بقلم: سوزان آدامز
أحد زملائي كان يذهب لغسل أسنانه بالفرشاة، في كل مرة كان يشعر فيها بثقل وطأة العمل وكثرته، يقسم لي إنها حيلة بارعة لتجديد النشاط، ولي زميل آخر كان يخرج من المبنى ويتمشى حوله بغرض تهدئة نفسه وتفريغ رأسه ونسيان همومه، أما أنا فكنت أحاول الاستفادة من ممارسة بعض التمرينات الرياضية الخفيفة في صالة الألعاب الرياضية بالطابق التاسع خلال الراحة التي تقدمها “فوربس” في منتصف النهار، وكنت عندما أعود إلى مكتبي، أحس بأن جسمي أخف، وعقلي أوضح، وأهجم على عملي بطاقة جديدة هائلة.
وهناك مجموعة متزايدة من البحوث تشير إلى أنه كلما طالت مدة جلوسك على مقعدك محملقاً وملصقاً عينيك بالشاشة؛ قلت إنتاجيتك.. القيام من على مقعدك والتحرك ليس فقط يزيد من قدراتك على التركيز، لكنه أيضاً يحسن ويعزز صحتك.
قصة واقعية
وأنقل هنا قصة من صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصدرين درسا الإنتاجية؛ «جون بي تورجاكوس»، وهو أستاذ مساعد للإدارة في جامعة «تورنتو سكاربورو» وكلية «روتمان» للإدارة، يصف كيف أن التركيز على مهمة واحدة مثل التركيز على عضلة واحدة من العضلات لفترة طويلة.
فالعقل بحاجة إلى فترات استراحة، ليستريح ويتعافى قبل أن يتمكن من ممارسة مهامه مرة أخرى.. ومن بين أمور أخرى، يوصي «جون بي تورجاكوس» العمال بضرورة أخذ استراحة بعد تناول الغداء، لإعادة الشحن بتناول الطعام وتغيير المشهد.
والآخر «جيمس ليفين»، وهو أستاذ في «مايو كلينيك»، يقول: إننا لا نأخذ راحة كافية، فعادات العمل المستقرة تشكل خطراً مثلما يمثل نمط الحياة المستقر في المنزل.
ويحبذ «ليفين» ويحب فكرة الوقوف أو حتى المشي لبرهة أثناء العمل، وحتى في أثناء الاجتماعات، وإذا كنت تشعر بالنعاس خلال النهار، فينبغي أن يسمح لك بأن تأخذ قيلولة، كما يقول.
كفاءة وإنتاجية
ويقترح «ليفين» أن تعمل لفترات مركزة لمدة 15 دقيقة، تنفصل عن بعضها بفواصل، ويقول: «إن ذهن الإنسان غير مهيأ لعملية التفكير المستمرة».
ويشير إلى أن الكفاءة والإنتاجية في العمل هما الأكثر قيمة من ساعات طويلة من الوقت الضائع أو إنتاجية تتسم بالضعف وعدم الجودة.
ثم هناك قوة أحلام اليقظة، وهذه حقيقة علمية وصفها الكاتب «يونان هرر» في كتابه الجديد «تخيل».
فالعديد من أفكارنا، الأكثر إبداعاً والأكثر إنتاجية، لا تأتي ونحن نحاول إجبارها على القدوم من خلال جلسات طويلة على مكاتبنا، ولكنها تأتي في لحظات غريبة خارج المكتب.. فعلى سبيل المثال، يصف «هرر» كيف أن «دان يدن» صاحب الإعلان العملاق «يدن + كينيدي»، استطاع العثور على الإلهام لماركة «نايكي» الشهيرة «فقط افعل ذلك» في أواخر ليلة ما، بعد تأمل غير مقصود في محادثة أجراها مع أحد الزملاء عن الروائي «نورمان ميلر»، الذي كان قد كتب كتاباً عن القاتل المدان «جاري جيلمور».. فقد كتب «جيلمور آخر» كلماته قبل إعدامه وكانت: «دعونا نفعل ذلك».. دارت في رأس «يدن» تلك الكلمات فذهب إلى مكتبه، واقتنص هذه العبارة، ولم يكن ذلك في ساعات دوامه.
