تخوض الجمعيات النسائية والحقوقية صراعاً عنيفاً ضد التشريع الإسلامي الخاص بالأسرة المصرية المسلمة، وتسعى هذه الجمعيات المدعومة من بعض الجهات النافذة إلى “كثلكة” (تغريب) نظام الزواج والطلاق ورعاية الأبناء، فالمرجعية عندهم أساسها الغرب والنسوية الشائهة، وليس علماء الإسلام أو الأزهر.
وأبرز المتصارعين في هذا السياق المجلس القومي للمرأة الذي يتكون معظم عضواته من سيدات مطلقات، يسعين من خلال وضع القانون للانتقام من أزواجهن السابقين بوضع القيود والعقوبات على الرجل، وحبسه وتغريمه لإشباع شهوة التنكيل والتشهير، ويكفي أن التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية المتوقع أن يضم قرابة 300 بند تتطرق إلى أدق التفاصيل التي تخص الرجل والمرأة، ومعظمها يخالف التشريع الإسلامي، ويعقّد حياة الأزواج؛ مما يؤدي إلى مشكلات أكثر تعقيداً، ومنها العزوف عن الزواج من جانب الشبان، وعنوسة الفتيات، فضلاً عن انتشار الرذائل الخفية والعلنية.
ففي مسألة الزواج الثاني مثلاً، تطالب التجمعات النسائية بوضع قيود صارمة على الرجل، وأن يتدخل القاضي في الأمر، وهذا من شأنه أن يحول القضاء إلى محاكم تفتيش -كما يقول د. أكرم السيسي في مقال له (“الشروق”، 10 أغسطس 2022)- وذلك لأن الزواج متعلق ببواطن النفوس والقلوب! فضلًا عن أن هذا القانون يناقض الشرع، ويخالف تاريخ البشرية منذ أن خلقها الله، وكل الأنبياء والرسل عدّدوا الزوجات باستثناء المسيح عليه السلام، ثم إن طبيعة الرجل تسمح بالتعدد، أما المرأة فطبيعتها لا تقبل التعدد.
من ناحية أخرى، نشرت الصحف والمواقع (17 ديسمبر الجاري) تصريحات قوية للشيخ إبراهيم رضا، من علماء الأزهر، أوضح فيها بمناسبة تقديم مسودة لقانون الأحوال الشخصية، أن هناك من يتربص بالأزهر في كل شيء يفعله، وأن التناطح الذي تغذيه بعض البرامج وبعض الثقافات ضار جدًا بالدولة؛ مشيرًا إلى أنه لا يمكن عقلًا ولا شرعًا أن يُحبس الرجل لأنه تزوج من زوجة ثانية، أو يستأذن الزوجة للزواج من أخرى؛ وكأن المرأة صاحبة ولاية وفرض وصاية على الرجل في حقوقه الشرعية، وذكر بالآية الكريمة: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة: 229)، هذا من رحمة الله بالمسلمين، وللأسف اختفت هذه الجملة من الوجود المصري “تسريح بإحسان”، ويوجد بدلاً منها حالة من حالات الانتقام والكراهية المتبادلة والتناطح والجدال.
يذكر أن القانون الحالي يمنح المطلقة مؤخر الصداق ونفقة متعة (سنتين حسب تقدير القاضي) ونفقة العدة، وتُقدر بحوالي 27 شهراً، ونفقة للأولاد، وحق السكنى، ولا يستطيع الزوج إخراجها من المنزل، وقد باتت الكثير من الأسر عالقة في أزمات عدم الاستقرار بسبب مواد وثغرات في قانون الأحوال الشخصية؛ أسفرت عن ضياع حقوق الآباء والأبناء، وعُجت بها أروقة المحاكم وأجهزة السلطة القضائية.