«الكويت بجانبكم»، شعار رفعته دولة الكويت لمساعدة الإنسانية وإخوانها المسلمين في العالم، وانطلاقاً من مسيرة الخير هذه مدت الكويت أياديها بالخير والمساندة في بقاع شتى، منها صربيا التي أسست وافتتحت فيها مؤخراً عدداً من المشاريع لخدمة المسلمين فيها.
بدأت أولى ثمار هذه المشروعات الكويتية بافتتاح المركز الثقافي الكويتي، في 20 أغسطس 2023م، كجزء من مجمع مركز أبو حنيفة الإسلامي في مدينة سينيتسا بحضور رسمي وإسلامي واسع من كل من الكويت وصربيا.
حضر حفل الافتتاح وفد كويتي ضم ممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات إنسانية، على رأسهم سفير دولة الكويت لدى صربيا فايز المطيري، والشيخ محمود النجدي، رئيس لجنة البلقان بجمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية، ورئيس فرع الفردوس الشيخ سعود المطيري، والشيخ مبارك فهد الدوسري.
ومن الجانب الصربي، حضر مفتون ومديرون وكبار الأئمة، يتقدمهم رئيس المشيخة الإسلامية في صربيا د. مولود دوديتش، بالإضافة إلى ممثلي الإدارة المحلية بقيادة رئيس بلدية سينيتسا وممثلين عن مؤسسات المدينة.
وفي مقابلة مع «المجتمع»، قال الشيخ كمال محمودوفيتش، نائب مدير الوقف مدير المشيخة الإسلامية للمشاريع: في
المشيخة الإسلامية لدينا عدة مشاريع نقوم حالياً بتنفيذها بالتعاون مع دولة الكويت، وكما تعلمون فإن المشيخة الإسلامية في صربيا تحتفظ بعلاقات جيدة جداً مع الحكومة وباقي المؤسسات.
وأما عن المركز الإسلامي في سينيتسا، فهو مركز يقدم خدماته لسكان المدينة من النواحي الدينية والتربوية والاجتماعية، تم بناء هذا المركز بالتعاون مع جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت، وتم تنفيذه في حدود 3 سنوات، ويسع لحوالي 500 طالب وطالبة في مدرسة القرآن الكريم، بالإضافة إلى قسم لتعلم اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية الأخرى.
ومدينة سينيتسا يسكنها حوالي 36 ألف نسمة، معظمهم من المسلمين؛ إذ يمثلون نحو 85% من السكان، وتوجد بالمدينة 8 مساجد، بالإضافة إلى المركز الإسلامي، كما يتم حالياً بناء مدرسة ثانوية إسلامية أيضاً بالتعاون مع مؤسسة كويتية.
نموذج يحتذى في العمل الإنساني
وفي كلمته خلال الحفل، قال السفير الكويتي بصربيا فايز المطيري: إن المشاركة في افتتاح المركز الثقافي الكويتي عمل مشرف، فلا شك أن هذا المركز سيقوم على نشر الثقافة والقيم التي يحتاجها النشء ليكون عضواً نافعاً في المجتمع، كما يقدم لنا نموذجاً يحتذى به في العمل الإنساني من خلال ملامسة الاحتياجات اللازمة لمجتمعات الأقليات المسلمة للحفاظ على هويتهم وتعزيز قدراتهم للمساهمة في تنمية أوطانهم.
علاقات وثيقة
إن هذا المركز يؤكد العلاقات الوثيقة بين دولة الكويت وجمهورية صربيا، كما يعد العمل الإنساني الذي تقوم به جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية وتعاونها مع المشيخة الإسلامية في صربيا عملاً ناشطاً لخدمة المجتمع الإسلامي في صربيا.
حاضنة تربوية لأبناء المسلمين
ومن جانبه، قال الشيخ سعود المطيري، رئيس فرع الفردوس بجمعية إحياء التراث الإسلامي: إن هذا المركز الثقافي الكويتي سيكون مَعْلماً من معالم تعليم القرآن الكريم واللغة العربية؛ ليكون نبراساً وطريقاً للهداية إلى الطريق القويم، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء: 9)، وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
وإيماناً منا في جمعية إحياء التراث الإسلامي فرع الفردوس بأهمية التعاون مع إخواننا المسلمين في جميع بقاع العالم، وانطلاقاً من قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم»؛ فكانت هذه المساهمة ترجمة عملية بهذا التوجيه القرآني والنبوي، فهنيئاً لكم بهذا الصرح الثقافي ليكون حاضنة تربوية لأبناء المسلمين جميعاً في هذه المدينة حتى يكونوا لبنة صالحة في هذا المجتمع.
