حافظت الهند على موقفها بعدم التفاوض مباشرة مع حركة “طالبان” منذ بدء عملية سلام في أفغانستان، ولكن مشاركتها رفيعة المستوى في المفاوضات بين الأطراف الأفغانية بما فيها طالبان”، تعتبر تحولاً مدروساً في موقفها بشأن التعامل مع “طالبان”.
شارك وزير الشؤون الخارجية بجمهورية الهند إس جاي شانكار في الجلسة الافتتاحية لمفاوضات السلام الأفغانية التي عقدت في الدوحة، بتاريخ 12 سبتمبر 2020م، وركز خلال كلمته على دور الهند كشريك إنمائي رئيس لأفغانستان، حيث قامت الهند بتمويل وإنجاز أكثر من 400 مشروع في جميع مقاطعات أفغانستان.
أكد الوزير الهندي بأنه يجب الحفاظ على مصالح الأقليات والفئات الضعيفة في المجتمع الأفغاني، وشدد على ضرورة معالجة قضية العنف في أفغانستان ودول الجوار بشكل فعال، معرباً عن أمله في نجاح المفاوضات التي من شأنها تحقيق مستقبل سلمي ومزدهر في أفغانستان.
إضافة إلى مشاركة الوزير الهندي، حضر وفد هندي يضم مسؤولين رفيعي المستوى برئاسة مساعد الوكيل بوزارة الشؤون الخارجية الهندية في حفل افتتاح مفاوضات السلام بالدوحة.
في مستجدات ذات الصلة، قام المبعوث الأمريكي الخاص للمصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد بزيارة الهند، بتاريخ 15 سبتمبر 2020م، وأجرى مناقشات مع المسؤولين الهنود بمن فيهم وزير الخارجية الهندي حول آفاق التعاون المحتمل بين الهند وأمريكا بشأن مفاوضات السلام الأفغانية والخطوات المستقبلية تجاه قضية أفغانستان، ثمن المبعوث الأمريكي خلال الاجتماع جهود الهند للمشاركة في المفاوضات الأفغانية بالدوحة، وأوضح تقييم بلاده للمفاوضات الجارية، وأن المبعوث الأمريكي قام بزيارة الهند 5 مرات منذ يناير 2019م.
الجدير ذكره بهذه المناسبة بأن الهند أرسلت دبلوماسيين سابقين بشكل غير رسمي إلى مؤتمر حول عملية السلام الأفغانية في موسكو، في نوفمبر 2018م، الذي حضره وفد رفيع المستوى من حركة “طالبان”، إضافة إلى ممثلين عن حكومة أفغانستان والعديد من الدول الأخرى بما فيها الولايات المتحدة وباكستان والصين.
تحفظات الهند بشأن عملية السلام
في حين يعتقد العديد من المراقبين الغربيين أن مفاوضات السلام الأفغانية بين الأطراف المعنية ستؤدي إلى الاتفاقية الشاملة ووقف دائم لإطلاق النار، ومن المتوقع أن تمثل فرصة للسلام في أفغانستان، إلا أن نيودلهي كانت حذرة في قبولها لأنها تعتقد بأنها تعطي قوة ونفوذاً أكثر لباكستان التي تعتبر أقرب إلى حركة “طالبان”.
يرى الخبراء أن الهند قلقة أيضاً حيث لم تبق عاملاً رئيساً في عملية مفاوضات السلام الأفغانية رغم كونها لاعباً مهماً في تقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية للبلد المجاور لها، ويزيد قلقها أن باكستان انضمت إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين للتوصل إلى اتفاق مع “طالبان”.
أكدت الهند موقفها تجاه السلام في أفغانستان بأن تكون عملية السلام بقيادة الحكومة الأفغانية، ولكن منذ أن أكدت الولايات المتحدة بأن “طالبان” هم جزء لا يتجزأ من عملية السلام فواجهت الهند بعض الصعوبات وأبدت اللين في موقفها لاحقاً، ولكنها ترغب في تواجد القوات الأمريكية في أفغانستان إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق شامل بين الأطراف الأفغانية وإحلال السلام في أراضيها.
تمتلك الهند مصلحة رئيسة، وساهمت بشكل كبير في إعادة بناء أفغانستان، واستثمرت مبالغ طائلة فيها، وتقلق على مصالحها ومصير استثماراتها التي بلغت أكثر من 58 مليون دولار أمريكي في حال وصول “طالبان” على السلطة، وشددت عدة مرات على أنه يجب على الأطراف الأفغانية ضمان عدم استخدام أراضيها من قبل أي جماعة إرهابية ضد أي دولة أخرى.