إنها أيام الله أفضل الأوقات وأرجاها لقبول العمل الصالح ومضاعفته، ويبقى خير العمل هو الدعوة إلى الله والعمل الصالح والجهر بالإيمان وتعليم الناس الخير؛ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33).
ولذلك، كان من كياسة المسلم استغلال هذه الأوقات وحسن استثمارها في الدعوة إلى الله تعالى عبر هذه الوسائل:
1- توزيع أكبر عدد من المطويات والكتيبات عن أحكام الإسلام: للحاج أن يجهز في حقيبته عدداً لا بأس به من المطويات التي تعرف بالإسلام، وتحض على الالتزام والتقوى وتحري العمل الصالح بعد أداء الشعيرة والعودة إلى الديار بحج مبرور وذنب مغفور إن شاء الله.
2- تصحيح المعتقدات الخاطئة لبعض الحجيج بأسلوب دعوي: وفي الحج يجتمع المسلمون من شتى أصقاع الأرض عربهم وعجمهم ليلبوا نداء الحق، رافعين راية الاتباع والتسليم، وفي هذا يكون البعض لديه أخطاء عقدية أو بدع شركية تظهر في أدائه وسلوكه وكلماته، فعلى الداعية الحصيف أن ينتبه لذلك، ويستغل هذه الأوقات من الصفاء الروحي في بذل النصح له بأسلوب دعوي رقيق رائق يقوده للاتباع.
3- التذكير بأهمية القرآن والتكبير وعدم الانشغال بغير الذكر: هي أيام الذكر التي قال الله تعالى عنها: (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) (البقرة: 203)، فهذا شرف الزمان فضلاً عن شرف المكان، فالمغبون فيهما من ضيّع هذه النفحات دون التعرض لها بالذكر والتهليل والتكبير والتحميد وقراءة القرآن مع تجنب اللغو واللهو ومضيعات الأوقات الثمينة، وعلى الداعية متى رأى سلوكاً مستهجناً أن يرشد صاحبه وينبهه إلى خطورة ذلك وعظم ما يفوته من كسب وما يلحقه من خسائر.
4- شرح بعض أركان الحج وسننه لمن لا يعلم: والحج ركن الإسلام الخامس، وله أحكامه وشروطه وسننه وفقهه الذي ربما غاب عن بعض المسلمين؛ نظراً لأنه يجب أداؤه مرة واحدة في العمر عند الاستطاعة على الأقل، فإن الكثيرين يعزفون عن دراسة أحكامه؛ وهو ما يؤدي إلى ظهور أخطاء أثناء أداء المناسك والشعائر، ومن هنا يجب على الداعية الفطن أن يرشد غيره إلى الصواب ممن جهله.
5- تقديم الهدايا مصحوبة بأشرطة صوتية للحجاج: وهذا من سلوك العارفين الدارسين لطبائع البشر؛ إذ النصح ثقيل فلا يرسله الداعية جبلاً، وإنما يفتح قلوب مستمعيه بهدية لتذيب جليد اللقاء الأول وبرودة الريبة وتشعل دفء الإسلام في القلوب المؤمنة، فيصير معها ألين ما يكون، وأكثر تقبلاً للاستجابة.
6- الاشتراك في بعض الحملات بهدف خدمة الحجاج وإرشادهم: تنظم وزارة الحج والعمرة العديد من الحملات لخدمة الحجاج وإرشادهم وتقديم النصح لهم، فمتى أقبل الداعية من هذا المسلك الخدمي استطاع أن يدعو غيره ولو لم ينطق بكلمة عبر السلوك والاقتداء والنمذجة الصالحة.