أطلقت وزارة العدل المحلية في ولاية العاصمة الألمانية برلين مشروعاً تجريبياً لتقديم الرعاية الروحية للسجناء المسلمين الذين يمثلون نسبة ثلث النزلاء في خمسة سجون للرجال وسجن للنساء بالولاية.
وجاء تنفيذ هذا المشروع محصلة لاتفاق تم توقيعه بين وزارة العدل وجمعية الرعاية الروحية للسجناء المسلمين التي تأسست عام 2011م، بمشاركة 6 اتحادات إسلامية رئيسة و28 من مساجد برلين.
ويهدف الاتفاق للوقاية من التطرف بسجون برلين وتفنين الإرشاد الديني لنزلائها المسلمين، ومثل توقيعه تتويجاً لمفاوضات استمرت طوال العامين الماضيين بين الوزارة والجمعية، بعد وصول مفاوضات سابقة جرت بينهما للغرض نفسه إلى طريق مسدود عام 2013م بسبب اعتراض وزير داخلية برلين الأسبق على مشاركة شخصيات مسلمة في إدارة جمعية الرعاية الروحية.
مرحلة تجريبية
ووضعت حكومة برلين المحلية لاختيار الأئمة المشاركين في مشروع الإرشاد الديني في سجونها شروطاً عدة، من أهمها الحصول على مؤهل في الدراسات الإسلامية، والإلمام باللغة الألمانية، واجتياز اختبار أمني لاستبعاد أي علاقة للأئمة المرشحين بالسلفيين.
وسبق بدء هذا المشروع تنظيم وزارة العدل ومصلحة السجون في برلين دورة لتعريف الأئمة الذين وقع الاختيار عليهم مرشدين دينيين بقوانين وقواعد العمل في سجون الولاية.
وفي حديثه لـ”الجزيرة نت”، قال رئيس جمعية الرعاية الروحية للسجناء المسلمين الإمام عمران صغير: إن المشروع الجديد الذي ستشرف عليه جمعيته بمشاركة وزارة العدل المحلية سيقتصر في مرحلته التجريبية الحالية على إقامة صلاة الجمعة مرة كل ثلاثة أسابيع أو أسبوعين، وصلاة العيدين بشكل رسمي في سجون برلين الستة، وتقديم الإرشاد الديني والتواصل والمساعدة في أوقات محدودة لآحاد النزلاء بهذه السجون.
وأوضح صغير – الذي يدير منذ سنوات مشروعاً يعدّ الوحيد من نوعه بألمانيا للمساعدة الدينية الهاتفية للمسلمين – أن الخدمة الدينية الجديدة ستقدم للنزلاء المسلمين بقاعات مستقلة ستخصص لهذا الغرض في السجون.
إمام دائم
وأشار إلى أن مشروع هذه الخدمة سيتم توسعته في مرحلته التالية نهاية العام الجاري، بحيث تتم إقامة صلاة الجمعة كل أسبوع، وتعيين إمام دائم بكل سجن، وزيادة الأوقات المخصصة للإرشاد الديني للسجناء.
ولفت الإمام – المولود في برلين لوالدين مهاجرين قدما من الهند للعاصمة الألمانية في ستينيات القرن الماضي – إلى أن الخدمات الروحية التي ستقدم للسجناء المسلمين ستشمل إضافة لصلاة الجمعة والعيدين، التواصل مع هؤلاء النزلاء حول احتياجاتهم الدينية ومشكلاتهم، والوعظ لأصحاب الحالات المرضية المتقدمة والمحتضرين والإشراف على حالات الوفاة والدفن.
وذكر أن هذه الخدمات نفسها ستقدم للنزيلات المسلمات بسجن برلين للنساء من خلال مرشد ديني، سيتم استبداله بمرشدة مع بدء مشروع الرعاية مرحلته الثانية نهاية العام.
وحسب الاتفاق المنظم لخدمة الرعاية الدينية، أدى الإمام صغير صلاة الجمعة باللغة العربية وألقى قبلها الخطبة باللغة الألمانية في سجن “بلوتسن زيه” البرليني الذي يمثل المسلمون 40% من نزلائه البالغين 364 شخصاً، ودارت خطبة الجمعة الأولى لصغير حول النفاق وعلاماته ودوره في انعدام الثقة بين الأفراد وفي المجتمع الواحد.
مراجعة وخطة
وأبدى نزلاء السجن الذين حضروا الصلاة سعادتهم بتمكينهم من صلاة الجمعة بشكل منظم، وأشاروا إلى حديثهم مع إمام يتميز بطابعه الحيادي والطبيعي ووجود ثقة أكبر بعكس الحديث مع الاختصاصيين الاجتماعيين وموظفي السجن الذين يحرصون أمامهم على إبراز إيجابياتهم.
وفي السياق، اعتبرت الخبيرة الاجتماعية بالسجن البرليني سوزان دريفس أن هناك حاجة لدور المرشد الديني للنزلاء المسلمين في سجون برلين.
من جانبه، شدد الإمام صغير على أن تجربة السجن تكتسب أهمية من إتاحتها الفرصة للنزلاء لمراجعة ذواتهم والتفكير ببدء مرحلة جديدة بعد خروجهم.
ورأى أن ممارسة المرشدين الدينيين والاختصاصيين الاجتماعيين دوراً في مساعدة النزلاء في وضع خطة ناجحة للمرحلة الجديدة يمثل مكسباً لهؤلاء النزلاء وللمجتمع.