تحولت شوارع القدس وأزقتها العتيقة وبوابات المسجد الأقصى المبارك وباحاته إلى ساحة مواجهة يومية بين الفلسطينيين من جهة، والاحتلال الصهيوني وعصابات المستوطنين من جهة أخرى، ويستخدم المحتل الغاشم كل قدراته العسكرية في محاولة يائسة لرسم واقع تهويدي خطير في باحات الأقصى من خلال التقسيم الزماني والمكاني، وإطلاق العنان للمستوطنين لاستباحته من خلال طقوسهم التلمودية.
أكثر من 700 مستوطن بحماية من قوات الاحتلال يقتحمون الأقصى بشكل يومي وعبر مجموعات، انطلاقاً من باب المغاربة منذ بدء ما يسمى “عيد الفصح اليهودي”، ويتصدى لهم المرابطون والمعتكفون في الأقصى بصدورهم العارية في مشهد أربك الاحتلال الذي لم تسلم من اعتداءاته لا النساء ولا كبار السن ولا الأطفال، لكن كل ممارسات الاحتلال لم تفل من عزيمة الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن مقدساته لإسقاط كل مخططات التهويد والاستيطان .
مركز وادي حلوة: الاحتلال أقام سجونا ومعتقلات بالقرب من الأقصى لقمع المعتكفين والمرابطين
معركة مستمرة
ويقول مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني لــ”المجتمع”: ما يحدث في الأقصى من اعتداءات وحشية على المصلين يأتي في إطار سياسة ممنهجة من الاحتلال؛ حيث يتعمد الاحتلال تقسيم المستوطنين إلى مجموعات من أجل استفزاز المصلين وإطلاق الرصاص والقنابل الغازية عليهم، وتعمد تفريغ الأقصى من المصلين بعد صلاة الفجر من أجل إتاحة المجال للمستوطنين لاستباحة الأقصى في ساعات الصباح، لافتاً أن الاحتلال الصهيوني كثف من تواجده العسكري على أبواب الأقصى التي يغلقها في وجه المصلين لمنع تدفق آلاف الفلسطينيين الذين شدوا الرحال إلى الأقصى للتصدي لعمليات الاقتحام الواسعة .
وحدات لقمع المرابطين
في سياق متصل كشف مركز وادي حلوة في تقرير له، تلقت “المجتمع” نسخة منه، أن الاحتلال افتتح مع بداية شهر رمضان المبارك وحدة تحقيق خاصة في مركز “المسكوبية” للاعتقالات في القدس، خاصة الميدانية. وأضاف المركز في تقريره أن سلطات الاحتلال خصصت قسما للمعتقلين الذين يتصدون لاقتحامات المستوطنين في مركز الاعتقال المسكوبية، وكذلك أقامت مراكز اعتقال على مقربة من أبواب الأقصى لتجميع المعتقلين من المصلين والمعتكفين فيها تمهيدا لنقلهم لمراكز اعتقال أخرى .
مدير الأقصى الكسواني: الاحتلال يتعمد إغلاق أبواب الأقصى لمنع الصلاة والسماح للمستوطنين باستباحته
ورصد مركز معلومات وادي حلوة منذ بداية شهر إبريل الجاري وحتى 14 منه، 134 حالة اعتقال من مدينة القدس، من بينهم 29 قاصرا، وسيدة واعتقال 600 من المصلين والمرابطين والاعتداء عليهم خلال اليومين الماضيين .
وأوضح المركز أن العديد من الاعتقالات الميدانية في شوارع القدس، نفذت من خلال “وحدة المستعربين” وهم عناصر من قوات الاحتلال متخفية بالزي المدني، لافتا أن قوات الاحتلال تنتشر بأعداد وفرق كبيرة منذ بداية رمضان المبارك في الشوارع، وأن معظم المعتقلين تعرضوا للضرب خلال الاعتقال والاحتجاز والنقل إلى مركز التحقيق، إضافة إلى الشتائم والتهديدات المتواصلة.
وأكد المركز أن الاحتلال أصدر قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة، حيث رصد المركز 47 قرار إبعاد، من بينها 26 قرار إبعاد عن الأقصى، 20 قرار أبعاد عن البلدة القديمة .
فعاليات مستمرة
هذا وتتواصل في الأراضي المحتلة والشتات الفعاليات المساندة للمرابطين في الأقصى والمنددة بممارسات الاحتلال العدوانية في باحات الأقصى، وأجمعت الفصائل الفلسطينية على أن المساس بالأقصى هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء محذرة من المخطط التدريجي للاحتلال لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، مؤكدين أن هذا الأمر لن يحدث في ظل مقاومة الاحتلال .
البرغوثي: ما يحدث في الأقصى جريمة حرب والمجتمع الدولي منافق
من جانبه دعا الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي في تصريح لــ”المجتمع” إلى الاستمرار في نهج المقاومة والاشتباك مع الاحتلال في كل الميادين من أجل الدفاع عن الأقصى الذي يأتي الاعتداء عليه في ظل الهرولة للتطبيع مع هذا الكيان المجرم.
وأكد البرغوثي أن الرد على الاقتحامات هو توسيع الانتفاضة والمقاومة وبناء إستراتيجية كفاحية فلسطينية للدفاع عن المقدسات في ظل ما تتعرض له من عمليات تهويد، مؤكدا أن العالم يتعامل بازدواجية استغلها الاحتلال لممارسة القتل والإرهاب والتهجير والتطهير العرقي والفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني، محذرا من أن تطور الأحداث في الأقصى سيقود للانفجار ولتطورات لا أحد يعرف أين ستصل .
وكانت الجماعات الصهيونية المتطرفة قد دعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاستمرار في عمليات الاقتحام للأقصى، وذبح قرابين في باحاته، وصولا لإقامة خرافة الهيكل الثالث المزعوم .