أعلن “التلفزيون الإيراني الرسمي”، يوم السبت 19 يونيو 2021، فوز المرشح إبراهيم رئيسي بانتخابات الرئاسة الإيرانية، وقال: إن رئيسي فاز بالرئاسة بنسبة 62% من إجمالي الأصوات، حاصداً 17.8 مليون صوت، وأضاف أن 28 مليون ناخب شاركوا في الانتخابات من إجمالي 59 مليون ناخب مسجل.
وعادة، منذ انشقاق رفسنجاني بحزب خاص للإصلاحيين، أصبحت المنافسة بين تيارين رئيسين في إيران؛ تيار المحافظين، وتيار الإصلاحيين، وعادة ما تكون المؤسسات الرئيسة للدولة تدعم المحافظين، مثل مؤسسة القيادة، ومصلحة تشخيص النظام، ومجلس الخبراء، والقوة الضاربة (الحرس الثوري)، وأغلب المؤسسات الدينية التقليدية، ولكنَّ هناك تياراً كبيراً وشعبياً يدعم الإصلاحيين، وأيد فوزهم بالرئاسة أكثر من مرة، مثل رفسنجاني، وخاتمي، وروحاني.
انتخابات 2021
كالعادة، وفي هذه الانتخابات، فإن مجلس صيانة الدستور والمشرف على اختيار المرشحين المتقدمين لانتخابات الرئاسة قد أبعد جميع الإصلاحيين عن سباق الرئاسة، وأجاز مرشحي المحافظين والمتشددين وبعض المستقلين غير المعروفين (اسمين غير بارزين).
ويعتبر المرشح الأهم للأصوليين هو إبراهيم رئيسي، وهو رئيس سلطة القضاء في إيران، ومدعوم من مؤسسة القيادة.
الإصلاحيون تفتت موقفهم بسبب ترشح الإصلاحي السابق ماهر علي زاده، الذي انشقَّ إبان التنافس على رئاسة الجمهورية التي فاز بها أحمدي نجاد ممثلاً للتيار الأصولي في حينه، ولم يتوافق الإصلاحيين مع ماهر زاده في هذه الانتخابات، ومع ذلك تنحى عن السباق قبل يومين من إجرائها.
المنافس الذي ظل متسابقاً ضد المرشح المحافظ كان مرشحاً مستقلاً ليس له امتداد شعبي كبير؛ هو السيد همتي، محافظ البنك المركزي، ولم يحظ بدعم المؤسسة القائدة، وكان شعاره أنه يمثل الناخبين والتيارات من هم خارج السلطة، وأنه لا يمثل حزباً أو تياراً.
موقف السُّنة
كالعادة، كان موقف السُّنة مشتتاً ككتلة انتخابية، لكن ترشح مرشح وحيد ضعيف اسمه محمد قَدَمي، أراد أن يتحدى الدستور الذي ينص في المادة (115) أن “رئيس الجمهورية في إيران ينبغي أن يكون من الشيعة الاثني عشرية”، فأراد الرجل من خلال ترشيح نفسه أن يتحدى الدستور ويثير مسألة التمييز، لكن مستواه وأداءه وخطابه لم يكن يخدم تلك النوايا، بل على العكس أحياناً.
لم يتوافق عليه السُّنة
وكان من أحد أسباب خلاف السُّنة وهو قيام الشيخ مولى عبدالحميد، خطيب جامع بلوشستان، بإنشاء مجلس خاص، وينتقد غالبية السُّنة الشيخ مولى عبدالحميد لتفرده بإنشاء المجلس الإستراتيجي دون اتفاق وإجماع السُّنة، وأنه لا يحق له أن يتحدث باسم السُّنة، كما أنه كشف عن تأييده لمرشح المحافظين الأصوليين إبراهيم رئيسي، مع أنه كان طوال السنوات الماضية يدعم الإصلاحيين ويقف ضد المحافظين! واضطر كثير من النخب السُّنية إلى الاستقالة من هذا المجلس الإستراتيجي، وعلى رأسهم السيد جلال جلالي زاده.
جماعة الدعوة والإصلاح السُّنية
انتقدت جماعة الإصلاح السُّنية موقف الشيخ مولى عبدالحميد، وقالت: إنه لا يمثل تطلعات السُّنة، وطالبت بأن تكون آلية الانتخابات تعبر أكثر عدالة لتمثيل المواطنين، ودعت إلى التصويت لمن يطالب بكرامة المواطنين؛ سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وأن يتم التعامل مع الساحة الخارجية عالمياً بالاستقلال والحكمة.
من هو إبراهيم رئيسي؟
هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وحالياً انتُخب رئيساً للجمهورية الإيرانية.