رعاية أميرية للعمل الخيري
أما د. محمود النجدي، مدير لجنة البلقان بجمعية إحياء التراث الإسلامي، فقال: إن افتتاح هذا المركز الثقافي الكويتي في مدينة سينيتسا بدولة صربيا يأتي بدعم ورعاية من القيادة الحكيمة والإنسانية لدولة الكويت، وبتوجيهات صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظهما الله ورعاهما، وبمتابعة من الحكومة الكويتية، والدعم المباشر من المحسنين والمحسنات من دولة الكويت والمؤسسات والأفراد على كافة المستويات؛ لإيصال هذه الأعمال التي ترونها في مكانها الصحيح لخدمة الإسلام والمسلمين والإنسانية.
الكويت مركز العمل الإنساني
وأضاف أن العمل الخيري والإنساني والثقافي مترسخ بدولة الكويت في أفرادها ومؤسساتها، وما يميز الجهود الكويتية في دعم هذه الأعمال المباركة أنها مقصود بها وجه الله تعالى، وهذا أضفى على العمل الخيري الكويتي جانباً إنسانياً عميقاً، فقد أصبحت الكويت سباقة إلى العمل الخيري والإغاثة الإنسانية حتى تم تكريمها عام 2014م من قبل الأمم المتحدة وتسميتها بمركز العمل الإنساني، فطالما دأبت الكويت على أن تكون حاضرة في مختلف الفعاليات والمحافل الدولية التي تحمل في ثناياها تعزيز العمل الإنساني الداعم للمنكوبين والمحتاجين في جميع بقاع العالم.
وأشار النجدي إلى أن هذا المركز الثقافي الكويتي يأتي امتداداً لنجاحات العمل الإنساني ودعم الجهود والمشاريع المستدامة في العمل الخيري التي تشرف عليها جمعية إحياء التراث الإسلامي من خلال لجنة البلقان.
العمل الخيري.. والاستثمار في الإنسان
واعتبر أن من أفضل تلك المشاريع الاستثمار في الإنسان لتعلمه وتعليمه، وإن أفضل العلوم هي القرآن الكريم والسُّنة النبوية وتربية الفرد التربية الطيبة من خلال هذا المركز الذي بني لخلق جيل من المتعلمين بتعاليم الإسلام وسماحته بعيداً عن الأفكار المنحرفة والمتطرفة.
تعاون وتنسيق لخدمة المسلمين
واختتم النجدي بقوله: إن لجنة البلقان في جمعية إحياء التراث تقوم بعمل كبير من خلال دعم المحسنين والمحسنات في الكويت، وبتنسيق مباشر ومشكور من وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الخارجية الكويتية من خلال سفاراتها في الخارج، والتعاون مع المشيخات الإسلامية والمؤسسات الخيرية والمراكز المعتمدة، وبهذا التنسيق تحققت نجاحات طيبة في بناء العديد من المساجد والمراكز الثقافية والمدارس والثانويات الإسلامية وسكن الطالبات وكفالة الأيتام والإسهامات العديدة من أعمال البر والخير.
تقدير صربي للدور الكويتي
وفي ختام الكلمات، أعرب رئيس المشيخة الإسلامية في صربيا د. مولود دوديتش عن شكره وامتنانه للكويت والمؤسسات الكويتية، وفي مقدمتها جمعية إحياء التراث الإسلامي، على دورها في مساندة مسلمي صربيا، وبناء مثل هذه المشروعات التي تخدمهم، كما قدم رئيس المشيخة شهادات تقدير للوفد الكويتي؛ تقديراً من المشيخة لدورهم، وتعبيراً عن الامتنان والشكر لجهودهم في خدمة مسلمي صربيا.
مشروعات مستمرة
ولم تتوقف أيادي الخير الكويتية عند المركز الثقافي الكويتي في سينتسا، بل زرعت ثمار خير لخدمة مسلمي صربيا بمناطق أخرى، ففي 25 أغسطس الماضي تم افتتاح مركز ثقافي تعليمي يحمل اسم «أحمد عبدالله فلاد» تابع لمسجد «فليكي رت» بمدينة نوفي ساد، وكذلك تم وضع حجر الأساس لمركز ثقافي اسمه «عبدالله مطلق المسيلم» بمنطقة إديتسة في مدينة نوفي ساد، بإشراف أيضاً جمعية إحياء التراث الإسلامي، وبتنفيذ من المشيخة الإسلامية في صربيا.
وضمن جولة الوفد الكويتي الخيرية، تم افتتاح «دار الفردوس للأيتام» بمدينة روزاي بدولة الجبل الأسود.