بعد ضغوط مارسها نواب مسلمون بسبب تصاعد العداء والتهديدات ضد مسلمي أمريكا ووصولها لنواب الكونغرس أنفسهم، صادق النواب الأمريكي، في 15 ديسمبر الجاري، على مشروع قانون لمكافحة العداء ضد المسلمين قدَّمته النائبة إلهان عمر.
القانون جاء بعد مطالبات عدة للنواب المسلمين والمنظمات الإسلامية منذ يوليو 2021، لكنه بات أمراً ملحاً عقب انتقال العداء للإسلام لنواب جمهوريين متطرفين، آخرهم النائبة لورين بويبرت، التي أطلقت تهديدات عنصرية ضد المسلمين.
القانون يعتبر انتصاراً مهماً للمسلمين في أمريكا والعالم بعدما صوت لصالحه 219 نائباً في مجلس النواب، مقابل 212، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أمريكية.
فمشروع قانون إلهان عمر يستهدف إنشاء مكتب خاص داخل وزارة الخارجية لمكافحة “الإسلاموفوبيا” على مستوى العالم، ويعالج تزايد حوادث “الإسلاموفوبيا” حول العالم، لكن لا يزال يتعين تمريره من قبل مجلس الشيوخ قبل تحويله إلى الرئيس جو بايدن للتوقيع عليه ليصبح قانوناً.
وبموجب قانون مكافحة “الإسلاموفوبيا”، سيتم تعيين مبعوث خاص وإنشاء مكتب بهذه القضية للعمل على الصعيد الدولي، كما سيتم تحديث القانون الحالي فيما يتعلق بكيفية تقارير الوزارة عن حقوق الإنسان والحرية الدينية الدولية.
وسبق أن عقد قادة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية والنائبة إلهان عمر وأعضاء آخرين في الكونغرس مؤتمراً صحفياً في مبنى الكابيتول يوم 21 يوليو الماضي لمطالبة إدارة بايدن بتعيين “مبعوث خاص لرصد ومكافحة الإسلاموفوبيا”.
وقالت عمر: إنها ستقدم تشريعًا للكونغرس من شأنه أن يمنح المبعوث المنتظر “قوة القانون” لوقف الاعتداءات والتمييز ضد المسلمين.
وأكد نهاد عوض، مدير “كير”، وقناة “CNN”، في 23 يوليو 2021، توقيع 25 نائباً بالكونغرس، بينهم 3 مسلمين، على الوثيقة التي تطالب وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بتعيين “مبعوث خاص لمكافحة الإسلاموفوبيا”.
وخلال مناقشة مشروع القانون لمكافحة “الإسلاموفوبيا” وإنشاء مكتب خاص في وزارة الخارجية لمناهضة التحيز ضد المسلمين وصف النائب الجمهوري سكوت بيري زميلته إلهان عمر بأنها “معادية للسامية”.
وزعم أن لدى إلهان عمر صلات بمنظمات إرهابية، وذلك بعد أسابيع من تعليقات عنصرية قالتها النائبة لورين بويبرت قالت فيها: إنه يمكن لعمر أن تكون إرهابية أو مفجرة انتحارية.
وعارض جمهوريون القانون، وقال ميتش هيلستون، مدير الاتصالات في لجنة الدراسة الجمهورية: إن العديد من المناصب في وزارة الخارجية مكلفة بالفعل بمكافحة التعصب ضد المسلمين.
وسبق لصحيفة “الجارديان”، في 21 مارس 2019، تأكيد أن رجلاً اتصل بمكتب إلهان عمر، وقال للموظف الذي رد عليه: “هل تعمل لصالح الإخوان المسلمين؟ لماذا تعمل لديها؟ إنها إرهابية، وسأطلق النار عليها في رأسها”.
وخلال التحقيق معه قال المتهم: إنه “باتريوت” أي “وطني” و”يكره المسلمين المتطرفين في الحكومة”.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن عضوة مجلس النواب في نيويورك ألكسندر أوكاسيو كورتيز قالت: إن التهديد بقتل إلهان عمر تعود أسبابه لتصريحات معادية للمسلمين في قناة “فوكس نيوز” وعلى لسان الرئيس السابق ترمب.
وجاء تمرير القانون بعد ضغوط كبيرة مارسها أيضاً العشرات من موظفي الكونغرس الأمريكي المسلمين الذين قادة مجلس النواب باتخاذ إجراءات ضد “الإسلاموفوبيا”، في أعقاب سلسلة من الهجمات المدفوعة بنوازع العداء للمسلمين على نائبة الكونغرس المسلمة إلهان عُمر.
حيث كتب 62 موظفاً مسلماً في الكونجرس رسالة مفتوحة في 8 ديسمبر الجاري، يعتبرون تصريحات النائبة الأمريكية لورين بويبرت المعادية للإسلام والموجهة إلى إلهان عمر أثارت “شعوراً بالقلق والخوف” بين الموظفين المسلمين في الكابيتول هيل.
قالوا في الرسالة، التي وقَّعها أيضاً 378 موظفاً متضامناً مع محتواها: “إننا نشهد مضايقات دون رادع لأعضاء الكونغرس المسلمين الثلاثة، ما يُشعرنا بأن مكان عملنا ليس آمناً ولا متقبلاً لنا”.