إبراهيم رئيس الساداتي، المعروف باسم إبراهيم رئيسي (14 ديسمبر 1960، في مشهد-..)؛ هو رجل دين وسياسي إيراني، والرئيس الإيراني المنتخب منذ 19 يونيو 2021، خلفًا لحسن روحاني، والنائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة، والرئيس الحالي للسلطة القضائية في إيران، عُين في هذا المنصب في 7 مارس 2019 من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي.
تولّى رئيسي منذ الثورة الإيرانية مناصب مهمة في السلك القضائي لبلاده، وفي عام 1985م تصدى لمنصب نائب المدعي العام في طهران، وفي عام 1989 تولى منصب المدعي العام للثورة الإسلامية في طهران ورئيس مؤسسة المتابعة والتفتيش العامّة، ثم انتُخب في مجلس الخبراء ممثلًا عن محافظة خراسان الرضوية، كما شغل منصب نائب رئيس السلطة القضائية، منذ عام 2004 حتى 2014، وفي عام 2016 عيّنه المرشد علي خامنئي على رأس منظمة “آستان قدس رضوي”، كما تولى منصب المدعي العام في البلاد.
السؤال المهم: هل هناك فرق بين التيار الإصلاحي والمحافظ المتشدد؟
إن أهم المشاريع والخطط الإستراتيجية في إيران تمت تحت رعاية عهد الإصلاحيين، فمنظومة الصواريخ الأشد فتكاً والمشروع النووي أسسهما رفسنجاني، وطورهما خاتمي، وروحاني أضفى الشرعية على الصناعة النووية بمعاهدة مع الولايات المتحدة ومجلس الأمن.
التمدد السياسي والعسكري في المنطقة
في عهد الرئيسين رافسنجاني، وبعده خاتمي، وفي الولاية الأولى لروحاني، واصلت إيران سياساتها الخارجية تجاه القوى المتحالفة أو التابعة لها في كل من البحرين ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة وسورية واليمن والعراق، فلم يجر أي تغيير إيراني تجاه هذه القوى.
الحل الاقتصادي والتعاون الدولي
يتهم المحافظون الإصلاحيين والمعتدلين على حد سواء بالترويج؛ لأن رؤيتهم لحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران تكمن في الاندماج في النظام الدولي، وأنهم حاولوا تكريس هذه الرؤية على مدى السنوات الثماني من رئاسة روحاني؛ ما أدى إلى تحويل الاقتصاد والإنتاج الوطني إلى رهينة وتابع للسياسة الخارجية بشكل أدى إلى ربطه بحل المشكلات الدبلوماسية، ما انعكس سلباً على الطبقات الفقيرة في المجتمع.
ومن هنا يتضح أنه لا فرق بين المتشددين والإصلاحيين من قادة إيران إلا في أسلوب التنفيذ، بينما هم جميعاً ينفذون إستراتيجية واحدة مستمرة منذ بداية الثورة الخمينية عام 1979 وحتى الآن، ولها محاورها الثابتة، وهذا الثبات في المحاور الإستراتيجية والاستمرار في تنفيذها هو أمر يتماشى منطقياً مع إنجازات إيران بكافة ملفاتها الإستراتيجية، إذ لو أن كل رئيس ينقُض ما بدأه من قبله لما وصلوا لما وصلوا له الآن، ولا سيما أن الرؤساء الذين استقروا في منصب الرئاسة منذ الثورة حتى الآن هم علي خامنئي، ثم رفسنجاني، ثم خاتمي، ثم نجاد، ثم روحاني؛ أي 5 رؤساء، منهم 3 من الإصلاحيين، هذا فضلاً عن كون الرئيس بمثابة رئيس تنفيذي فقط، بينما المرشد الأعلى للدولة هو من يصنع إستراتيجيات الأمن والدفاع والإعلام والسياسة الخارجية.
ولعل أبرز ما يلخص الفرق بين الإصلاحيين والمتشددين من ساسة إيران هو وصف آية الله محمد علي تسخيري، مستشار آية الله علي خامنئي، مرشد الدولة، لكل من الفريقين (الإصلاحي، والمحافظ أو المتشدد) عندما قال: “إن كلا الخطين يؤمن بالثورة الإسلامية، ويؤمن بمبادئ الإمام الخميني، ويؤمن بمبادئ الدستور، ويؤمن بأهم مادة في هذا الدستور، وهي لزوم أن يكون القائد فقيهاً أو ما يعبر عنه بولاية الفقيه، وأنهما معاً يؤمنان بهذه المبادئ، ويختلفان في أساليب التطوير وآلياته”.