قد تتطلب منك الحياة درجة من المرونة، وقدرة على التفاوض، في العمل مثلاً، أو إزاء أزمة ما، تريد الخروج منها بأقل قدر من الخسائر، وأكبر قدر من المكاسب، وهو ما يعرف بـ«فن التفاوض»، وهو علم يدرس الآن في الأكاديميات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
ومن المؤكد أن المرء منا سيخوض تلك التجربة يوماً ما؛ بحثاً عن زيادة الراتب مثلاً، أو خلال الانتقال إلى عمل جديد، أو بحثاً عن تمويل لشركته، أو عائد أفضل في تجارته، وهكذا، فالحياة لا تخلو من مستجدات ومفاوضات؛ بحثاً عن الأفضل، لذلك يجب أن تتخلص من الخجل، وأن تكون واضحاً في طلباتك، وأن تضع التفاصيل على الطاولة.
وتنصح دراسة بريطانية صادرة عن جامعة ستانفورد، بالآتي:
أولاً: فتح جسور التواصل مع الطرف الآخر، يمهد لنجاح عملية التفاوض، حيث يعمل ذلك على تذويب الجليد بين الجانبين، وتعزيز الثقة بينهما؛ ما يؤدي إلى نتائج أفضل.
بحسب الدراسة، التي استهدفت طلاباً يخوضون عملية تفاوض عبر البريد الإلكتروني، فإن الطلاب الذين شاركوا بعضهم بعضاً تفاصيل شخصية خارج نطاق التفاوض، كانت النتائج التي حققوها أفضل بكثير من النتائج التي حققها الطلاب، الذين مارسوا التفاوض بشكل نمطي دون اللجوء إلى تبادل أطراف الحديث مع الطرف الآخر.
ثانياً: يُنصح باللطف خلال عملية التفاوض، وليس الصراخ أو الغطرسة، أو من خلال استخدام أسلوب بذيء، هنا لن تحقق عملية التفاوض النتائج المرجوة، ناهيك عن إتمامها من الأساس، بينما استخدام الأسلوب اللطيف في التفاوض، خاصة مع الإناث، يجعل عملية التفاوض أكثر هدوءاً، ويحقق نتائج أفضل، شريطة عدم المبالغة، حتى لا يشعر الطرف الآخر بالتملق أو الخداع.
ثالثاً: من المهم تحديد التفاصيل الخاصة بالأمور المالية، ووضع أرقام محددة، والتفاوض حول ما تريد من راتب مثلاً، على أن تتجنب استخدام الأرقام الصفرية، بل اطلب رقماً محدداً، مثلاً 320 ديناراً، أو 460 دولاراً، فهذا يعني أنك قمت بعمل دراسة محددة دقيقــة أوصلتك إلى هذا الرقم المحدد، وذلك بحسب دراسة بحثية صادرة عن كلية كولومبيا للأعمال.
تؤكد الدراسة أن هذه الطريقة في التفاوض تدفع الطرف الآخر إلى الإحساس بصدقك ومهنيتك، وأنك تتفاوض بناء على معايير ثابتة ومحددة وليس مجرد تفاوض يعتمد على تقديرات جزافية، أو الرغبة في الحصول على راتب كبير دون تقدير لخبراتك وإمكاناتك.
رابعاً: تفيد دراسة بأن واحدة من أكثر الطرق نجاحاً في كسب ثقة الآخرين هي إدارة النقاش معهم بنظـرات ثابتة، لذلك من الضروري استخدام النظرات الثابتة والمباشرة، والنظر في العيون، خلال عملية التفاوض، وأن تتدرب على تلك المهارة؛ لأن الاتصال المباشر عبر العين، يمنح الطرف الآخر الإحساس بأن لديك الثقة الكافية في نفسك للدخول في تفاوض جاد، وأن لديك شخصية قوة وإيجابية وقادرة على الإقناع، بينما الهروب بالنظـرات، يمنح المفاوض الآخر شعوراً بأنك غير جدير بالثقة، أو أنك تخفي شيئاً ما، أو أنك شخصية ضعيفة، لن تستطيع ملء المنصب الذي ستتولى إدارته، أو أداء المهمة المنوطة بك بكفاءة.
خامساً: ينصح المفاوضون بألا تذهب إلى التفاوض وجهاً لوجه إلا إذا كنت الأقوى، لأن الشخص الأقوى هو الذي يفوز في التفاوض؛ نظراً لامتلاكه أوراق ضغط وتأثير، أما إذا كنت في الطرف الأضعف، فمن الأفضل أن تتفاوض عبر الهاتف أو عبر البريد، كما أن التفاوض عبر الأدوات غير المباشرة يعطيك الفرصة للتفكير، شريطة تنظيم أفكارك، وترتيب ألوياتك، فمثلاً أن تتفاوض على الراتب أولاً، ثم مكان العمل، ثم أيام الإجازات، وهكذا.