أضافت الرسالة: “يتعين علينا الآن أن نأتي إلى العمل كل يوم، ونحن نعلن أن الأعضاء والموظفين أنفسهم الذين يداومون على استخدام المجازات اللفظية المعادية للإسلام والتلميحات إلى أننا إرهابيون– يسيرون إلى جانبنا في قاعات الكونغرس”.
تجسس على المساجد
تزامن هذا مع إعلان مجلس العلاقات الإسلامية-الأمريكية (كير) أن الأمر وصل لحد التجسس على مساجد مسلمي أمريكا من منظمة المعادية للإسلام تعاونت مع المخابرات “الإسرائيلية”.
أعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) أنه كشف وعطل جهود مجموعات كراهية ضد الإسلام، تمكنت من التسلل والتجسس على المساجد البارزة في الولايات المتحدة والمنظمات الإسلامية الأمريكية، بما في ذلك مكتب كولومبوس في ولاية أوهايو التابع لمجلس (كير).
وقال المجلس: إن المنظمة المعادية للإسلام تعاونت مع المخابرات “الإسرائيلية”.
وأوضح المجلس أنه اكتشف في العام الماضي أن العديد من المشاركين البارزين في نشاطات الجالية الإسلامية كانوا يتصرفون كجواسيس لمجموعة كراهية معادية للإسلام يقودها ستيفن إيمرسون.
وكشف المجلس، أيضاً، في رسالة وجهها إلى الجالية المسلمة، أن الأدلة تشير إلى أن جماعة الكراهية قد تعاونت مع المخابرات “الإسرائيلية” في مكتب رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق، بنيامين نتنياهو.
وقد أعلن “كير” إقالة مدير فرعه في ولاية أوهايو بعد اتهامات بأنه أرسل معلومات سرية إلى منظمة معادية للمسلمين، وأنه اعترف بالعمل مع منظمة المشروع الاستقصائي حول الإرهاب (آي.بي.تي)، التي تصف نفسها بأنها “مركز بيانات حول الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة” وهي جهة تجسس صهيونية.
الشرطة معادية
أيضاً، أعلن مكتب منطقة لوس أنجلوس الكبرى التابع لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية كشفه نصوصاً عنصرية ومعادية للمسلمين تم تبادلها بين ضباط من قسم شرطة تورانس، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”.
وتم اتهام أكثر من عشرة من ضباط شرطة تورانس بتبادل رسائل عنصرية ومعادية ولم يواجه أي منهم حاليًا تهماً جنائية بسبب هذه الرسائل النصية المسيئة ولا بسبب الاستخدام المفرط للقوة.
وقال نائب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في لوس أنجلوس، في بيان: إن اكتشاف هذه الرسائل النصية العنصرية والمتطرفة يضع مصداقية هؤلاء الضباط -وأي قضايا تورطوا فيها -موضع تساؤل، ولم يعد من الممكن الوثوق بهم.
وأوضح المجلس أنه اكتشف في العام الماضي أن العديد من المشاركين البارزين في نشاطات الجالية الإسلامية كانوا يتصرفون كجواسيس لمجموعة كراهية معادية للإسلام يقودها ستيفن إيمرسون.
وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، تم اتهام أكثر من عشرة من ضباط شرطة تورانس بتبادل رسائل عنصرية ومعادية للسامية بينما تم منح الضباط المعنيين إجازة إدارية مدفوعة الأجر، لم يواجه أي منهم حاليًا تهماً جنائية بسبب هذه الرسائل النصية المسيئة ولا بسبب الادعاءات الموجهة ضدهم بسوء سلوك الشرطة الجسيم، بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة.
تزايد التمييز ضد المسلمين
وفي أحدث دراسة أجريت في أمريكا حول التمييز العنصري و”الإسلاموفوبيا”، قال أكثر من ثلثيّ المستطلعة آراؤهم من مسلمي أمريكا: إنهم تعرَّضوا لمواقف تمييز على أساس ديني في الولايات المتحدة.
استطلاع الرأي الذي أجراه “معهد الآخر والانتماء” بجامعة كاليفورنيا، ونشره موقع “Middle East Eye” البريطاني، في أكتوبر الماضي، كشف أن 67.5% من المسلمين قد تعرَّضوا لـ”الإسلاموفوبيا”، التي عرَّفتها الدراسة بأنها “هجوم لفظي أو جسدي فردي، أو سياسة عامة، أو نزع صفة الإنسانية عن المسلمين”.
وجدت الدراسة أن بين 1123 مسلماً استُطلِعَت آراؤهم، قالت 76.7% من الإناث: إنَّهن تعرَّضن لـ”الإسلاموفوبيا”، مقارنةً بـ 58.6% من الرجال.
فيما قالت نسبة أكبر من بين أولئك المشمولين بالدراسة، 93.7%: إنَّ الكراهية المعادية للمسلمين قد أثَّرت على صحتهم النفسية أو العاطفية بدرجة ما.
وبحسب تقرير مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية للنصف الأول من العام الجاري، وقعت أكثر من 500 حادثة معاداة للإسلام في الولايات المتحدة في ستة أشهر فقط، أي بمعدل قرابة ألف حادثة سنوياً.
أكد التقرير أن الحوادث المعادية للمسلمين في أمريكا وحوادث “الإسلاموفوبيا” العالمية عموماً في ازدياد.