أجمع مراقبون عسكريون على أن استخراج المقاومة الفلسطينية لمئات القذائف من سفينتين بريطانيتين، غرقتا قبل 100 عام في البحر المتوسط قبالة سواحل غزة، تعكس مدى اعتماد المقاومة على ذاتها، وفشل الحصار المفروض على قطاع غزة في إضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية، ورأوا أن الإعلان عن الوصول إلى السفنيتين، عبر الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية يحمل رسائل عدة.
اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات، قال إن عملية استخراج القذائف من عمق البحر من مخلفات الباخرتين الحربيتين البريطانيتين، لها عدة دروس، تثبت قدرة المقاومة على جمع المعلومات، وأن الوصول إلى هاتين السفينتين، رغم الحصار والمراقبة الشديدة التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي، يعكس مدى تطور قدرات المقاومة.
وأكد عريقات أن استخراج القذائف وإعادة تصنيعها يظهر إصرار المقاومة على الاستمرار، ومراكمة النتائج، دون التسليم لقلة الإمكانيات.
ورأى عريقات أن المقاومة وجهت رسالة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، مفادها أنه يواجه خصما عنيدا لديه العزيمة للوصول إلى مبتغاه مهما بلغ الثمن، ومهما كانت إمكانيات عدوه.
وأشار إلى أن “استخدام المتوفر من المخلفات والمواسير الموجودة، له تأثير معنوي أكثر من القيمة المادية؛ لأنها ترسل رسائل قوة للعدو الإسرائيلي وتؤثر على معنوياته كما تؤثر عليه الصواريخ ذات المواصفات القياسية”.
ولفت عريقات إلى أن الفلسطيني يقول للعالم بأنني أعتمد على نفسي بالدرجة الأولى، و”هذا السلاح الأقوى بيد المقاومة الفلسطينية في الوضع الراهن”.
وشدد عريقات على أن الاحتلال “يدرك وجود عقول وأدمغة في الساحة الفلسطينية توازي وربما تتفوق على العقول والأدمغة الإسرائيلية رغم فارق الإمكانيات والقدرات”.
وأوضح عريقات أن بإمكان المقاومة الفلسطينية مفاجأة العدو وإرباكه، لأن جيش الاحتلال يجهل قدرات المقاومة الفلسطينية، ولا يمتلك تصورا عن شكل المواجهات في المستقبل، وهل ستكون فوق الأرض، أم تحت الأرض، أم في البحر.
ضرب الصورة المعنوية
بدوره يرى إبراهيم حبيب المختص في الأمن القومي، أن المقاومة عندما كشفت هذه المعلومات في التحقيق الذي بثته قناة الجزيرة، “كانت تهدف إلى ضرب الصورة المعنوية للاحتلال التي يحاول أن يسوق فيها أنه قطع الإمدادات عن قطاع غزة، وأنه أوقف المقاومة وجمدها عن تطوير قدراتها”.
ولفت في حديثه لـ”قدس برس” إلى أن المقاومة كشفت الكثير من المعلومات، حول استثمارها كل ما هو موجود، وتحويله إلى موارد استطاعت أن تستفيد منها في تطوير قدراتها الصاروخية.
وبين حبيب أن الرسائل الموجهة، تهدف إلى كسر الروح المعنوية لدى الاحتلال، وإثبات فشل الحصار في ثني المقاومة عن مواصلة تطوير قدراتها.
وعن مدى قدرة المقاومة على الاستمرار في استخراج ما يمكن استخراجه في ظل الحصار المفروض عليها عربيا وعالميا، أوضح حبيب أن المراهنة على استمرار الوضع الإقليمي كما هو أنه وهم بالنسبة للاحتلال ولأعوانه، مؤكدا “أن الوضع الإقليمي لن يبقى على حاله ونحن مقبلون على تغيير إقليمي واسع”.
وأضاف: استطاعت المقاومة في هذه الفترة الحرجة أن تقف عند كل ما يمكن استثماره لتطوير قدراتها، وحاولت (إسرائيل) قطع كل سبل الإمداد عنها، إلا أن المقاومة استطاعت بقدر الإمكان أن توصل العديد من إمكانياتها عبر التقنيات والتكنولوجيا الذاتية التي طورتها وأصبحت لها دقة جيدة ومدى طويلة.
وأشاد بنجاح المقاومة في استخراج كل ما كان داخل السفينتين الغارقتين، واستخدامه لتدعيم سلاح الصواريخ والمدفعية لديها.
إرادة صلبة
من جهته قال العقيد المتقاعد رفيق أبو هاني إن العملية أثبتت فشل استراتيجية الاحتلال القائمة على حصار المقاومة، ومنع تسليحها، وأظهر الإرادة الصلبة للمقاومة وقدرتها على تخطي كل العقبات للحصول على السلاح.
وأوضح لـ”قدس برس”: الاحتلال فشل في تتبع تفاصيل عملية استخراج الذخائر، رغم أجهزة الرقابة والأقمار الصناعية التي تراقب قطاع غزة عن كثب.