كل من على الأرض سيموت، وهذه سُنة الحياة الدنيا، والملتقى يوم القيامة، ولكن هناك من يموت وقد كفى الناس شرّه؛ لأنه أزعجهم في كل يوم يعيشه، ومن ذلك فرح الحسن البصري بموت الحجاج بن يوسف الثقفي وقال: اللهم عقيرك وأنت قتلته، فاقطع سُنته وأرحنا من سُنته وأعماله الخبيثة، ودعا عليه.
وهناك من يموت وتحس أن الدنيا كلها بكت بموته لحُسن صنيعه وتأثيره الإيجابي على الأمة والعالم، وخير من مات وبقي أثره إلى يوم القيامة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام، فهم النور الذي أضاء الدنيا، وهم من أسس بتوجهات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم خطة الحياة، وأولها الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام وشرف الأمة، وهو الطريق الذي يسير عليه الآن المجاهدون.
فما يجري الآن في فلسطين ولبنان ومواجهة هذا الاحتلال يتطلب وجود رجال يتصفون بالشجاعة والسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يترك سلاحه إلا شهيداً أو منتصراً، وهذا ما رأيناه عندما تعرض بعض المعارك على القنوات، ولكن اللافت للنظر عندما ترى القادة في مقدمة الصفوف لا يتركون الميدان؛ كالشهيد صالح العاروري، وأسد غزة الشهيد يحيى السنوار، الذي شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بأنه مات بطلاً ولم يكن خائفاً من الموت.
ولكن نرى للأسف من نظن أنهم مسلمون، ولكنهم أتباع عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يسير وسط الناس يخذّلهم، وقد ثبَّط المسلمين في غزوة «أُحد» عندما قال: علامَ نقتُلُ أنفسنا هاهنا أيها الناس؟! وانسحب بثلاثمائة من المنافقين وممن كان مخدوعاً بابن سلول.
إن القنوات التي للأسف تنتمي لاسم الإسلام وتصف الشهداء بالقتلى وتسمي الجهاد بالإرهاب وتشمت بالشهداء وتلوم المجاهدين وتقول: لماذا تهاجمون وأنتم لا تملكون القوة والعتاد، ونسوا أن الله تعالى مع المجاهدين، فالدور الذي تقوم به هذه القنوات يعجز الصهاينة القيام به! وقد قال عنهم الشاعر قديماً:
وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة على المرء من وقع الحسام المهند
ما يحدث هذه الأيام من هذه القنوات والأقلام ما هو إلا موت للشرف والرجولة، وهنا أود أن أسال أهل العلم أولاً: ما قول الشرع بمن يشمت بشهادة مجاهدي الأمة؟ وكذلك التيارات السياسية في العالم العربي، أين تصنّفون هؤلاء؟ هل هم من الخونة أم المناصرين؟!
ورسالتي إلى هذه القنوات الإعلامية والأقلام التي تكتب، لا نريد منكم الوقوف مع الجهاد في فلسطين، ولكن نريد منكم الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي والشرف الأخلاقي ونقل الحقيقة فقط ولا غيرها، وليكن لكم مثلاً «تلفزيون الكويت» والقنوات الكويتية التي نفخر بها في كويت العروبة والإسلام، التي تسمي الأمور بمسمياتها فتقول: فلسطين المحتلة، وسلطة الاحتلال، والشهداء الفلسطينيون، فشكراً وزير الإعلام، وشكراً لطاقم الوزارة ولكل وسائل الإعلام الكويتية على ترجمتها لدور الكويت الثابت بنصرة القضايا العربية والإسلامية.