جددت الولايات المتحدة الأمريكية، الأحد، تمسكها بالقرار الأممي 2254 بشأن الحل السياسي في سوريا، مؤكدة أن تطبيقه “يبقى السبيل المتفق عليه للمضي قدما نحو سلام عادل ودائم” في البلاد.
جاء ذلك بالتزامن مع الذكرى السادسة لتصويت وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بان كي مون، والمبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، بالإجماع على مشروع قرار بشأن “عملية السلام في سوريا” حمل رقم 2254.
ورغم مضي 6 سنوات على إصدار القرار، إلا أن “الأمم المتحدة” ومبعوثها الخاص إلى سوريا (ستيفان ديمستورا – غير بيدرسون)، لم تكفل تنفيذ مسار واضح يوصل طرفي النزاع إلى حل سياسي شامل.
وحول ذلك قال السياسي والكاتب الصحفي السوري، درويش خليفة، إن الدول الفاعلة في الملف السوري، لطالما ركزت على تطبيق القرار 2254، رغم تحايل حلفاء النظام السوري (روسيا- إيران- الصين) على بنود القرار، لا سيما أنهم طرحوا مسارات لا تتسق مع ما جاء ضمن القرار الأممي.
واعتقد السياسي السوري أن المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، كان آخر المتحايلين على القرار 2254، عندما طرح خطة “خطوة بخطوة” في تماه واضح مع الاستراتيجية الروسية التي نتجت عن قمة بوتين-بايدن في جنيف منتصف هذا العام.
ورأى أن تعقيد المشهد الجيو سياسي في سوريا، وتشابك ملفاته، بالإضافة إلى وجود خمسة جيوش لدول مختلفة الرؤى والمصالح، أدى بالملف السوري للركون على رفوف الدول، وبالتالي؛ أي طرح جديد يحرك الملف من حالة السكون وينفض عنه الغبار، ستوافق عليه الدول، الأمر الذي شهدناه عندما تم اتفاق دول محور أستانا على اللجنة الدستورية، وترحيب الدول الفاعلة بها، وكأنهم أنجزوا الحل السياسي.
بدوره، عدّ عضو نقابة المحامين الأحرار، عبد الناصر حوشان، أن القرار 2254 هو ثمرة نجاح روسيا في قرصنة خارطة الطريق الدولية للحل في سوريا، حيث حولت موسكو وقف إطلاق النار إلى تفاهمات وقف تصعيد، كما نجحت بالالتفاف على هيئة الحكم الانتقالي التي نص عليها القرار 2218 لعام 2013.
وأشار إلى أن روسيا جزأت خارطة الطريق الدولية في سوريا، إلى سلال (حكم انتقالي – دستور جديد – مكافحة الإرهاب – انتخابات بإشراف الأمم المتحدة)، كما أنها عطلت العمل بكل السلال وركزت على سلة الدستور (اللجنة الدستورية السورية).
وأوضح أن “ذلك يعتبر قطيعة مع القرار 2118 وبيان جنيف 1، وهو ما يحاول أو يقاتل الروس لفرضه كأمر واقع ونسيان فكرة هيئة الحكم الانتقالي مع قبول فكرة مشاركة المعارضة في الحكم مع النظام من خلال تشكيل حكومة مشتركة قد تقوم على تقاسم السلطة أو المحاصصة”.
وأكد أن مخرجات القرار الأممي 2254 لا يمكن تنفيذها، لأن ما حققته روسيا من فرض الأمر الواقع سيؤدي إلى إعادة إنتاج النظام وتعويم بشار الأسد بمشاركة المعارضة وهذا ما يجعل المعارضة في مواجهة قوى الثورة التي ستنتفض عليها وتسقطها فيكون الروس قد نجحوا في ضرب العملية السياسية من جذورها.
وأعرب عن أسفه من تماهي الأمم المتحدة مع الرؤية الروسية للملف السوري، مشدداً على أن أي قرار لا يؤدي الى نقل السلطة الى هيئة حكم انتقالي يخرج عن الإطار الدولي لعملية الحل السياسي.
ونبه إلى أن عجز تطبيق القرار الأممي 2254 في سوريا، يعود لضعف المعارضة السورية، وتغوّل المنصات المحسوبة على النظام وروسيا على القرار على حساب قوى الثورة، إضافة إلى التخاذل الدولي، والتأييد المطلق من قبل روسيا وإيران والصين لصالح النظام السوري.
ماذا يتضمن القرار 2254؟
وشمل القرار الأممي 2254، الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، 16 مادة تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار من خلال جهود الدول صاحبة التأثير على النظام السوري والمعارضة، وفق خطة تنفيذ لعملية سلام تضم تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة في غضون ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا بعد أن تتم صياغة دستور جديد لا يستند إلى أسس طائفية تحت إشراف ومراقبة من الأمم المتحدة.
وضم القرار إجراءات بناء ثقة بين الأطراف المتنازعة، مثل فتح ممرات إنسانية والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول السريع والآمن إلى جميع أنحاء سوريا، والإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي وخاصة النساء والأطفال منهم.
وطالب بتوقف جميع الأطراف عن تنفيذ أي هجمات ضد المدنيين والمرافق الحيوية والطبية وفرق العمل الإنساني، وعودة النازحين داخليا إلى منازلهم، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتقديم المساعدة للدول المضيفة للاجئين.
وأوجب كذلك تقديم تقرير سريع خلال شهر واحد من بدء تطبيق القرار من الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول الالتزام بتنفيذ بنود القرار 2254.
يشار إلى أن القرار 2254 بني على المبادئ التي نصت عليها وثيقة “جنيف 1″، التي أعلن عنها البيان الختامي الصادر عن اجتماع “مجموعة العمل من أجل سوريا” في 30 من حزيران/ يونيو 2012، حيث يشكل القرار الأممي المرجعية المُتفق عليها وإطار العمل الناظم لعملية التفاوض الحالية.