مفرط مع الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية.
وفور إقرار القانون الأمني، غادر كاتبان صحيفة “آبل دايلي” المدافعة بشدة عن منح المدينة مزيدا من الديموقراطية.
ويذكر أن الصحيفة مملوكة من قبل المليونير جيمي لاي الذي وصفته وسائل الإعلام الصينية الرسمية بأنه بين أبرز “الخارجين عن القانون” واتهمته بالتورط في التعاون مع قوات أجنبية لتدمير البر الرئيسي.
ولم تخفِ بكين رغبتها في تقييد الإعلام في هونغ كونغ، سواء المحلي أو الأجنبي.
ويأمر أحد بنود قانون الأمن القومي سلطات المدينة “بتعزيز إدارتها” للمنظمات الإعلامية الأجنبية.
وقال مدير مركز دراسات الصحافة والإعلام في جامعة هونغ كونغ كيث ريتشبرغ والذي كان مراسل صحيفة “واشنطن بوست” “يبدو وكأنهم بدأوا على الأقل التفكير في استخدام التأشيرات كوسيلة لمعاقبة الأشخاص الذين لا يعجبونهم”.