500 عالم وداعية من 100 دولة يدعون إلى وحدة المسلمين ووقف الهوان
وبرز من خلال فعاليات المؤتمر المتواصلة كلمة الداعية الإسلامي د. يوسف القرضاوي التي جاءت تعقيباً على إحدى الأطروحات، وكانت بمثابة منبه عالي الصوت، ونقطة تحول حرَّكت المشاعر؛ فنسج الكثيرون من المشاركين في المؤتمر على منوالها لاحقاً، إذ حددت الدور الواجب من الأمة تجاه القضية الفلسطينية، وجاء فيها:
هناك من يقول: إن على الفلسطينيين الآن أن يدَعوا الجهاد ويتبنوا السلام، فهم لا يستطيعون أن يحملوا تبعات الجهاد في هذه المرحلة، وهذا كلام في غاية الخطورة لا يمكن أن يمر بسهولة أو أن نسكت عليه.
لقد فرض علينا الجهاد، فماذا نفعل؟ يقول تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) (البقرة: 216)، لم يسع الفلسطينيون إلى أن يقاتلوا أحداً، فقد أُخرجوا من ديارهم وأبنائهم، قال تعالى على لسان قوم مخاطبين نبيهم: (وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا) (البقرة: 246)، وقال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ) (النساء: 75).
القتال أمر مفروض علينا، ولا يمكن أن نقول ما يقوله كثير من السياسيين اليوم، هذه الكلمة غريبة، ومعناها أنك تقول لعدوك: إذا ضربتني على قفاي فأنا مسالم، وإذا ضربتني بالحذاء فأنا مسالم، وإذا سفكت دمي فأنا مسالم، وإذا هتكت عرضي فأنا مسالم، وإذا دنَّست مقدساتي فأنا مسالم، فهل هذا معقول؟!
لا بد أن تكون كل الخيارات مفتوحة، نطالب بالسلام، ولكن إذا لم يكن محققاً، ومطالب الأمة العربية والإسلامية، فهذا السلام مرفوض، وليس لنا إلا أن نحارب، فقد كتب علينا ذلك، لم يقل الله تعالى: “وأعدوا لهم مثل ما أعدوا لكم من قوة”، أو إذا كانت لديهم ترسانة نووية فأعدوا مثلها، لا، بل قال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) (الأنفال: 60)، وقد رأينا الشعوب التي كانت تقاتل المحتلين لم يكن عندها ما عندهم، فلم يكن عند الفيتناميين ما عند الأمريكيين، ولم يكن لدى الجزائريين ما كان لدى الفرنسيين، فلماذا نفترض أن يكون عندنا ما عند الصهاينة ومن يساندهم من الأمريكيين وغيرهم؟!
علينا أن نقاتل بما استطعنا من قوة، هذا أمر، وهناك أمر آخر: ينبغي أن تسقط أسطورة أن “إسرائيل” قوة لا تُقهر، وشوكة لا تُكسر، فوالله لقد قُهرت؛ قُهرت في عام 1973م، وقُهرت أمام “حزب الله” في الجنوب اللبناني، وها هي تُقهر الآن أمام الانتفاضة الباسلة الصابرة والمصابرة والمرابطة، برغم قلة الإمكانات والمناصرين، وبرغم تخاذل العرب ووهن المسلمين، وغياب العالم، برغم هذا كله استطاعت الانتفاضة أن تثبت قوتها وجدارتها وصبرها، وأزعجت الصهاينة بعشرات الآلاف.
ومعنى هذا أن اليهود يعيشون في رعب، وأهمية الانتفاضة والعمليات الاستشهادية التي تقوم بها ليست في عدد من يُقتلون، ولكن في هذا الرعب، فهؤلاء القوم ليس لهم جذور يتشبثون بها في الأراضي المحتلة، الفلسطينيون مستعدون لأن تتحول بيوتهم إلى مقابر ولا يدعوها، ولكن هؤلاء مستعدون –لأدنى شيء– أن يرحلوا.
لذلك أقول: إن الجهاد مفروض علينا، ويجب أن نتحمل تبعاته، وعلى الأمة أن تمد الانتفاضة والمقاومة بالمال والسلاح والمجاهدين وبكل ما تستطيع؛ (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286).
العدد (1497)، ص44-46 – 7 صفر 1423ه – 20/4/2002م.