أصدر مجلس شورى الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة 1948 (الشق الجنوبي منذ انقسامها عام 1996)، قرارا يوم 17 أبريل 2022، في ختام اجتماع مطول، عقد في كفر قاسم، بتجميد عضوية أعضائه بحزب “القائمة العربية الموحدة” في الائتلاف الحكومي “الإسرائيلي”، وفي الكنيست معا.
وجاء القرار بسبب عدوان الاحتلال المستمر على المسجد الأقصى والمصلين ومحيطه في القدس؛ ما أدى إلى ضغوط سياسية شديدة على القائمة العربية الموحدة، وزعيمها عباس منصور، ودعوته للانسحاب من الائتلاف الحاكم.
القرار قد يؤدي لانهيار حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت التي لا تحظى حاليا إلا بدعم 60 نائبا في الكنيست مقابل 60 نائبا معارضا، ويدعمها أربعة نواب للحركة الإسلامية من هؤلاء الـ 60.
ويجمع الائتلاف الحاكم مزيجا متباينا أيديولوجيا من أحزاب يسارية وقومية يهودية متشددة وأحزاب دينية، بالإضافة إلى القائمة العربية الموحدة الإسلامية.
ورغم أن صحفا عبرية تزعم أن القرار جاء محاولة لامتصاص الغضب الذي تراكم داخليا في الحركة الإسلامية الجنوبية، وفي أوساط أنصار القائمة الموحدة المشاركة في دعم الائتلاف “الإسرائيلي” الحاكم، وأنه قرار مؤقت.. فإن رئيس القائمة الموحدة منصور عباس هدد بتحويل قرار تجميد العضوية إلى انسحاب كامل، إذا استمرت حكومة بنيت في سياساتها ضد الأقصى، وفق قناة “كان” العبرية 18 إبريل 2022.
وكتب عضو الحركة الإسلامية والكنيست “وليد طه” عبر حسابه على فيسبوك أن مجلس الشورى القطري للحركة الإسلامية -الذي تأتمر القائمة العربية الموحدة بقراراته- قرر تعليق عضوية نواب القائمة، ليس فقط في الائتلاف الحكومي، وإنما أيضا في الكنيست، وأنه “إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية في خطواتها التعسفية بحق القدس وأهلها فسنقدم استقالة جماعية“.
وشدد “طه” على أن أعضاء الحركة الإسلامية يرون أن “ملف القدس والأقصى يجب أن يكون خارج نطاق المكاسب السياسية”.
وكانت حكومة بنيت قد خسرت أغلبيتها الضيقة (61 مقعدا) في الكنيست 6 أبريل 2022 نتيجة استقالة نائبة يمينية متشددة بدعوى عدم التزام الحكومة بالشريعة اليهودية، حسبما قالت.
هجوم الشيخ الخطيب
وانقسمت الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 عام 1996 على خلفية خلاف بين قادتها حول المشاركة في انتخابات الكنيست الصهيوني؛ حيث رأى الجناح الشمالي بزعامة الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب أن هذا يعد اعترافا بدول الاحتلال رغم وقوعهم تحت سلطتها.
بينما أيد الجناح الجنوبي الذي يقوده الشيخ صرصور وعباس منصور حاليا دخول الكنيست؛ أملا في التأثير في القرار “الإسرائيلي” لصالح الأقلية العربية تحت الاحتلال.
وقد هاجم الشيخ كمال الخطيب -نائب رئيس الحركة الإسلامية (الشق الشمالي)- زعيم الجناح الجنوبي منصور عباس عقب مشاركته في ائتلاف حكومي مع الصهاينة وتيارات مختلفة أخرى، قال إنه لصالح مشاريع لتحسين حياة فلسطينيي الأرض المحتلة.
وعقب هجوم الاحتلال على المصلين والمرابطين بالمسجد الأقصى، عاود الشيخ الخطيب هجومه على منصور عباس، وقارن بين موقف عضوة الكنيست اليهودية “عيديت سليمان” التي انسحبت من الائتلاف الحاكم بدعوى الانتصار للشريعة اليهودية إثر مخالفة زميلها العلماني وزير الصحة عقيدتها، وإقراره إدخال خبز مختمر للمستشفيات في مناسبة الصيام اليهودي عن الخبز المختمر.
وقال إن عضو الكنيست منصور عباس وحزبه رفضوا بالمقابل “الانتصار لعقيدتهم ولأقصاهم” بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، بعد انتهاك وتدنـيس اليهود لحرمة المسجد الأقصى ولحرمة شهر رمضان.
وسبق أن كتب الشيخ “الخطيب” 2022 يقول: “الحمد لله على نعمة الانقسام (بين شقي الحركة الإسلامية)”، معتبرا ما حصل في العام 1996 من انقسام الحركة الإسلامية وإن كان ظاهره شرّا وكرهناه ولم نسع إليه، إلا أن فيه الخير كل الخير وفق ما نرى عليه سلوك من دخلوا مستنقع الكنيست”.
قرار تحايلي مؤقت
وعقب تجميد الحركة الجنوبية من الائتلاف والكنيست قالت صحف عبرية: إنه قرار هدفه سحب غضب الفلسطينيين وأعضاء الحركة الإسلامية الذين طالبوا بالانسحاب فورا من الائتلاف “الإسرائيلي”، وإنه قرار مؤقت وتحايلي، وسيعود نواب الحركة للكنيست والحكومة بعد رمضان وانتهاء المواجهات.
وزعمت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن قرار التجميد “محاولة لإيجاد حل مؤقت للضغوط الداخلية على منصور عباس من مؤيديه وأعضاء حزبه في الكنيست”، وأن قرار التجميد “مؤقت”.
واعتبرت صحيفة “هآرتس أن قرار التجميد “حيلة” من الحزب الإسلامي سوف تمد من عمر التحالف الحكومي “الإسرائيلي” الحالي.
وتعالت الأصوات الصادرة عن شخصيات بارزة في الحركة الإسلامية الجنوبية المطالبة بالانسحاب الفوري من الائتلاف الحكومي، على خلفية الاعتداءات الأخيرة في القدس والمسجد الأقصى؛ حيث دعا للانسحاب من التحالف رئيس دار الإفتاء والبحوث الإسلامية محمد سلامة حسن، والرئيس السابق للحركة إبراهيم صرصور، والمرشح السادس في القائمة الموحدة للكنيست علاء الدين جبارين.
وقالوا: “لندع الحكومة التي تهاجم النساء والأطفال وكبار السن في المسجد الأقصى تذهب إلى جهنم”.