تظل العطلة الدراسية من أهم الفرص أمام الآباء والأمهات لعمل أنشطة مفيدة لصغارهم؛ نظراً لوقتها الطويل الخالي من الدراسة والواجبات، أنشطة متنوعة شيقة لتنمية مهارات ومواهبهم وقدراتهم المتعددة.
النبي ﷺ يعلمنا أهمية استثمار الحدث
ولو نظرنا إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم لوجدناه يستثمر الأحداث اليومية وغيرها لغرس القيم الصالحة في نفوس الصغار، هذا التوظيف الأمثل الذي يكون له الأثر الكبير في تربيتهم وتنمية عقولهم وصلاح نفسياتهم، التوصيف الأمثل هنا يفتح حواراً يساعد على تنامي الأفكار والمعلومات لدى المتعلم.
وسوف نأخذ أمثلة على هذه الأحداث، وكيف استثمرها النبي صلى الله عليه وسلم في توصيل القيم:
– ما رُوي أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتِيَ بشَرَابٍ، فَشَرِبَ وعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وعَنْ يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقالَ لِلْغُلَامِ: «إنْ أذِنْتَ لي أعْطَيْتُ هَؤُلَاءِ»، فَقالَ: ما كُنْتُ لِأُوثِرَ بنَصِيبِي مِنْكَ يا رَسولَ اللَّهِ أحَدًا، فَتَلَّهُ في يَدِهِ. (رواه البخاري).
– وما رواه عمر بن أبي سلمة: كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ»، فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ. (رواه البخاري).
– ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: كنت خادمًا للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: فكنت أدخل بغير استئذان، فجئت يوماً، فقال: «كما أنت يا بني، فإنه قد حدث بعدك أمر، لا تدخلن إلا بإذن» (رواه البخاري).
أهم الأنشطة التربوية
يعتبر الترويح من أكثر الأنشطة المحببة للأبناء وأعظمها فائدة، حتى إنهم يسمونه التربية الذاتية، فمع المتعة والاستمتاع يكون التعلم والتطوير والتنمية، بل أعلى درجات القابلية للتلقي والاختيار.
والصغير بفطرته يميل للحركة واللعب، مما يدفعه لاكتشاف البيئة التي يعيش فيها، ويقصد بالترويح كلّ عمل يقوم به الصغير بحريته وبذاته، وهنا تأتي أهميته وقيمته في توصيل القيم المأمولة تعليم بمتعة وترفيه،
من فوائد الترويح بين أفراد الأسرة لتربية صغارهم(1):
– يعالج الرتابة في البرنامج اليومي، ويقي الحياة الأسرية من الملل والفتور.
– المرح والسعادة والفرح بين أفراد الأسرة.
– يخفف من الضغوط النفسية لأفراد الأسرة نتيجة للمسؤوليات والواجبات اليومية؛ مما يزيد من قدرتهم على أدائها بصورة أفضل، فعندما تتأزم النفسيات وتشتد الأعصاب نتيجة للضغوط اليومية يجعل البيئة خصبة لإطلاق طاقات ومهارات وملكات الصغار.
– يشعر الطفل بالانتماء لبيته وأسرته.
– يدخل على قلب الصغار السعادة والفرح والسرور.
– يلبي حاجة من حاجات الإنسان النفسية، فالإنسان يميل إلى حب الترفيه والترويح، ويدخل السرور إلى النفس مما يعد وقاية من بعض أمراض العصر وفي مقدمتها الاكتئاب والحصر النفسي.
– ينمي الود والمحبة بين أفراد الأسرة ويقوي العلاقة بينهم، فكلما اشترك أفراد الأسرة في برنامج ترويحي وتنافسوا فيه؛ ازدادت قوة علاقتهم وارتباطهم ببعضهم.
احذر صغيرك يرجع إلى الخلف!
نعم، صغيرك يرجع للخلف إن سلمته لهاتفه ساعات، فقد قالوا بتأثير الهواتف عليهم بشكل كبير زيادة من مستويات الاكتئاب والقلق لديهم، وإصابتهم بالرهاب الاجتماعي، كما يؤثر على تأخر التطور العقلي للصغير، كما يؤثر على تركيز الطفل وتحصيله الدراسي، وقد يصل الأمر إلى النسيان المتكرر.
ولهذا كله ينصح بعمل اجتماع للأسرة لمناقشة القضايا وتوزيع الأدوار على الأبناء، بحيث يشاركون في أعمال المنزل بالمساعدة في شراء احتياجاته، حتى لا نتركهم طوال الوقت أمام هواتفهم ليقعوا ضحية وفريسة للألعاب الإلكترونية.
______________________________________________________
(1) من بحث «أهمية التوجهات والممارسات الترويحية في استقرار وتماسك الأسرة»، د. بلقاسم دودو، جامعة ورقلة، وأ. أحميدة نصير، بتصرف.