في ظل التصعيد المستمر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، تطل «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من جديد لتعيد إلى الواجهة أحد أقوى أسلحتها التاريخية، العمليات الاستشهادية، في خطوة جديدة تتحدى الاحتلال وتعيد تذكيره بأيام الانتفاضة الثانية.
مساء أمس الأربعاء، نشرت «القسام» تسجيلًا مصورًا يحمل عنوان «سيغرقكم طوفان الاستشهاديين».
الفيديو الذي أثار اهتمامًا واسعًا، تضمن مشاهد لعمليات نوعية نفذتها المقاومة في «تل أبيب»، إضافة إلى رسالة صوتية من الشهيد جعفر منى، منفذ عملية «تل أبيب» في أغسطس الماضي.
وفي لقطة لافتة، ظهر أحد مقاتلي «القسام»، الذي أُطلق عليه لقب «الشهيد الحيّ»، وهو يوجه رسالة قوية للاحتلال الصهيوني، متوعدًا بردٍّ قاسٍ على جرائمه، انتصارًا للأسرى الفلسطينيين، وخاصة الأسيرات اللواتي يعانين في سجون الاحتلال.
فيديو | كتائب #القسام: تبث فيديو يتضمن وصايا كلا من منفذ عملية "#تل_أبيب" بتاريخ 18 /8/ 2024 #جعفر_منى، ووصية مجاهد آخر لم تكشف هويته سيقوم بعملية استشهادية ، وذلك تحت عنوان، #سيُغرقكم_طوفان_الاستشهاديين#طوفان_الأقصى #قطاع_غزة #الضفة_الغربية pic.twitter.com/orpaZ3x91n
— وكالة قدس برس (@QudsPress) September 18, 2024
موازين الرعب
الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أكد أن إصدار «كتائب القسام» هذا الفيديو بعنوان «طوفان الاستشهاديين» يحمل تحذيرًا شديد اللهجة للاحتلال «الإسرائيلي».
وأشار، في منشور عبر صفحته على منصة «إكس»، إلى أن استمرار الاحتلال في تنفيذ سياسة الإبادة ضد الشعب الفلسطيني سيدفع المقاومة، بقيادة «حماس» و«كتائب القسام»، إلى مرحلة جديدة من العمليات الاستشهادية التي ستزلزل كيان العدو.
وأوضح أن هذه العمليات، التي شهدت تراجعًا مؤقتًا في فترات سابقة، عادت اليوم إلى الواجهة كردٍّ حاسم على المجازر المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال، لتعيد تشكيل موازين الرعب وتفرض واقعًا جديدًا.
وأضاف أن ما يميز هذا الإصدار هو ظهور أحد فرسان الاستشهاد وهو يعلن وصيته ويستعد للقاء الله، مع إخفاء هويته وتغيير صوته، في إشارة إلى اقتراب ساعة التنفيذ، لافتاً إلى أن هذا المشهد يعكس أن «كتائب القسام» أعادت تنظيم صفوفها وأعدت فرقها لتنفيذ هذه العمليات بقوة وتأثير أكبر.
وتابع قائلاً: لا شك أن العمليتين الاستشهاديتين اللتين نفذتا في الشهر الماضي شكلتا صدمة غير متوقعة للعدو، وإذا ما تم تعزيز هذا النهج، فإن الاحتلال سيجد نفسه أمام معادلة جديدة في الصراع، حيث سيكون عاجزًا عن كسر إرادة المقاومين أو وقف سيل العمليات الاستشهادية.
ولفت المدهون إلى أن القائد يحيى السنوار يعد من أبرز المؤيدين لإستراتيجية العمليات الاستشهادية، التي يعتبرها سلاحًا حاسمًا في ظل استمرار الحرب على غزة.
وبين بأن هذه العمليات قد تأتي انتقامًا لقيادات استشهدت خارج الوطن، مثل إسماعيل هنية، وصالح العاروري، وأيضًا ردًا على المجازر التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ بدء العدوان.
الاستعلاء الجهادي
في سياق متصل، قال الباحث في العلاقات الدولية أدهم أبو سلمية: إن الفيديو يذكر الاحتلال بالعمليات الاستشهادية التي نفذتها «كتائب القسام» خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي أجبرت العدو على الانسحاب من غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية.
وأضاف أبو سلمية: اللافت في الفيديو نشر وصية لاستشهادي يبدو أن عمليته في طور التحضير، وهذا نمط لم نعتد عليه من التحدي والندية والاستعلاء الجهادي.
وأوضح أن الفيديو يمهد لمرحلة جديدة، ويبقى السؤال حول توقيت وأماكن تنفيذ العمليات القادمة.
وأكد الكاتب أدهم شرقاوي، في تغريدة له عبر حسابه على منصة «إكس»، أن شرارة هذه الحرب ستطال الجميع، ولن يكون أحد بمنأى عنها.
وقال: من لم يدخل الحرب مختارًا سيدخلها مضطرًا، لا جبهات الإسناد ستبقى كما هي، ولا المتفرجون سيظلون متفرجين، إنه طوفان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الإعلامي محمد المدهون علق على الفيديو بالقول: رسائل «كتائب القسام» اليوم واضحة، منها وصية الشهيد جعفر منى، وأخرى من مقاتل استشهادي يتوعد الاحتلال بالثأر، مؤكداً أن عودة العمليات الاستشهادية الكابوس الأصعب الذي يخشاه الاحتلال.
كما تساءل الناشط خالد صافي: هل نحن على مشارف موجة جديدة من العمليات الاستشهادية؟
في حين أشار محمد العيلة إلى أن الفيديو يرسل رسالتين؛ الأولى تؤكد أن الأيام القادمة ستشهد هذا النمط من المقاومة، وستستهدف أمن الصهاينة الفردي كما يستهدفون أمن الفلسطينيين، والثانية موجهة لخلايا المقاومة و«كتائب القسام» لتكريس جهودهم نحو العمليات الاستشهادية في عمق الكيان الصهيوني.
ختامًا، تداولت مواقع المستوطنين فيديو «كتائب القسام» بشكل واسع، في إشارة إلى مدى تأثيره عليهم وعلى مستقبل المواجهة.