أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بسورية بياناً حول عودة العلاقات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والنظام السوري، هذا نصه:
إلى المطبعين مع النظام السوري من إخوة “حماس”، الذين عبَّروا عن تقديرهم للقيادة السورية، ورغبتهم في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية في إطار القرار باستئناف العلاقة مع سورية الشقيقة خدمة للأمة وقضاياها العادلة نرسل هذه الرسالة..
إخوتنا في “حماس”..
لا تأخذكم ضغوط اللحظة الحاضرة إلى ضياع البوصلة، ولا تفجعونا بكم فأنتم أصحاب قضية عادلة، ولا تنسوا أنَّا في سورية أصحاب قضية عادلة أيضاً، وإذا كنتم تغارون على فلسطين فنحن نغار على سورية وفلسطين معاً..
وقضية سورية التي يحملها مليون شهيد وعشرة ملايين مهجر ونازح ومئات آلاف السجناء والمفقودين، ليست قضية ثانوية يبادلها إخواننا ببعض المكاسب ورضا بعض الحلفاء، فلا تدعوا حلومكم تطيش وأنتم أصحاب الأحلام، ولا تدعوا قضيتكم نهباً لتدبير تكتيكي يجافي المبادئ، ولا تلوثوا خطَّكم الجهادي بدماء إخوانكم في بلاد الشام والعراق واليمن..
يا إخوة “حماس”..
نحن نعلم حرج الموقف الذي أنتم فيه، والخذلان الذي تعانون منه، ونعلم أنَّ أهلنا في غزة يُعانون من الجوع والحصار، ولكنكم تعلمون كذلك أن أهلكم في سورية يعانون من القتل بالإضافة إلى الجوع والحصار، وإن الجرائم التي يقوم بها النظام الذي تتقربون منه، فاقت الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين..
لقد أضعتم البوصلة أيها الأشقاء، فلا تصدقوا أن أهل الشام والعراق واليمن أقل غيرة على القدس من أهل غزة، والمعركة معركة تاريخية، وهي معركة بين أمتين وحضارتين وليست بين كيانين، ومن الخطر الماحق أن يُعمينا تقاطع المصالح المرحلية الآنية عن الحقائق الإستراتيجية الكبرى، فصراع إيران والكيان الصهيوني في المنطقة هو صراع نفوذ وليس صراع وجود، وكلاهما يتنافس على الحصة الأكبر من قصعتنا، ونحن لا نصدق أنَّ الأنظمة التي تهدم المدن على رؤوس أصحابها تعمل على تحرير فلسطين، ونعتقد أن تلاقيكم مع إيران تلاقٍ عابر، بينما تلاقيكم مع الشعوب في سورية والعراق ومصر هو التلاقي الأصيل وهي العمق الجغرافي لفلسطين، كما أنَّها العمق الديموغرافي للشعب الفلسطيني، ولن تتحرر القدس ما لم تتحرر هذه الشعوب، وعدوكم يعرف هذه الحقيقة، أما أذناب إيران الزينبيون والفاطميون والعصائب والمليشيات، فلم يأتوا إلا ليحتلوا ديار القتلى والمهجرين..
إنَّ وضع يدكم بيد الطاغية الملوثة بدماء شعبكم سيفقدكم مصالحكم الإستراتيجية ويجردكم من قوتكم الحقيقية، فقوتكم أيها الأحباب ليست في السلاح الذي بين أيديكم، ولكن بالدعم المعنوي الهائل الذي اكتسبته قضية فلسطين من المحيط إلى المحيط، فلا تذهبنَّ رياح الأحداث بحلومكم، فالشعوب معكم ما دمتم مع قيمكم، وإلا فسقوط أهل المبادئ أشد وطأة من سقوط أهل البنادق..
ولقد قدمنا إليكم نصيحة مكتوبة، في 24 مايو 2019م، ألَّا تذهبوا للنظام القاتل المتربع على جماجم أهلكم في سورية، ونصحناكم بالتبصُّر في عواقب هذه الخطوة ونتائجها الكارثية، ليس علينا كسوريين فحسب، بل على مشروع التحرير في بلداننا العربية وعلى رصيد حركة “حماس” عند السوريين والشعوب العربية والإسلامية، ولكن حساباتكم قادتكم للسير في هذا المنزلق الخطير، وهذا خطأ تاريخي كبير، فأنتم تهدمون مجداً بنيتموه بالدماء والدموع والتضحيات، والسنن الربانية تسري على الجميع ولن تحابيكم لمجرد نبل قضيتكم.
أعيدوا حساب الأولويات جيداً فنحن لكم من الناصحين.. ولا تُلقوا بأيدكم إلى هاوية يصعب انتشالكم منها، وخندق يصعب فيه الدفاع عنكم.. واحذروا السنن الكونية فإنها غلّابة..
واحذروا غضب التاريخ فإنه لا يرحم.. واحذروا فقدان الذاكرة فالشعوب لا تنسى..
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}..
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
23 صفر 1444هـ
19 سبتمبر 2022م