بحث عن العمل
الكثير منا يشعر أنه يجب ألا يضيع الوقت في الدردشة مع زملاء العمل خلال الدوام الرسمي، ولكن زميلي «أندي جرينبرج» كتب عن البحوث التي تبين أن الحديث مع الزملاء يمكن أن يزيد من الإنتاجية ولا يقللها، وعلى وجه التحديد، اكتشف فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور «ألكسندر بنتلاند ساندي» أن العمال الذين يحدث بينهم تواصل مركّز ويقضون بعض الوقت في التحدث مع زملاء العمل، بدلاً من مجرد الطحن بعيداً عن بعضهم بعضاً، يتفاعلون بشكل أسرع، ويشعرون بتوتر أقل وتقييمات أعلى مقارنة مع أقرانهم الذين لا يتبادلون أطراف الحديث في المكاتب.
وأخيراً، هناك أدلة متزايدة على أهمية التحرك جسدياً خلال النهار، وكيف أنه يعزز الإنتاجية.. فقد كتب زميلي «إليسون جريسوولد» موضوعاً عن «جاك جروبل»، أحد مؤسسي «جونسون آند جونسون»، معهد الأداء البشري.
و«جاك جروبل» هذا حاصل على درجة الدكتوراه في علم وظائف الأعضاء من جامعة ولاية فلوريدا، ويصر على أن ممارسة المرء لتمرينات خفيفة أو المشي مرة واحدة كل 30 دقيقة على مدار اليوم يحفز تدفق الدم، ويؤدي إلى موجة من تدفق الأكسجين إلى الدماغ، وزيادة الطاقة ومن ثم زيادة الانتباه.
وبعد فرز أصوات زملائي، واستشارتهم، يسعدني أن أقدم هذه القائمة من الطرق الإنتاجية من أجل الوصول لأقصى قدر من استغلال الوقت والإنتاجية خلال النهار والمساء، وهذا سوف يؤدي أيضاً لأن تتعزز الإنتاجية والشعور بالسعادة، ولكن حذار.. لا تبالغ في أي منها، خذ فترات راحة كثيرة جداً، ولكن لا تدخل في مجال التسويف، وهذه 8 طرق لاستغلال الوقت والوصول لأقصى قدر من الإنتاجية:
1- تجول وتمشَّ حول المبنى الذي تعمل فيه:
تنفس الهواء النقي جنباً إلى جنب مع تغيير المشهد يؤدي لا شك إلى زيادة الإنتاجية.
2- خُذ غفوة:
بعض المكاتب تعتبر الإقدام على ذلك نوعاً من الاستهتار والاستهانة بالعمل، ولذلك يمكنك إغلاق عينيك لغفوة لمدة لا تزيد على 15 دقيقة، وهذا يمكن أن يكون منعشاً للغاية.
3- دردشة قصيرة مع زميل لك:
حتى ولو كان حديثاً روتينياً قصيراً، مثل السؤال عن الطقس أو عن الصحة، رأي سريع وجديد في عمل ما تقوم بتأديته في يومك، يمكن أن يساعدك ذلك على الحصول على رأي ومنظور جديد تنجز به المهمة التي تؤديها.
4- رحلة أو مأمورية سريعة وقصيرة:
مثل المشي حول المبنى، والخروج من المكتب والقيام بأعمال بسيطة تعطي عقلك قسطاً من الراحة، وممارسة ذلك يمكن أن يؤدي إلى تدفق الدم في مخك وجسمك.
5- استخدام فرشاة الأسنان:
يمكن لرمزية إزالة البلاك من الأسنان ومقاومة التسوس أن يكون لها تأثيرات قوية، وخصوصاً عندما تشعر بأنك صرت بطيئاً في العمل أثناء النهار.. ولا يوجد ضير من التسوك مرتين أو ثلاث في أثناء وجودك في العمل.
6- عشر دقائق فقط لفحص «الفيسبوك» و«تويتر»:
هذا ليس مفيداً جداً بالنسبة لك مثل الفائدة التي تجنيها إذا تركت مقعدك، ولكن إشعال العقلية بأمور غير مهام العمل الروتينية يمكن أن يقدم لك استراحة مفيدة.
مع مراقبة الوقت جيداً، وعدم السماح لنفسك أبداً أن تصرف أكثر من خمس دقائق.. وإذا لم تستطع توقف!
7- الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية:
إذا كانت شركتك لديها صالة لممارسة الرياضة، يمكنك الاستفادة منها.
8- الخروج لتناول الغداء:
انطلاقاً من مشاورات ومن عادات زملائي، أدركت أن الغداء خارج المكتب هو عادة لا يحبها الأمريكيون.. ولكن، الدراسات تقول: إنه يمكن أن يكون لتناول وجبة صحية ومغذية خارج المكتب، ومحادثة شخص آخر آثار جيدة على مستويات متعددة.